تحقيقات وتقارير

(هس) مولانا..لتطمين الوطني أم لإخراس الصقور؟!

[JUSTIFY]توجيهات مولانا الميرغني التي أعلنها، بمنع أعضاء حزبه من الإدلاء بأي حديث للإعلام حول استمرار المشاركة في الحكومة من عدمها ، قاصراً الحديث عن استمرار المشاركة من عدمها على رئيس الحزب والهيئة القيادية فقط، أثارت الفضول ،بسبب وسيلة مولانا في إصدار توجيهه الحزبي عبر الإعلام.. لتكتنف الساحة قراءات متعددة حيال خطوة مولانا وتوجيهاته، خصوصاً وأنها جاءت عقب لقائه بالرئيس البشير في أجواء وصفت بالمتوترة من قبل المراقبين في سماء شراكة الحزبين حكومياً..
ويبدو أن ما دفع مولانا لاتخاذ خطوة (الإخراس) تلك، تململات صقور حزبه المكشوفة إعلاميا ،ولسان حالهم (وجعني في البحر السكات) متخذين من الرفض المعلن موقفاً إزاء مشاركة حزبهم في الحكومة منذ بدأت إرهاصاتها، مسببين حالة من عدم الاستقرار الحزبي، تزايدت مؤخراً عقب توقيع اتفاق الشراكة بين حزبهم والمؤتمر الوطني ودخولها حيز التنفيذ.. ولعل ما يدفع للدهشة في توجيهات مولانا الميرغني، أنها جاءت بعد فترة طويلة من (التطنيش) المتعمد، ولسان حاله(أسمع ضجيجاً ولا أرى طحيناً) قابل بها تململات صقوره.
مراقبون اعتبروا خطوة مولانا طبيعية من جانب توحيد خطاب الحزب، والحفاظ على شكله جماهيرياً، كونه رئيس الحزب ومن حقه الأصيل إصدار التوجيهات الحزبية والتنظيمية، وتعد استثنائية من جانب آخر، لجهة أن مولانا الميرغني لم يعهد عنه طيلة مسيرة الحزب الاكثار من إصدار توجيهات للمؤسسات الحزبية الداخلية أو لعضويته جماهيرياً أو إعلاميا، مسجلاً بذلك سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ مسيرة الحزب الاتحادي خلال عهده، مثيراً سؤالاً جوهرياً حول دوافع مولانا لاتخاذ الخطوة الأصيلة إعلاميا ! ومدى التزام أعضاء الحزب بموجهات مولانا كونها تمس موضوع المشاركة كثيف الجدل !
ناشطون بصفوف الحزب الاتحادي وملتزمون، يرون أن مولانا رئيس الحزب ،وهو المعني بتقدير مصلحة الحزب وتحديد خطه ومدى ملاءمة المرحلة للخط السياسي والإعلامي للحزب ،وبالتالي فلا مناص من تنفيذ موجهاته ولا فرار من الالتزام بها..
وفي الوقت الذي يرى منسوبو الاتحادي أهمية الالتزام بقرار رئيسهم، إلا أن مراقبين يرجحون إصدار مولانا الميرغني لتوجيهاته الحزبية الأخيرة، بسبب تحفظ قيادات الوطني على أحاديث وتصريحات الكثير من قيادات الاتحادي سواء الرافضين للمشاركة ، أو الرافضين لشكل التنفيذ الحكومي لاتفاق الشراكة من جانب الوطني، مما يؤثر على روح الشراكة التي يفترض وفاقيتها وانسجامها بين الطرفين، بإخفاء مطبات التنفيذ العملي للاتفاق عن الإعلام ، وقطع الطريق على (الشمات) من تيار الرافضين في الحزب الإتحادي، المدعوم من تحالف المعارضة.
