تحقيقات وتقارير

الخرطـوم وانجـمينا … هــدوء بعد عاصــفة !!

[ALIGN=JUSTIFY]من المقرر ان تعقد مجموعة الاتصال الخاصة بتنفيذ اتفاق داكار لتطبيع العلاقات السودانية التشادية اجتماعا فى العاصمة التشادية انجمينا السبت المقبل، وابلغت انجمينا الخرطوم رسميا للمشاركة في اجتماعات المجموعة فى دورتها السادسة التي تسبقها اجتماعات على مستوى اللجان الفنية العسكرية بعد غدٍ الأربعاء، وسيعقد بالعاصمة الليبية طرابلس يومي 19 و20 من الشهر الحالى اجتماع موسع يضم لجنة المتابعة الثلاثية (الخرطوم، طرابلس وانجمينا ) بمشاركة الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل والدكتور على التريكي وموسى فكي لترتيب قمة تجمع بين البشير وديبى والقذافى.
وفى خطوة عملية لتطبيع العلاقات السودانية التشادية عاد سفيرا البلدين الى مقر عملهما بكل من انجمينا والخرطوم امس بعد انقطاع دام خمسة اشهر. وفى ذات الاتجاه دخل موفد الرئيس التشادى مندوب تشاد فى الامم المتحدة السفير محمد بشير مع النائب الاول الفريق سلفاكير ميارديت بجوبا امس فى مباحثات مكثفة حول تعزيز العلاقات مع تشاد وتمتينها بما يؤدى الى استقرارها وضمان عدم تكرار توترها واقناع القيادة التشادية بلعب دور ايجابى فى اقناع الحركات المسلحة للمشاركة فى مباحثات الدوحة بجانب الزيارة المرتقبة لسلفا الى انجمينا . وشارك فى المباحثات كل من القيادى بالحركة الدكتور منصور خالد ووزير الخارجية دينق ألور اللذان استدعاهما سلفا على عجل امس الأول.
وتشاد الفرانكفونية التى تخطب ودها الخرطوم اليوم عبر الحركة الشعبية لتجسير الهوة بينهما ولاقناع الحركات المسلحة للجلوس معها على طاولة المفاوضات بالدوحة سجلها ليس نظيفا مع الحركات المسلحة كما يعتقد الكثيرون، ولم تكن يوما ما فى دائرة اوذاكرة الحركة الشعبية ببساطة لان الرئيس ديبى كان صديقا وفيا للرئيس البشيروحليفا استراتيجيا للخرطوم طيلة حرب الجنوب ومنذ اندلاع احداث دارفور. وكانت تشاد اول المبادرين للجمع والصلح بين الخرطوم والحركات المسلحة فكانت ابشى الاولى والثانية وانجمينا التى تمخض عنها ( البروتوكول الامنى والانسانى ) ووصل الامر الى محاولة فاشلة لعقد صفقة بالوكالة عن الخرطوم مع الحركات يتم بموجبها مشاركة الحركات فى السلطة مقابل التنازل عن المطالب التى رفعوها نيابة عن اهل دارفور وكانت قيادات الحركات فى صدام مستمر مع ديبى الى ان تم نقل المحادثات من انجمينا الى ابوجا وكانت قيادات حركة العدل والمساواة ممنوعة من دخول انجمينا لا لشىء الا لخلفيتها الاسلامية التى ليست محل ترحاب من القيادة التشادية العلمانية من جهة والعدوة اللدودة للخرطوم من جهة ثانية .وكانت السلطات التشادية قد اعادت الدكتور خليل فى وقت سابق ادراجه فى نفس الطائرة التى اقلته من باريس ولم يفتح ديبى صدره وابوابه للحركات الا بعد غزو الفصائل المناوئة له العاصمة انجمينا عام 2006 فالمصائب يجمعن المصابينا كما يقول المثل فالحركة الشعبية التى قاتلتها الخرطوم عشرات السنين اصبحت وسيطة لها وانجمينا التى طردت الحركات تتقوى بها اليوم فالسياسة فن تحقيق الممكن وفى السياسة ليس هناك عداوة دائمة ولكن مصالح دائمة .
