مقالات متنوعة

لا … للمديرين المحنطين


[ALIGN=CENTER]لا … للمديرين المحنطين[/ALIGN] فن التحنيط هو صناعة فرعونية قديمة تميز بها المصري القديم من أجل المحافظة على الجسد بعد الموت ، وكان يمارسه في معامل خاصة مصممة لتلك المهمة عُرفت بالمكان الطاهر بالبر الغربي للنيل وهو مقسم إلى ثلاث فئات ، ويختار أهل الميت الفئة التي تلائمهم حسب طبقتهم الاجتماعية وقدرتهم المالية ، فكان عِلية القوم وكبار الموظفين يتميزون بالحصول على أنواع التحنيط الراقية ، والدفنات المتميزة ، وبالرغم من مضي آلاف السنين على اندثار هذه المهارة واختصاصها بالأموات فقط ، إلا أن ما يلفت الانتباه ويثير الدهشة أن بيئتنا الإدارية أخذت تبعث الحياة في هذا الفن من جديد ، ولكن باستخدامٍ مغايرٍ لاستخدامه السابق ، فصار لدينا ما يُعرف بفن (تحنيط الأحياء) أو بمعنى أدق (تحنيط المديرين الأحياء) مع اعتراضي على كلمة (أحياء) التي لا يدل عليها سوى أجسامهم المترهلة ، أما أرواحهم وأفكارهم فهي قد تحجرت وتحنطت منذ زمن بعيد ، وهذا يعني أننا نكرس لسياسة الجمود والتخلف ومركزية السلطة وحب التسلط وهي سياسات فاشلة وعقيمة تورث النكبات وتجر الويلات على أي إدارة تتبناها ، فالشيء البدهي أن توجد مرحلة التجديد والتغيير من حين لآخر حتى تدفع عجلة الحياة نحو التطور والرقي والتقدم .
فليت شعري ، إلى متى نظل تحت رحمة هؤلاء المحنطين الذين ابتليت بهم كثير من إداراتنا وأجهزتنا ، حتى اشتكى منهم الموظف ودعا عليهم المراجع ، ولا أحد يجرؤ على محاسبتهم أو مراجعة استحقاقهم لمناصبهم التي استولوا عليها في غفلة من الزمن بضربة حظ أو مسحة جوخ ، إنني في أحايين كثيرة أتساءل بيني وبين نفسي عن مدى حاجتنا لهذه الأجهزة الرقابية الكثيرة الغائبة عن المشهد اليومي لحياتنا العملية ، وكأني بها قصدت أو لم تقصد إنما تبارك بسلبيتها وتقصيرها لهؤلاء المحنطين خطاهم وتدعم مسيرتهم في التمادي والعبث بمقدَّرات الأمة واستنزاف كل مواردها الظاهرة والباطنة لخدمة ذاتهم والمقربين منهم ، بل إنها تتجاوز ذلك إلى تأييدها لهم في البطش بكل من يجرؤ على تعكير صفوهم أو الوقوف أمام تطلعاتهم وأحلامهم النرجسية ، إنهم وبكل أسف قد أمنوا العقوبة فأساءوا الأدب

أحمد بن محمد اليماني
كاتب سعودي
alyamani905@yahoo.Com