منى سلمان

ما شقّا حنكاً ضيّعو

[CENTER][B][SIZE=5]ما شقّا حنكاً ضيّعو [/SIZE][/B][/CENTER] [SIZE=5] كثيرات هي محيرات العقول في الزمن العلينا وما يتحيّر إلاّ مُغيِّر، وخوفا من الإنتساب لجماعة (المغيِّرين)، تجتهد العقول في محاولة فك طلاسم تلك المحيرات وأولها السؤال الجدلي كيف يمكن لمن مرتبه لا يتجاوز الثلاثمائة جنية أن يعرس ويفتح بيت؟ وكمان يصرف على أسرته الممتدة والمنقطعة والمقطوعة معنى؟!! (معنى) هنا معناها (قصد) أو عمداً.. سمح!!
الجواب المنطقي للسؤال المعضلة هو في كلمة السر.. (بالبركة)، فما بين الفهلوة وقلب الهوبة واللعب بـ (بيضة) الماهية و(حجر) المديونية، يمتط قماش الماهية البلاستيكي ليغطي سوءة الشهر، وقد يبقى منها (بقية) تنقل لحسابات الشهر الذي يليه.. كيف ده؟ الله أعلم!! فحكمة ود أب زهانة (ما شقّ حنكاً ضيّعو) تفي بإزالة شئ من وهدبة فهم الغلوطية!!
طلب مني أحد القراء الكرام، أن أعمل على لفت النظر لبعض الممارسات التي تتم في (بعض) مؤسسات الاستشفاء الحكومية، وحكى عن تعرض أسرته ومعهم آخرون لخداع إبتزازي، حيث يتم إيهام ذوي الحامل التي تحضر للوضوع لحاجتها لعملية قيصرية، ويطلب منهم إحضار مستلزمات طبية بـ (مبلغو وقدرو)، ثم يفاجأ الأهل بأن إبنتهم (إنحلت بالسلامة) فلا يفكر أحد منهم في المطالبة بمشترياتهم للوازم العملية..
طبعاً تلك التصرفات الإبتزازية ليست بالجديدة على مرتادي أقسام (القاينا) في المشافي عامها وخاصها إلاّ من اتقى الله منهم في عباده العيانين، فقد كان الأمر يقتصر على الطلب من ذوي (التقيلة) أن يحضروا مستلزمات الوليد.. زجاجة كاملة شاملة مختومة من زيت السمسم الأصلي، وصابون فنيك تحول مع الحضارة لـ لايف بوي وديتول، وبدرة أطفال، بالإضافة لـ (الذي منو) من إحتياجات النفساء ووليدها والذي لا ينوبهم من تلك الشيلة المصغرة شئ، فسرعان ما تختفي تلك الأشياء تحت التربيزة لإعادة بيعها لاحقاً، ويتم مسح الصغير بـ (جلقة زيت معتت) ويلف ليسلم لوالده مخصوص.. ووجّه المخصوصية هو لزوم الحصول منه على حق (البشارة) والذي بدوره كان مسألة ذوق، فتحول مع المعايش الجبارة لـ (اتاوة) واجبة الدفع، وإلا فسوف ترى حرمكم المصون الويل وسهر الليل جراء بخلكم الذميم..
بلاء العيش بـ (السفلقة) و(الفهلوة) ليس مختصراً على هذا المجال فقط، ففي أغلب المصالح الخدمية لا تستطيع أن تنجز معاملة بأخوي وأخوك، دون أن تمتد يدك لجيبك بالحافز و(حق الشاي)..
أما من يخاف الله من ذوي الدخل المهدود، فيبرعون في معالجة فروقات الدخل والمنصرف بـ (لعبة الطواقي).. تستلف من مرتب الشهر القادم لتكمل الشهر الحالي، وتعيد تدوير الديون بدَينٍ جديدٍ تسدد منه الالتزامات القديمة وتنعش إقتصادك (في السليم)، وبين القوسين لأنّ هناك إعادة إنعاش وتدوير للديون بـ (الكسر).. وقديماً تعوز أهلنا الطيبين من شر (الولدة الخاسرة والبيعة الكاسرة).. ما كانوا قايلنها بتبقى سوق مواسير عديل!!
إبتلاء تزايد الغلاء وإرتفاع الأسعار الأجن من الجنوني، زاد طين (المجابدة) بلة، فبسبب الغلاء زاد عجز الفقراء، وقَلّ بذل ذوي العطاء، وتضرّر المساكين والضعفاء.. اللهم أكفينا شر غضبك وبلاك..
نحن نعلم أن ضيق الرزق وسعته من أقدار الله تعالى على عباده، فهو يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويضيق على البعض لحكمة بالغة، ولكن من أعظم أسباب سعة الرزق تقوى الله تعالى بإمتثال أوامره واجتناب نواهيه، ومنها أيضاً صلة الرحم، وكثرة الإنفاق في سبيل الله والصدقة، فلا يمكن أن نسعى لإصلاح وضعنا الإقتصادي، وتفرج (كربتنا الماهيوية) بالسرقة والسفلقة والإبتزاز، فالتعامل بالربا مثلاً من مسببات ضيق الرزق ومحق بركته، كما وأن أعظم أسباب ضيقه هي معصية الله تعالى، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه.
المهم يا جماعة.. سعة الرزق أو ضيقه، تعني بالدرجة الأولى ما يطرح من البركة في ما رزقنا الله به وما نتمتع به من السعادة والطمأنينة وراحة البال.. كان فضل فيها راحة بال.. على قول أمي لا راحة في الدنيا ولا فرار من الموت!!

[/SIZE]

منى سلمان
[email]munasalman2@yahoo.com[/email]