ويبقى الزواج التقليدى هو الأنجح!!
هؤلاء الشباب يرفضون مجرد الحديث عن الزواج التقليدى فى هذه الآونة، ويعتبرونه رجوعًا للوراء أو انتقاصًا من قدر الفتيات وتحويل كل منهن إلى “بضاعة أو سلعة” تخضع لرغبة المشترى إما أن يقبل فيدفع ليشترى، أو يرفض فيتركها دون سبب لمشترٍ آخر وهكذا! كما يتصور البعض الآخر أن الزواج بهذه الطريقة فى الوقت الحالى يعد محاولة لسلب وقمع حرية الفتاة فى أن تختار شريك عمرها بنفسها أو تخوض تجربة رومانسية معه قبل الدخول كالتى تحفل بها الأعمال الفنية، سواء السينمائية أو التليفزيونية المروجة للآلاف من قصص العشق والهيام، وكلها وللأسف الشديد علاقات محرمة داعرة مبتذلة تنشر الفواحش وتبيح الزنا بدعوى الحب، وتقضى على القيم والثوابت والأخلاق بشتى الطرق!
كانت زيجات الماضى التقليدية زيجات معمرة، تدوم طويلاً إلى أن يَلقى الله أحد الطرفين، رغم أن هؤلاء الأزواج والزوجات لم يعرفوا مسبقاً بعضهم البعض، ولكن تزوجوا عن طريق الأقارب أو الأصدقاء أو الجيران، إضافة إلى أنهم لم تكن لهم قبل الدخول أية تجارب من أى نوع بل كانوا يتزوجون ويتناسلون على الفطرة، تلك الفطرة التى تُحارَب فى زماننا هذا بكل الطرق المباشرة وغير المباشرة، ويتم القضاء عليها باعتبارها تخلفًا ورجعية وجهلًا فى رأى حلفاء الشيطان الذين يريدون أن يشيع الفجور والانحطاط، وتستوطن الفاحشة فى كل مكان على الأرض بدعوى الحرية والانفتاح والعولمة، وغير ذلك من أمور ما أنزل الله بها من سلطان!
أما معظم زيجات اليوم، فعمرها قصير، رغم اختيار كل منهما للآخر بكامل إرادته ودون الالتفات إلى نصائح وتجارب من هم أكبر سنًا وأكثر خبرة!، هذا الاختيار الذى غالباً ما يكون خطأ وغير واضح الملامح أثناء فترة الخِطبة، حيث يُصدَم ويفاجأ كل منهما بالآخر بعد الزواج بإنسان أو إنسانة أخرى لم يعرفها من قبل بسبب التجمل والزيف والتزوير الذى يمارسه البعض، فتبدأ المعارك والصراعات التى غالباً ما تنتهى بالطلاق، فتنهار الأسرة ويضيع ويتشتت على أثر ذلك الأبناء!!
فى رأيى أن الزواج التقليدى هو الأنجح والأطول عمرًا إذا توفرت الصراحة والوضوح والتأنى، وعدم العجلة فى إتمام الزواج إلا بعد فترة كافية للتعرف على أصل وطبع الطرف الآخر بدون خجل أو خوف، أو وضع أى أمور أخرى فى الاعتبار، سواء كانت أمورًا عائلية أو اعتبارات خاصة بالوسيط مهما كانت درجة قرابته.
فالزواج التقليدى مضمون من حيث النسب والأصل، فالعائلتان تعرفان بعضهما البعض جيدًا، ولا حاجة فيه إلى السؤال عن الأهل، وبذلك يقضى على الخوف الموجود من أصل ونشأة العائلة.
يكون الرأى فى الزواج التقليدى قائمًا على المشاركة بين جميع أفراد العائلة، فهم جميعًا متحملون مسئولية نجاح هذا الزواج الذى تم فى إطار مباركة العائلة، ولا يتحمل الزوج والزوجة وحدهما تلك المسئولية.
زواج الصالونات أيضا يقوى العلاقات الأسرية لأنه غالبًا ما يكون بين عائلتين توجد صلة قرابة أو مصاهرة بينهما.
فى كثير من الأحيان قد تختفى فى الزواج التقليدى بعض المشادات المتعلقة بالمؤخر، وما يطلق عليه “قائمة المنقولات” بالنسبة للعروس، فالعريس غالبًا ما يكون مضمون الأصل والنسب، ولذلك لا داعٍ من تحميله ما لا يطيق وتكبيله بمزيد من الأعباء لضمان حق العروس، فالأفضل التيسير على الزوج حتى تزيد روح المحبة والثقة بين العائلتين.
هناء المداح
صحيفة اليوم السابع