والحركة الشعبية ذات المزاج الانجلوساكسون على عهد قريب بتشاد الفرانكفونية ولكن تجمعهما المدرسة الليبرالية الاشتراكية، وكان اول زيارة لمسئول رفيع من الحركة الشعبية الى انجمينا قام به زعيم الحركة نفسه الفريق سلفاكير العام الماضى ومن المقرر ان يعاود سلفا الكرة الى انجمينا فى غضون اليومين المقبلين لاكمال ما بحثه من ملفات مع موفد الرئيس ديبى السفير بشير على رأسها طى الخلافات بين البشير وديبى ولعب انجمينا دور فى اقناع الحركات المسلحة للمشاركة فى محادثات الدوحة فضلاعن مواصلة سلفا لما بدأه وفتحه طاقمه السياسى برئاسة الامين العام للحركة باقان اموم من شراكة سياسية بين الحركة الشعبية والانقاذ الوطنى (mps ) الحزب الحاكم فى تشاد من جانب وحركة العدل والمساواة من جانب آخر، ولضمان انجاز مهمته ونجاح زيارته اعد وقدم له كبار مساعديه من الممسكين بالملفات الخارجية والدولية و الاقليمية تصورات ودراسات حول القضايا الملحة على رأسهم الدكتور منصور خالد ووزير الخارجية دينق ألور.
والعلاقات السودانية التشادية التى شهدت توتراتٍ خلال السنوات الخمس الماضية بسبب اتهام العاصمتين بعضهما البعض بدعم المعارضة المسلحة فى كل منهما والتى وصلت الى قطع العلاقات بين البلدين عدة مرات آخرها فى مايو الماضى اثر غزو حركة العدل والمساواة مدينة امدرمان، فشلت كل الاتفاقيات والمساعى لاحتواء تلك التوترات بين الخرطوم وانجمينا لانها اتجهت الى معالجة الاعراض وليس الجذور التى تتمحور حول ازمة دارفور التى تتقاطع حولها اجندات اقليمية ( ليبيا تشاد اريتريا ) ودولية ( باريس واشنطن ) وتبادل السفراء بالطبع سيقلل من حدة التوتر وتبادل الاتهامات بين البلدين ولكن لن تحل المشكلة لان تلك القوى الاقليمية والدولية تحاول كل منها تحقيق اهداف خاصة بها وهذه المعضلة ستقف حجر عثرة امام الحركة الشعبية فى مساعيها لتطبيع العلاقات بين الخرطوم وانجمينا ،كما وقفت حجرعثرة امامها من قبل فى محاولتها لتطبيع العلاقات بين الخرطوم وواشنطن على الرغم من العلاقات المميزة التى تتمتع بها الحركة الشعبية مع القوى الدولية ( واشنطن باريس ) والإقليمية ( أسمرا طرابلس )
وبعودة التمثيل الدبلوماسى بين البلدين ستشارك الخرطوم فى آلية مجموعة الاتصال على مستوى وزراء الخارجية التى ستنعقد بأنجمينا يوم السبت المقبل بعد ان كانت اشترطت مشاركتها فى الآلية بعودة التمثيل الدبلومسى بين البلدين اولا وسيعقد بالعاصمة الليبية طرابلس يومي 19 و20 من الشهر الحالى لجنة المتابعة الثلاثية (الخرطوم، طرابلس وانجمينا ) بمشاركة الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل والدكتور على التريكي وموسى فكي وذلك لترتيب قمة تجمع بين البشير وديبى والقذافى. وكان ممثل الجماهيرية الليبية بتشاد محمد شليت ارجأ عدم استئناف العلاقات بين البلدين الاسبوع الماضى الى بعض الترتيبات والاجراءات لم يذكرها وكانت مجموعة الاتصال المكلفة بمتابعة تنفيذ اتفاق داكار المبرم بين السودان وتشاد في السنغال في مارس الماضي قد تمكنت فى اجتماع لها الشهر الماضى بالعاصمة الارترية أسمرا من اعادة الامور بين البلدين إلى نصابها بعد شهور من القطيعة، واجاز الاجتماع توصيات تقدم بها خبراء الامن والدفاع والاستخبارات حول مراقبة الحدود بين البلدين وتم الاتفاق على نشر 92مراقبا على نقاط حدودية للمراقبة، وستقوم قوات من الطرفين قوامها الفا جندي بحماية المراقبين، الذين تنحصر مهمتهم في اعداد تقارير حول أية خروقات يرتكبها اي طرف، وحدد الاجتماع مبلغ 30مليونا و 500ألف دولار امريكي لتمويل عملية المراقبة على ان تسدد الدول السبع الاعضاء في المجموعة 50% من المبلغ المتفق عليه فورا على ان يتم ايداع الـ «50%» الاخرى بأحد البنوك الليبية في الخامس عشر من اكتوبر الماضى وكان في العاصمة السنغالية داكار، اتفق الرئيسان البشيرودبي فى الثالث