منوعات

الإعتداءات على الأطفال .. جدلية العقوبة


[JUSTIFY]يشير مضمون قانون الطفل للعام «2010» بحسب المقدِّمة المكتوبة بواسطة الأستاذة قمر هباني الأمين العام للمجلس القومي لرعاية الطفولة.. يشير إلى أنه يعتبر من أهم التشريعات التي تهتم بصورة أساسية بمعالجة وتنظيم قضايا حماية ورعاية الأطفال بالسودان.. لعل أهم سمات هذا القانون أنه جاء ملبيًا لاحتياجات الأطفال في الرعاية والانتصاف بما يتواءم مع التشريعات الوطنية وعادات وتقاليد وقيم كريم معتقدات الشعب السوداني، وكذلك القوانين والاتفاقيات والبرتوكولات والقواعد الدولية ذات الصلة بقضايا الطفولة، حيث نص بصورة واضحة على الآليات التي تقوم بالتنفيذ وشدَّد العقوبات على منتهكي حقوق الطفل وعرّف الطفل وحدد سن المسؤولية الجنائية بما يحقق مصلحة الطفل الفضلى مستلهمًا قيم الرحمة والتيسير.. ساهمت فيه لجنة التشريعات بالمجلس القومي لرعاية الطفولة والجهات التنفيذية والتشريعية على المستويين القومي والولائي ومنظمات المجتمع المدني الوطنية والدولية، خاصة اليونسيف ومجمع الفقه الإسلامي والخبراء القانونيين وكل الجهات ذات الصلة بقضايا الطفولة كان لهم القدح المعلى في مناصرة القانون حتى أصبح واقعًا معيشًا.

ملامح القانون مولانا يوسف إسحق قاضي محكمة الطفل بحري قال في إفادته لـ«الإنتباهة» بخصوص قانون الاغتصاب وزيادة الحالات:
القانون وضعي استمد من حقوق الإنسان والميثاق العالمي لحقوق الطفل «2004م» المعدّل في «2010م» حيث شدَّد العقوبة في جرائم التعدي على الأطفال حتى سن «18» سنة حتى ولو بلغ سن الرشد ولم يكمل «18» سنة يعامل معاملة الأطفال. وهنالك قانون للتحرش الجنسي «لم تتم معاشرة كاملة».

في القانون الجنائي المواد«145 ــ 146» الزنا بالرضى والمادة «49» اغتصابًا وتتم دون رضى المجني عليه وتتفاوت العقوبة وفقًا للشرع «محصن وغير محصن».

بالنسبة لقانون اغتصاب الأطفال ينقسم لثلاثة أقسام في المادة «45»

«أ» اختطاف الأطفال.

«ب» الاغتصاب وتتراوح عقوبته ما بين «20» سنة سجن إلى الإعدام.

«ج» التحرش الجنسي وعقوبته من سنة إلى «15» سنة إضافة للغرامة.
عدد بلاغات جرائم الاغتصاب في تزايد مستمر والأرقام خيالية رغم العقوبات الرادعة ولا أجد لها تفسيرًا منطقيًا، وعندما يخضع المتهمون بالاغتصاب لدراسات اجتماعية تكون النتيجة أنهم «عاقلون» وبعضهم يكون مريضًا نفسيًا بحيث لا يقوى على ممارسة الجنس مع امرأة ولكن تكون لديه نزوة وشهوة تجاه الأطفال.

واعتبر القسمين ج، وب من قانون الطفل المادة «45» قوانين رادعة وتؤدي الغرض. أما السجن فهو إصلاح وتهذيب وتأديب ومعظم النزلاء يتأهلون ولكن بعضهم يخرج من السجن أكثر سوءًا.

سلمى محمد أحمد حامد المستشار القانوني لمركز سيما للتدريب وحماية المرأة والطفل قالت في إفادتها لنا:
واحدة من أعظم الأشياء والإشراقات في هذا القانون هي عقوبة الإعدام أو السجن لمدة «20» سنة ولكن يعاب على هذا القانون عدم تعريف جريمة الاغتصاب أو التحرش الجنسي، والعقوبة التقديرية حسب رؤية القضاة تبدأ من يوم وأقصاها «15» سنة، وقد ساهمت تلك العقوبات في عدم إفلات الجناة من العقاب. قبل قانون الطفل «2010م» كان يسمى التحرش انتهاكات جنسية تكيف في القانون الجنائي بالأفعال الفاحشة وكانت عقوبتها لا تتعدى السجن لمدة عام. وهنالك إشكالية في صعوبة إثبات جرائم التحرش باستثناء استثناءات جاءت من السوابق القضائية وبينة الأطفال في جرائم الجنس وشكوى الأطفال لذويهم من القرائن التي تؤخذ في الأعتبار وأحيانًا تؤيَّد بالبينة الطبية.

