أ.د. معز عمر بخيت
رسالة لمحمود عبد العزيز مطرب أفريقيا والقارات المجاورة الأول
وسط هذا الإفتراء على الألقاب الفنية يبقى هناك لقب حقيقي يجب أن يمنح لمطرب سوداني موهوب ومبدع وساحر وهو الفنان العملاق محمود عبد العزيز الذي دون شك هو مؤهل لأن يكون مطرب أفريقيا والقارات المجاورة الأول وهو بحق يستحق ذلك ويتخطاه إلى ما أكبر وأعظم لولا ظروف الوطن القاهرة وظلم ذوي القربى وأصدقاء السوء.
في مقال سابق تحدثت عن مستنسخ بشري لمطربنا الرائع محمود عبد العزيز ووضحت أن الإستنساخ هو إنتاج نسخة مشابهة للأصل أو مطابقة لمعظم مواصفاته و هو بالتأكيد يحاكي الأصل ولكن لا يحمل قيمته الحقيقية. ولقد عرف العالم منذ القدم الإستنساخ في جميع أشكاله فيما يتعلق بالفنون و غيرها. فعلى سبيل المثال يتم استنساخ الأعمال الفنية للمبدعين كاللوحات والتماثيل والكتب وأيضاً قطع الغيار وحتى الإنفعالات وأشكال الهوس المختلف. كل هذه المستنسخات نحن في السودان نجيد صنعها و نتفوق فيها على جميع أنواع التكنولوجيا العصرية. فإذا تمخضت لديك فكرة عبقرية و قررت فتح دكان في زاوية منزلك العامر أو شراء ركشة أو دفار أو خلوة تستجلب فيها الخدام لفك العمل و العارض أو فتح محل اتصالات أو بلياردوا سيتم لا شك استنساخ عجيب لهذه الممارسات الأعجب و ستجد كل من حولك (قدّر ظروفك).
وفي زيارة سابقة لي للولايات المتحدة الأمريكية لحضور مؤتمر طبي ذهبت علي هامش المؤتمر لمحل تجاري لأحد الإخوة ويقوم ببيع منتجات سودانية أصلية ومستنسخة وحينها قررت شراء شريط كاسيت لمطربنا العملاق محمد ميرغني و آخر لمحمود عبد العزيز لإهدائهم لطبيبة أمريكية كانت قد زارتني بالسويد و التقت بالأستاذ محمد ميرغني أثناء قضائه لإجازته معي بالسويد و استمعت تلك الدكتورة لأغنياته و أعجبت بها أيما إعجاب واستمعت أيضاً لشريط كاسيت لمحمود عبد العزيز وذكرت لي بالحرف أن هؤلاء المبدعون لو كانوا في نيوأورلينز لفاقوا مايكل جاكسون شهرة. بعد أن تحصلت في ذلك المحل الكائن بڤرجينيا على شريط حلو العيون لمحمد ميرغني لم أجد للأسف شريط لمحمود عبد العزيز وعندما رأت البائعة الحزن النبيل على عينيّ قالت لا تحزن فلدي البديل. تملكتني الدهشة في البدء إذ أنني كنت أعتقد أن البديل يكمن فقط في الدواء و الإسبيرات لكنني استدركت بأن البديل ربما يكون نسخة سوداء لشريط محمود الأصل إلى أن فوجئت بالبائعة تزيل الغلاف الشفاف عن شريط أصلي وتدخله في الجهاز لأستمع لمحمود عبدالعزيز. فقلت لها في تعجب بالغ ما معنى هذا؟ قالت لي هذه نسخة أصلية لجنين بشري تم استنساخه من محمود ومثل هذه العمليات تجرى للعديد من الفنانين فمستنسخ فرفور مثلاً الآن في الأسواق ومستسنسخ زكي جمعة لا يزال في المختبر الفني (مين زكي جمعة دة؟) و حيث أنني وعدت الدكتورة العزيزة بشريط محمود قمت بنزع صورة الغلاف و قدمته لها. أعجبت الدكتورة الأمريكية بمستنسخ محمود على أنه محمود ولكن عندما اقتضت الأمانة العلمية اخبارها بالحقيقة – فلقد كنت أخشى أن يصاب مستنسخ محمود بالشيخوخة المبكرة كما حدث للنعجة دوللي فتظن الدكتورة فينا الظنون – اعتذرت لي بأدب عن قبول النسخة المستنسخة لمحمود لأنها مسألة مبادئ بالنسبة لها و طالبت بالأصل الذي وعدتها أن يأتيها قريباً بالبريد.
