تحقيقات وتقارير

مشـروبات الطاقة.. الاستخدام لأكـثر من غـرض!!

[JUSTIFY]في عالم صاخب يضج بالحركة ومتلهف للحصول على «الطاقة» من مصادرها المتنوعة من البقايا الاحفورية والبترولية وحتى الشمسية.. بات العالم يسعى وراء الحصول على القوة.. واكثر فئات المجتمع حاجة الى الطاقة هم الرجال.. وفي ظل حياة متسارعة ومتغيرة تبدأ منذ الصباح للحاق بالمواصلات وانتهاءً بواجبات العمل المهلكة للذهن والجسد.. توجه السودانيون الى مشروبات الطاقة التي يروج لها بعبوات جذابة مستديرة ومستطيلة الحجم وبإعلانات من نجوم الرياضة والفن.. «الصحافة» كانت في رحلة البحث عن جرعة طاقة لأذهان وأجساد الشباب والشيوخ الظامئة لمن يعيد اليها نضارتها، لتكشف سبل الترويج له باستخدام عبارات براقة تلامس معاني الذكورة.
ومشروب الطاقة منتج جديد ظهر أخيراً في الأسواق، يروج له على أنه يعمل على رفع مستويات النشاط الذهني والجسدي، وظهرت أول علامة تجارية منه عام 1977م في الولايات المتحدة الأمريكية، وازدهرت صناعته واتسع انتشاره حتى وصل إلى أكثر من «500» علامة تجارية مختلفة، وبالرغم من أن تلك المشروبات تستهدف فئة الشباب من عمر 18 إلى 35 الا الجميع بدأ في إدمانه من صغار السن الى الشيوخ.
وتحاول شركات مشروبات الطاقة جذب انتباه الرجال بالمفردات التي توحي بالطاقة والقوة والجاذبية، وفي الغالب باستخدام عبارات تنفذ الى عقل الرجل مثل انه «مطور لحالات الاجهاد البدني والذهني» او «معزز للأداء» و «يرفع من قدرة الجسم على الاستجابة !!».
على أن قدرة التسويق لتلك المشروبات تأتي من اختيار اسماء المشروبات التي تستهدف العقل الباطن للذكر .. ومعظم أسماء مشروبات الطاقة تستمد من أسماء ذكور الحيوانات خصوصاً الثيران، فهناك مشروب الثور الاحمر «الرد بول» وثور البايسون الامريكي العملاق «البايسون» والديك الأحمر «رد روستر» وقوة الجواد «هورس بور» والكلب المجنون «ماد دوق» واستجابة القرش الأبيض «شارك ستميولشن». ويلاحظ ان تلك الاسماء تركز على الجانب الغريزي لذكور الحيوانات من اجل الاستحواذ على قلوب وعقول ذكور بني البشر.
وهناك بعض اسماء مشروبات الطاقة تركز على الشباب من خلال الربط بين التقدم التكنولوجي في مجال الاتصالات والمعلوماتية، والقدرة على الانجاز والتحمل الذهني والجسدي، فمثلاً هناك طاقة الوحش «مونستر إنرجي» ومشروب إعادة التحميل «ري لود» ومشروب الشاحن الأزرق «بلو جارج»، بل هناك مشروب يسمى بطارية «باتري» وآخر يدعى التأثير «إفيكت» والطاقة المفقودة «لوست إنرجي».
ويمتد تأثير أسماء تلك المشروبات الى عالم السيارات والعاملين في صيانتها «الميكانيكية»، فقد صدرت مجموعة منها تحت أسماء الطاقة «بور» أو مارينا ذات الماكينة التيربو «مارينا تيربو»، وهناك مشروب يدعى سرعة «سبيد» حريق «بيرن» وحتى الضغط الى الآخر على دواسة البنزين «فول ثروتل». ومن المعروف أن سائقي وميكانيكي السيارات يحبون السرعات العالية بالضغط على دواسة البنزين الى آخر مستوى، وكذلك يفضلون ماكينات التيربو التي تصل الى اقصى سرعة في لحظات،
ولا يتوقف عالم اختيار اسماء مشروبات الطاقة على قوة الماكينات، فهناك اهتمام بالجبال والصخور باعتبار أنها تدل على القوة والقدرة على التحمل، فهناك مشروب طلة الجبل «ديو مونتاين» وآخر يسمى الصخرة «ذا روك»، وبالطبع عالم الانفجارات والاسلحة له مكان لدى منتجي تلك المشروبات، فهناك مشروب انفجار «بوم بوم» ومشروب الطلقة او الرصاصة «ذا بولت».
وبلغ معدو أسماء مشروبات الطاقة حدود معرفتهم، عندما وصفوا مشروباً باسم دفق الادرنالين «ادرنالين رش» والعين الحمراء «رد آي». ومن المعروف في علوم التشريح ووظائف الأعضاء أن هرمون الادرنالين يفرزه المخ ويتدفق الى اعضاء الجسم خلال ثانية في حالات الطوارئ، ليتيح للشخص وسيلتين الهرب او الاستعداد لمواجهة الخطر، فيرتفع معدل نبض القلب ويزداد التعرق وتنشط الحواس، بينما العين الحمراء تعني كوامن الشر عند الشخص الغاضب او متعاطي المنشطات والمخدرات، وعند البعض تعني قوة الرجل في مقابل الآخرين وخصوصا النساء.
ترى هل أدت تلك الاسماء الى الترويج للمشروبات؟ وهل تلك المسميات حقيقية؟ والشاهد ان الاسماء استطاعت جذب الجميع الى إدمان مشروبات الطاقة، بيد أنها في الحقيقة لا تساوي ثمن العلبة التي تحتويها بشهادة الاطباء والمختصين .. ودوماً يوصينا اهلنا الحكماء والمجربون بأن «علوق الشدة» ما بوصل!!
[/JUSTIFY]

الصحافة – عبد الوهاب جمعة