وفي رأيي أن جرائم الأطفال تستحق الإعدام خاصة الجرائم التي ثبتت لنا بواقع التجربة مثل جريمة الرجل الذي اغتصب بنت زوجته «4 سنوات» واغتصاب الأستاذ لتلميذته داخل حرم المدرسة. فالإعدام يجعلهم عبرة لكل الناس وهي عقوبة لا يمكن التراجع عنها لأنه من المستحيلات أن يمر يوم في المحكمة دون أن تكون هنالك جلسة أوبلاغ اغتصاب أطفال. الباحثة الاجتماعية هدى الصادق ترى أن القانون رادع.. فيما تضيف الناشطة الإجتماعية إيمان صادق كامل أن القانون رادع لكن الشعب السوداني لا يعرف عنه شيئًا وترى ضرورة أن يعرف الجميع القانون عبر جميع الوسائل الإعلامية عبر حملات منتظمة «لأنو ما كل الناس بتقرا جرايد».

محمد عباس معلم وخبير اجتماعي في المعاش: في رأيي أن القانون وحده مهما كان رادعاً لا يمكن أن يوقف هذه الظاهرة التي كانت موجودة ولكنها تفاقمت مؤخراً خاصة في العامين الأخيرين بسبب التدهور الأخلاقي الذي شاب كل مناحي الحياة المختلفة وفي ظل النواحي الاستقطابية المؤثرة للشباب من قنوات فضائية سالبة وإنترنت مليء بالمواقع الإباحية وصور فاضحة ترسل عبر الهواتف الجوالة وفتيات متبرجات في الطرق، لهذا فإن حوادث الاعتداء على الأطفال لا يمكن عزلها عن هذا الواقع المتردي الأمر الذي يحتم علينا أن نولي الجانب التربوي اهتماماً كبيراً ابتداء بالأسرة والمدرسة والمساجد وأجهزة الإعلام والمنظمات الشبابية والطلابية وأعتقد أن القاضي يمكن أن يستصحب كل هذه المؤثرات الاجتماعية السالبة الاستقطابية لهؤلاء الشباب الجناة وربما كان السجن إذا تحسنت البيئة فيه بحيث يصبح الجانب التربوي الإصلاحي هو السائد هو الأفضل من عقوبة الإعدام على أن يُعزلوا من بقية المجرمين الآخرين ويتم التعامل معهم باعتبارهم نتاج إسقاطات سالبة فرضتها التداعيات الاجتماعية ويمكن أن تكون أحكام السجن طويلة، ثم ينظر فيما بعد وفق كل حالة على حدة مدى التحولات الإيجابية فيها بعد الجرعات التربوية والدينية المكثفة وعما إذا باتوا يستحقون تقصير مدة العقوبة أم لا.

رأي الدين الشيخ حيدر التوم خليفة مساعد الأمين العام لهيئة علماء السودان أفادنا في هذا الصدد عبر الهاتف بقوله:
لا توجد نصوص صريحة تنص على جريمة الاغتصاب كجريمة حدية وإنما يدخل الأمر في باب الاجتهاد، وهنالك من أدخله من باب التعذير وهنالك فريق من الشافعية قاس الاغتصاب كجريمة واعتبره جريمة حدية قياسًا بالزنا على أن تثبت وفقًا لشروط إثبات الزنا بالإقرار والشهود وأوجبوا فيها الأحكام الشرعية الخاصة بذلك وشرعًا لا يوجد ما يسمى بالاغتصاب ولكن هنالك جريمة زنا تثبت بأركانها الشرعية وهي توفر عناصر ارتكاب الجريمة أو مواقعة الزنا. وهنالك من وصل بحد التعذير إلى استيجاب القتل، وهنالك من رأى الجلد أو التغريب «النفي» أو السجن. فالأمر كله اجتهاد. وفي رأيي أن الجريمة لا تحارب عقابيًا فقط ولكن يجب مكافحتها قبل وقوعها بالوع والتربية وغرس القيم الأخلاقية.

صحيفة الإنتباهة
سحر بشير سالم[/JUSTIFY]