المحلل السياسي إيهاب محمد الحسن، يرى أن مولانا أراد بتوجيهاته التي حملها الإعلام ،بث تطمينات للمؤتمر الوطني بالمضي قدماً في خط المشاركة وعدم الالتفات للأصوات النشاز الرافضة أو المقللة من شأنها ،لتجد تلك التوجيهات صداً ايجابيا لدى الوطني. وقال لـ(الرأي العام):(المؤتمر الوطني أحرص على هذه التصريحات من مولانا، لجهة أنها تسكت أصوات القوى السياسية التي أخذت تقلل من حجم التغيير والتحول الديمقراطي والانفتاح الذي يتحدث عنه الوطني ،بالتقليل من أثر مشاركة الحزب الاتحادي تنفيذياً وتصفها بالصورية) .. وأستبعد الحسن صدور الموجهات عن مولانا وان جاءت ممهورة بتوقيع مكتبه ، وأضاف(هي محاولة لتيار المشاركين لاستخدام وتوظيف سطوة مولانا في حسم صراعهم مع تيار الرافضين داخل الحزب ، فمولانا الميرغني نفسه زاهد في المشاركة ، وليس حريصاً عليها إلا بمقدار ما يحقق المصلحة الوطنية، ما يجعله دائماً على الحياد في صراع التيارين داخل حزبه، ولجوئه للحسم التنظيمي في هذا الأمر، مستبعدا بحكم حرصه على الحوار الداخلي).
القيادي الاتحادي صلاح الباشا رفض اعتبار موجهات مولانا إعلاميا ،رسالة للوطني ، وقال لـ(الرأي العام) :(رسالة مولانا لقيادات حزبه بعدم التصريح خارج مؤسسات الحزب ، والقصد منها إحداث نوع من الانضباط التنظيمي الحزبي لقياداته التي برزت تصريحاتها بكثرة في الآونة الأخيرة ، في الوقت الذي توجد به مؤسسات حزبية معنية بتوضيح موقف الحزب في العديد من القضايا التي تستوجب التوضيح أو التعليق). وأضاف(تأتي الإجراءات حتى يكون هناك نوع من المؤسسية وتحافظ على وحدته وانضباط قيادته طالما كانت قيادة الحزب ترى أن هناك فائدة للوطن من المشاركة).
وأعتبر الباشا أن التصريحات حول المشاركة سلباً ،لا ضرورة لها من قبل قيادات الحزب .وبرر ذلك بقوله(المشاركة لا تعني أن يوافق الاتحادي على سياسيات يراها خاطئة من الوطني ، ومن المعروف أن الحزب وقع اتفاقاً للمشاركة ، وبالتالي إن حدثت تراجعات في تنفيذ الاتفاق ، فان الحزب لن يتوانى في تنبيه الوطني بأية تجاوزات أو إهمال قد يحدث للاتفاق بين الطرفين).
لكن مصدرا قياديا بالحزب الاتحادي – فضل حجب اسمه- لـ(الرأي العام) ، قطع بأن الخطوة التي أقدم عليها مولانا هي مقصودة لذاتها ،وتستهدف ما يسمون بصقور الحزب الرافضين للمشاركة. وقال(مولانا سعى بتوجيهاته الحزبية تأكيد سيطرته على الحزب في ظل تنامي التمردات في مواجهة قراراته الفترة الماضية ، وازدياد تفلت العضوية خصوصاً الولايات التي رفضت المشاركة ،كما أن الخرطوم تتعامل معها كأمر واقع، بالإضافة لارتفاع الأصوات التي تتحدث عن أن مولانا لا يمثل الحزب ،أو تلك التي تقول إن ثمة تزويرا لإرادة الحزب). ويرى القيادي الرافض للمشاركة أنه بغض النظر عن مدلولات الخطوة وفحواها وتوقيتها ، إلا أن طبيعة الحزب الاتحادي وما هو معروف عنه ، تجعل من المستبعد أن يكف الاتحاديون عن التعليق على مجريات الشراكة ، طالما تلقي بأثرها على موقف الحزب وطنياً ، مراهناً على أن الصمت في حد ذاته إذا حدث ، فهو يأتي في سياق ترتيبات أخرى ، بالتأكيد ليست في صالح المشاركين . مستبعداً أن تقود اختلافات وتفاعلات الحزب الاتحادي الأصل الى الانقسام أو الخروج عن عباءة مولانا ، مكتفياً بعبارة(هذه هي حال الحزب الاتحادي على مر التاريخ ، تحدث الخلافات وتتفجر داخل البيت الاتحادي ،لكنها دوماً تظل داخل البيت الاتحادي).
[/JUSTIFY]

الراي العام