طه كجوك

أرواح تُـزهق إهـمالاً !!


[ALIGN=CENTER]أرواح تُـزهق إهـمالاً !![/ALIGN] الأمر ليس كونه إنسان يموت !! كلا ثم كلا .. يقول الحق عز وجل ( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ) وانشد الشاعر كعب بن زهير( كل ابن أنثى و إن طالت سلامته يوما على آلة حدباء محمول.. فالموت سبيل كل حي ولكن طريقة الموت التي يتسبب فيها الإهمال واللامبالاة تخلد في النفس شئ من الحزن العميق.. فأي إهمال وأي تهور هذا الذي توشحت بسواده الأسابيع المنصرمة !! ارتفعت مناسيب الحوادث المرورية وأصبح الموت يأتينا من كل حدب وصوب، وفِيّات جماعِية بَراً وبحراً وجواً وكأنها ضحايا لمقاتلات تشن غارات جوية وبريه وبحريه؟؟؟.. ما إن توارتْ أجساد ضحايا الطرق السريعة حتى بدأت العبّارات النهرية التي أبت نفسها إلا أن تشارك الوطن وشعبه معمعة الأحزان تارة على النيل الأزرق وأخرى على النيل الأبيض وتبدأ في حصد الأرواح حصد السنابل بلا هوادة وتتشابَي لتحطيم الرقم القياسِي الذي تحقق على مدرجات المطارات في أبشع الحوادث المأساوية ..!! أرواحُ تصعَد إلى بارِّئِها وقد تقطعت أجسادها وإخْضَوّضَب الأسفلت بدمائها الذكِيّة ومِنها ما كانت مأدبة لأسماك وزواحف الأنهار و تراكم الطمي على ما تبقى من عظامها ومنها ما كانت أدهى من ذلك واحترقت لُحومها وشُحومُها على مُدرجات المطارات.. ولا مواقف تُتخذ من الجهات المختصة.. إن الله قد سخر للإنسان جميع ما فى الكون وهذا إن دلّ إنما يدل على إكرامه للنفس البشرية هذا على وجه العموم ، أما وجه الخصوص وما أدراكم بالنفس السودانية!! إن الإنسان السوداني غالِى بما تحمله دواخله من صفات نادرة لا تجدها في باقي الشعوب، فهو الصابر في البأساء والضراء، الشهم الشجاع الذي لا تأخُذُه في الحقِ لومهَ لائِم ، إنسان واحد ربما تستهين به ولكن إذا كشف عن دواخِلِه تجده أمّةٌ في العلم وقاموس للحِكمة وبلسم شافِي لغائرات الجروح.. هو الأسمر ذو القوام العالي الذي أتى من نتاج مزيج الدماء العربية والأفريقية، وبالمقابل يفضل الموت خير من الهيمنة والاستبداد فتلك هي الأرقام السرية التي تحرك فيه ذبذبات الشهامة والشجاعة فيتحول شجاعاً أقرع تهون الدنيا أمام ناظره ولا يهاب الموت ورغم ذلك تبكيه أنات طفل جائع وتشجيه ضحكاته.. وتشاركت حواء التي خلقت من هذا الإنسان كل هذه الصفات وهيأة له الأجواء ليمارس هذه الصفات الحميدة في حياته!!! إنسان بهذه المواصفات ألا يستحق المحافظة عليه!!
لابد من إيجاد الحلول والاقتراحات ووضعها موضع التنفيذ بإقامة ورش عمل يتم من خلالها توعية المواطنين وخاصة شرائح السائقين والمضيفين في البصات السفريه والعبّارات وتدريبهم على كيفية التصرف النموذجي حيال وقوع الحادث وتوعيتهم بأهمية وسائل السلامة وأخطار الحوادث وكيف يمكن تفاديها، وترسيخ ثِقل المسؤولية على السائقين ليراعوها حق رعايتها بالتأكد من وسائل السلامة للمركبة سواء أن كانت على تسير على مهد الأرض أو بين الأمواج..وكذلك تدريبهم على كيفيه تقديم الإسعافات الأولية للمصابين قبل وصولهم إلى أقرب مركز صحي.وربما تكون هذه الإسعافات هي الفاصل بين حياته أو موته.. فأقل ما تنتجه هذه التدريبات هو الحد من الحوادث والسلامة من آثارها السلبية. ورغم ضعف إمكانيات الوطن إلا أن ذلك لا يغفر له تلك الأحزان والأنّات المتوالية التي توارت خلفها ضحكات الأطفال و خلفت أرامل وثكالى ويتامى وقد نزعت من وجوههم بهجة الحياة وأطفأت فوانيس السعادة بين أركانها منازلهم وقلبت حياتهم رأساً على عقب.

طه كجوك – ثمرات من النخيل
kjouk@hotmail.com