تحقيقات وتقارير

هيئة علماء السودان .. فتاوي مثيرة للجدل

[JUSTIFY]ما أن تخرج فتوى من قبل هيئة علماء السودان، إلا وتأخذ مساحتها فى الجدل والانتقاد، فتارة تخرج الهيئة بفتوى تحرم سفر الرئيس لجهة أو لدولة بعينها، وتارة تخرج بفتوى عن استخدام الفتيات فى الإعلان وفتوى أخرى تطالب الولايات بحظر المقاهي الشعبية وغيرها من الفتاوى التى وإن كانت تمس المجتمع بكل كياناته إلا أن الناظر لهذه الفتاوى لا يجدها، تمثل أهمية قصوى تهم الرأي العام والمجتمع. فلم نر أية فتوى خرجت تحرم استغلال نفوذ المسؤولين وقضايا الفساد التى شغلت الرأي العام، ولم نر أي بيان من قبل علماء السودان حول إقرارات الذمة للمسؤولين.

وكأن الهيئة أو مجمع الفقه بعيدة عن هذه القضايا ولا تريد الحديث عنها ربما لإلهاء الرأي العام لهذه القضايا الأساسية لأسباب ربما تخدم مصالح الغير. إلا أن معظم هذه الفتاوى يعتبرها البعض رأياً وليس فتوى. وبحسب رئيس هيئة علماء السودان بروفيسور محمد عثمان صالح الذى أكد لـ«الإنتباهة» أن هنالك فرق بين الفتاوى والرأي الذي تبديه الهيئة أو الأمين العام للهيئة. فالفتوى تعني طلب استفتاء، وهذه لا تخرج إلا كفتوى مكتوبة من قبل شيوخ وعلماء الهيئة ،لكن الآراء التى تقال فى التوعية العامة سواء فى خطب الجمعة او المناسابات المختلفة والتي تخرج من اعضاء الهيئة الأمر الذي يجعل الخلط بين الرأي والفتوى لدى الكثيرين، فهي لا تمثل رأي الهيئة وإنما يمثل رأي شخصي. ورفضت التعليق على أي حديث إلا أن يكون مكتوباً والرد يكون مكتوباً، وذلك تفادياً لأي لغط قد يحدث. فأي حديث من أعضاء الهيئة في أي محفل لا يعتبر رأياً للهيئة التي تتعامل مع الفتوى بطلب مكتوب من أي شخص أو جهة. فالفتوى لا تكون إلا مكتوبة. فنحن مهمتنا توعية المجتمع وليس حل مشاكل المجتمع التى تعتبر من مهام الدولة.

وانتقد بروفيسور صالح ما وصفه بالحملة الإعلامية غير المبررة من كتاب الأعمدة تجاه الهيئة، الأمر الذي جعله يتحفظ ويمتنع عن إصدار أية فتوى إلا مكتوبة. ويضيف رئيس الهيئة أن الكثير من القضايا لا تجد للهيئة أي تعليق أو فتوى صدرت من الهيئة أو أحد أعضائها بالنسبة للكثير من القضايا مثل قضايا الفساد وقضايا إقرارات الذمة واستخدام نفوذ المسؤولين، تساؤلات عديدة تقفز للأذهان عند صدور أي فتوى فى قضايا معينة، هذه التساؤلات طرحناها على الأمين العام لهيئة علماء السودان الذي اكتفى بالقول إن تلك القضايا قضايا دولة وليس من واجبنا أو أولوياتنا. فنحن نلفت النظر فقط. البيانات التى تصدرها الهيئة عبارة عن رأي كونته الهيئة فى قضايا وتوعية المجتمع، لكن بعض هذه الفتاوى التى خرجت من الهيئة وجدت الكثير من الجدل خاصة التى اختصت بالفئات الضعيفة مثل «ستات الشاي».

فقد أصدرت الهيئة بياناً يمنع هذه الفئات من البيع في الطريق ونص البيان على «يجب منع إنشاء المقاهي العشوائية على قارعة الطرق العامة، وعلى شارع النيل تحديداً، فالمقاهي العشوائية بقعة سوداء في وجه المدن الحضارية، والمقاهي العشوائية أوكار للرذيلة وتجارة المخدرات والموبقات الأخرى». لكن كانت الهيئة فى وقت سابق إبان الأزمة الاقتصادية التى أثارت غضب الشارع العام، كان لها موقف يحسب لها حتى تبعد مقولة إنهم«علماء السلطان» فقد رفضت الهيئة طلباً لمسؤولين بالحكومة، يدعون لمساهمة خطباء الهيئة في تهدئة الشارع حول الإجراءات الاقتصادية، عبر منابر الجمعة، وأكدت أنها لو وافقت على الخطوة ستكون هيئة علماء السلطان. وكان ذلك على لسان رئيس لجنة الفتوى بالهيئة؛ عبد الرحمن حسن أحمد حامد، خطيب مسجد الرشيد بشمبات مربع «15» في خطبة الجمعة، إن الهيئة رفضت رفضاً قاطعاً طلب مسؤولي الحكومة.

وأضاف: كان صعب علينا الموافقة لأننا من غمار الناس ولا نسكن القصور، ونركب المواصلات ونشتري من الأسواق ونعرف مدى معاناة المواطنين. فقه الأولويات يقدم الأهم على المهم، وذلك بحسب عميد كلية الشريعة جامعة أم درمان الإسلامية الدكتور إبراهيم أحمد الكاروري الذي يرى خلال حديثه لـ«الإنتباهة» أن هذه المؤسسات التى تطلع على الفتوى لا ينبغي أن يدخل فى عملها أية تقديرات سياسية لأي حزب أو مجاملة لأية جهة أخرى أو لجماعة أو سلطة، لذلك فإن القضايا العامة سواء القضايا الاجتماعية ينبغي أن تؤسس على أساس ما يرضي الله تعالى. ويضيف دكتور الكاروري أن هنالك أولويات فى القضايا التى تحتاج لفتوى، ويجب أن نقدم الأولى من الأهم. فليس القول فى أمر الدين يعتبر فتوى. فأحياناً قد تكون نصيحة ليست إلا، لكن يجب أن يكون النصح والفتوى فى كل الأمور وليس فى أمور بعينها عن سواها. على كل، ينظر الكثيرون والمتابعون لفتاوى الهيئة أن تأخذ الهيئة مواقف قوية تجاه العديد من القضايا التي تحتاج إجراء فى التناول، وأن لا تكون مسيسة أو تخدم جهة أو حزباً بعينه.

صحيفة الإنتباهة
هنادي عبد اللطيف[/JUSTIFY]