وأنا أستعيد كل هذه الذكريات شاهدت مطربنا العظيم محمود عبد العزيز صاحب أكبر شعبية تحصل عليها مطرب سوداني على مر العصور وصاحب الأداء الجميل المتفرد من نفس الولاية الأمريكية التي رويت القصة أعلاه منها مع فرق عظيم. كان ذلك عبر برنامج أغاني وأغاني التي كان محمود، رغماً عما بدا عليه من إرهاق وتعب وجسد نحيل مرهق، بطلها وسيدها دون منازع. وأنا على يقين أن القائمين على أمر البرنامج أرغموه بطريقة ما على الحضور والمشاركة لكسر الرتابة عن البرنامج ومنحه وهجاً جديداً لكن كل ذلك كان على حساب الأسطورة محمود عبد العزيز. أحس بأن هذا الشاب يحاربه أدعياء الفن ويضعون الشوك في طريقه وتحاربه السلطة وتعرضه لمهانات عديدة لا يستحقها. محمود يجب أن يلقى الرعاية من الدولة ومن أهل الفن بمختلف توجاتهم ومن كل الأمة وأنا من هذا المكان أوجه له دعوة صادقة ومن القلب أن يحضر للبحرين بعيداً عن الفن والأصدقاء والمعجبين في زيارة خاصة أعده فيها بأن يعود بعدها لوطنه كما كان رائعاً ونقياً وجميلاً ومعافياً من كل سيئات الآخرين ليصبح بحق وحقيقة فناناً عالمياً بلغة سودانية جديدة ومتفردة.
وانا أكتب هذا المقال وردتني رسالة من الشاعرة الجميلة سلمى على محمد الحسن والمقيمة في دنفر – كلورادو بالولايات المتحدة الأمريكية وهي تعتبر أن محمود لم يخلق له مثيل في ساحتنا الغنائية وتحدثت في رسالتها عن كل مارويته أعلاه وختمت الرسالة بقصيدة رائعة مهداة لمحمود أفرد لها هذه الساحة عبر مدخل للخروج تعبيراً عن مدى الحب الصادق لهذا الشاب الفريد والموهوب بحق وحقيقة وأبسط دليل على ذلك هؤلاء الملايين من المعجبين الذين لم ينل عشرهم أي مطرب سوداني منذ فجر التاريخ.
مدخل للخروج:
بتأملك
و اتحدى بيك كل البيقول
كان وإنتهى و أرجع وأقول
مين بشبهك
وأتحدى بيك كلّ القديم
والجاي جديد والقال نساك
والقال سلاك والودّعك
واتأملك
وألقاك عصفوراً حنين
في رقة ساكن عشتك
ألقاك زي كروان بتصدح
بالجمال في كلمتك
والقاك شامخ زي جبل
كل الصعاب ما هزّتك
وألقاك زي طفلاً صغير
همّك غناك و فكرتك
صابك رشاش
من ناس قراب
شوّش عليك وأربكك
خلاك شارد في حزن
همّاً تقيييل العذّبك
و طريق صعاب
و فراق قراب
هدّاك لمن أنهكك
بس إنت أقوى من الأسى
وربك كريم ما بهمّلك
والقالو فيك وقالو ليك
مابضرك ابداً بينفعك
والناس قلوبا معاك وليك
وإن كان عترت بنسندك
بنكون معاك ونقيق وراك
كل القلوب الحبّتك
راجياك ترجع زي زمان
وانشالله يوم ما نفقدك
بنغني ليك وندعو ليك
و مستحيل كان نخذلك
قول لينا صافينا الوداد
ورينا إيه الغيّرك؟
إن كان فقدت عزيز عليك
مكتوب مسطّر يسبقك
حزنك عليو ما هو البيفيد
بيكفيهو صافي مودتك
أهديهو إحساسك إليو
أهديهو صادق دعوتك
وإن كان جفاك زولاً عزيز
أنسى وأبد ما يأثّرك
خليهو “في ستين” يروح
خسران و ما بيستاهلك
وإن كان ألم أو كان ندم
مابسوي يسرق بسمتك
ما تحمل الأسي في القلب
واهتما لينا ب صحتك
ما تشيل هموم
ما تجافي نوم
عيش الفرح في دنيتك
عايشين أمل يوم بكرة بيك
والجاي أحلى ومافي شك
آلاف معاك بتخاف عليك
و قلوب كتيرة بتعشقك
خايفين و قلقانين عليك
متلهفين لي فرحتك
ماشين وراك
شايلين غناك
ومغرمين بمحبتك
أسعدت مليون بي غناك
ياريتنا نقدر نسعدك.
(سلمى على محمد الحسن)
معز البحرين
عكس الريح
moizbakhiet@yahoo.com