منى سلمان
حالة مستعجلة :زواج بعد منتصف الليل
زواج بعد منتصف الليل [/ALIGN] [ALIGN=JUSTIFY]شدني الاستطلاع الذي اجرته (حكايات) على صفحة نادي المطلقات عن معاناة الاطفال عند انفصال ابويهم بالطلاق، فرغم الانعكاسات السلبية للانفصال على نفسيات الطفل، الذي لا يتفهم السبب في كونه مختلفا عن غيره من الاطفال الذين ينعمون بصحبة ابويهم، حتى وان كان أولئك الابوين في حالة (الشحمة والنار) وعلى طول الخط (شيطتهم) واصلة لـ رب السماء.
كلما وقع ابغض الحلال بين زوجين، سارع هواة اصلاح ذات البين بالتدخل لاعادة المياة لمجاريها، رغم أن تلك المجاري غالبا ما تكون كـ مجاري ولايتنا السعيدة غير قابلة لجريان أي مياه فيها .. فوجود الاطفال بين المطلقين تجعل من أمر عودتهم القسرية (كسر رقبة) ..
يقول الله سبحانه وتعالى (وان يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما) وبالتالي قد يكون الطلاق وسيلة تفريج عن الانفس بعد ان يعوض الله كل من الطرفين بالخير حيثما كان ثم يرضهم به، أما الاطفال اذا كان الانفصال حضاريا وذلك من خلال وعي الطرفين بان لا يجعلوا من اطفالهم (كرت ضغط) ووسيلة تشفي، فأن من الاصلح اذا وقع ضرر الاختلاف بين الابوين وصار حقيقة واقعة يجب التعامل معها، ان ينشأ هؤلاء الاطفال بعيدا عن جو التوتر والمشاحنات، لان خيار الانفصال في هذه الحالة يكون أخف الضررين في خيارين أحلاهما مُرّ.
0 منذ أن جمع الله بين (المرضي) و(أمل) في بيت الحلال كان شيطان المشاكل ثالثهما، ربما لاختلاف طوالع سعدهما وربما لتشابه طبعيهما الناريين .. فكل منهما يبذ الآخر ويتفوق عليه في ضيق الخلق والعصبية وحب الشِبّك والمشاكل .. عبر سنوات زواجهم العشر التي رزقهم الله فيها من الزرية ثلاث بنات، لم تهدأ نار الخلافات والمشاكل بينهما .. تعود (المرضي) على التعبير عن أراءه التقدمية بالايدي والارجل، كما تعودت (أمل) على أن تجاريه في ذلك .. الضربة بالضربة والبونية بالبونية والبادي أظلم .. وكلما اشتعلت النيران وغادرت (أمل) عش الزوجية السعيد وهي تجر وراءها بلابلها الثلاثة ميممة شطر الميناء البري، وسافرت لبيت أهلها في (سنجة)، سارع أهلها من باب الجودية باعادتها لبيتها في الخرطوم (عشان خاطر البنات)، إلى أن دخل الشيطان بينهما بـ (المديدة حرقتني في ذات شكلة) فرمى (المرضي) يمين الطلاق على (أمل).
سافرت (أمل) وبناتها هذه المرة لـ سنجة دون ان يتمكن اهلها من اعادتها على اعقابها بـ (الدرب الجابا)، فـ الحكاية بقت فيها طلاق ولابد من الاستعصام بالكرامة، وانتظار (المرضي) ليقوم بالمبادرة لاصلاح ما انكسر ويسعى لاعادة المياه للمجاري، ولكن يبدو أن (المرضي) بعد أن (بردت اضانو)، قد قرر ان ينوم في الخط ويعمل فيها مجنون، حتى اكملت شهور انفصالهم عدة الثلاث اشهر المعلومات .. وآل مستقبل العلاقة بينهما إلى (أمرا ضيّق).
اجتمع ثلاثة من أخلص اصدقاء الاسرة مع (المرضي) لهدايته .. لاموه على انسياقه وراء الرعونة التي أدت لتطليقه أم بناته .. فاصر بدوره – على رأيه بان من الاوفق لهما الانفصال لاستحالة التعايش بينهما، لم ييأس الاصدقاء واصروا عليه باعادة (أمل) لعصمته حتى لا تضيع البنات، فان كان قد انجب منها صبيان فقط، لكان الانفصال امرا مبلوعا، ولكن من حق بناته عليه أن يحفظهما من التمزق والضياع بسبب انفصال والديهما، فوافق (المرضي) تحت الضغط على السفر مع اصدقائه لـ (سنجة) لمراضاة (أمل) واعادتها لعصمته.
وصل (المرضي) مع اصدقائه لبيت نسابته بعد غروب الشمس، فأحسن والد (أمل) استقبالهم واصر على أن يذبح لهم خروفا اكراما لوفادتهم، وعندما فاتحوه برغبتهم في رد (أمل) رحب بالفكرة على أن يتم الترتيب لعقد القرآن من جديد لاحقا بسبب انتهاء عدتها، ولكن اصدقاء (المرضي) اصروا عليه بأن خير البر عاجله، وانهم لا يستطيعوا ان يبيتوا في (سنجة) لارتباطهم بمشاغل تلزمهم بالعودة لـ الخرطوم في ليلتهم تلك، وبالتالي فانهم يستسمحوا الوالد الكريم بان يُحضر المأذون لعقد القران فورا.
كانت حيرة مأذون الحي شديدة عندما طرق عليه والد (أمل) الباب بعد العاشرة ليلا .. سأل في حيرة:
مالك يا حاج نعل ما عندكم عوجة؟
فأجابه والد (أمل):
لا خير تب .. بس عندنا حالة مستعجلة !
تم عقد القران قرابة منتصف الليل واصر اصدقاء (المرضي) على السفر، بعد أن تركوه ليقضي ليلته مع عروسه الجديدة القديمة على أن يعود بها وببناته للخرطوم في الغد.
في مساء اليوم التالي ذهب الاصدقاء لتهنئة (المرضي) و(أمل) على العودة، فوجدوه في البيت وحيدا .. سألوه في حيرة:
أمل والبنات وينم؟ .. مالك ما جبتهم معاك؟!!
اجابهم بغضب:
ياخ أنا قلتا ليكم دي واحدة فقرية وما بتنفع معاي .. الليل كلو تنقنق فيني انت السبب .. انا السبب .. ومنو الغلطان فينا .. طلقتها تاني وجيت راجع براي!!! [/ALIGN]
لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com