عشر من مارس الماضى على وضع حد نهائي للخلافات بين البلدين ، واحلال السلام في المنطقة وقرر الاتفاق الذي تم تحت رعاية الرئيس عبدالله واد رئيس جمهورية السنغال على انشاء قوة للسلام والأمن لمراقبة العمليات المشتركة لتأمين الحدود بين البلدين وتطبيع العلاقات بين البلدين واتخاذ الإجراءات الكفيلة للإسهام في احلال السلام والاستقرار في البلدين وفي المنطقة واحترام الالتزامات السابقة خصوصا اتفاق طرابلس الموقع في 8 فبراير 2006 واتفاق الخرطوم الإطاري والبروتوكولات الاضافية الموقع في 15 فبراير 2007 واتفاق الرياض الموقع في 3 مايو 2007 ومن اجل التنفيذ الكامل لهذه الاتفاقيات نناشد الاتفاق المجتمع الدولي بصفة عامة وكل من ليبيا وجمهورية الكنغو واريتريا والسنغال والجابون وتجمع دول الساحل والصحراء والتجمع الاقتصادي لدول وسط افريقيا والاتحاد الأفريقي لاتخاذ كافة الاجراءات الضرورية بهدف انشاء قوة السلام والامن بهدف ضمان ومراقبة العمليات المشتركة لتأمين الحدود بين البلدين وتشكيل مجموعة اتصال تجتمع مرة في الشهر في عاصمة احدى الدول الأعضاء في المجموعة. وتشكل هذه المجموعة تحت الرئاسة المشتركة لكل من ليبيا وجمهورية الكنغو وتكلف هذه المجموعة بمتابعة وتطبيق هذا الاتفاق بنية خالصة وبمراقبة أية خروقات قد تحدث والالتزام التام بعدم السماح بأية أنشطة للمجموعات المسلحة ومنع استخدام أراضي أي من البلدين من أجل زعزعة الاستقرار في البلد الآخر.
ويرى الخبير الأمنى العميد المتقاعد حسن بيومي، بشأن الاتصالات التي اجرتها الحركة الشعبية مع حكومة انجمينا، خطوة لفتح قنوات تبادل المعلومات بين الطرفين، عقب عودة التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، لكنه يصف الخطوة بأنها إجراء بروتكولي لن يحل الأزمة القائمة، خاصة وأن هنالك قضايا لا تزال عالقة، في مقدمتها إحتضان كل طرف لمعارضين مسلحين، فضلا عن الأزمة المستمرة في اقليم دارفور والتي تؤثر بشكل مباشر في علاقة البلدين.
وتحدث بيومي لـ «الصحافة» امس عبر الهاتف، مشيرا الى عدم تفاؤله باجتماع لجنة تقصي الحقائق الافريقية التي شكلت بناء على اتفاق داكار بين البلدين، كما عبر عن عدم ثقته في جدوى نتائج عقد قمة جديدة بين الرئيسين البشير وادريس ديبي، وقال ان الأزمة بين البلدين لا تحتاج الى معرفة الحقائق، بل يجب عليها تقديم الحلول.
والحلول التى يقترحها بيومى لتحقيق استقرار فى العلاقات بين السودان وتشاد ، مرتبطة بإنهاء النزاع في دارفور، عبرالتسوية السياسية، بين الحكومة والحركات المسلحة، خاصة «حركة العدل والمساواة» التي يعتقد أن انجمينا تقوم بدعمها بسبب انتماء الرئيس ديبي للقبيلة التي تنتمى اليها غالبية عضوية الحركة ، كما ان بيومي يرى أن الحل في إنهاء انشطة المعارضة التشادية المسلحة على حدود البلدين، معتبرا أن مخاطبة هذه القضايا من شأنه أن يعيد علاقات البلدين الى حالتها الطبيعية، لكن تجاهل هذه القضايا سيجعل كافة التحركات كأنها «حرث في البحر».
كما يقول رئيس بوروندي السابق بيير بويويا الذي انتقل الى الخرطوم من انجمينا على رأس بعثة من الاتحاد الافريقي لتقصى الحقائق فى توتر العلاقات بين البلدين ، ان البلدين«جادان» في رغبتهما في احراز تقدم.
واضاف امام الصحافيين فى الخرطوم «لكنها مسألة بالغة الحساسية لان الارتياب بين البلدين شديد للغاية». واستطرد بويويا «هناك كثير من الاجتماعات والاتفاقات ولكن دون تنفيذ. فكل طرف يقول: اذا توقف الطرف الاخر «عن مساندة المتمردين» اتوقف. «وهذا يشكل حلقة مفرغة وعلينا الخروج منها».
واشار بويويا الى اهمية تطبيع العلاقات بين الخرطوم وانجمينا على امل ان يساعد ذلك في تحسين الوضع في دارفور. وقال رئيس بوروندي السابق انه اذا لم يتم حل هذه المشكلة الثنائية «فسوف يكون من المستحيل التوصل الى حل في دارفور».
أبوزيد صبى كلو : الصحافة [/ALIGN]