مواطنون درجة عاشرة !!

استاذة / نادية عثمان مختار
السلام عليكم ورحمة الله تعالى
أما بعد
نحن الكادحون أبناء جلدة هذا الشعب المغلوب على أمره قدر لنا ان نعيش فى الضواحي وطرف المدائن ( مناطق الهوامش والعشوائيات) والغريب المتناقض أنه بالقرب منا وبالتحديد على بعد شارعين فقط من منطقتنا توجد قصور وفلل السادة الأسياد ( المسؤولين الكبار) حيث الحدائق الغناء والأشجار الشامخات التى تظلل مواقف السيارات الفارهة الفخيمة التى لا نرى مثلها إلا فى افلام جيمس بوند والأفلام الأمريكية، هذه السيارات التى تكيلنا التراب وهي تنهب الأرض نهبا جيئة وذهابا مسرعة وكأنها تسابق الريح والضوء فنرى بصعوبة من بداخلها عبر الزجاج الداكن المغلق والستائر السوداء المسدلة من أصحاب الكروش الكبيرة والذقون الغزيرة !!
هذه المنطقة الغنية بأهلها وسكائب أموالهم المكدسة ( اللهم لا حسد)!!
نمر بها فى طريقنا للعمل ونعود عبرها ايضا مساء وسط ازهارها الفواحة وحدائقها المنسقة بكل عناية وكأننا نعبر حي الهايد بارك الشهير بلندن او أحد أحياء الكيب تاون الراقية بجنوب افريقيا !!
أذكر اننا كنا يوما مرورا بها وهالنا مارأينا بأم أعيننا فقد كان مشهدا يفوق خيالنا المحدود ويتعدى حدود تفكيرنا البسيط !!
لقد شاهدنا أحد السادة الأعيان الكبار وهو يخرج من قصره متباهيا يمشي بزهو وكبر وهو ممسك بيده أحد الأشخاص وهو يشاور للسيارة المرسيدس الفارهة تحت الشجرة قائلاً:( ياأخوي والله ماكتيرة عليك !!
انت ياما خدمتنا وتعبت معانا!!
على الطلاق بالتلاتة ماتقول شي وبكرة يوصلك ورقها باسمك !!
وخلي معاك دي مصاريف الأولاد) !!
وسلمه مغلفا كبيرا أصفر مكدسا بالأموال ( وأكيد من الفئات الكبيرة ) !!
لقد ذهلنا حقيقة كل الذهول وفتحنا أفواهنا من هول مارأينا !!
تخيلي ياأستاذة نادية كم سيارة تهدى؟
وكم مغلف كبير مليء بالأموال يمد بسخاء لأصحاب الذمم القذرة ؟
وكم وكم مما خفي ولم نره (وماخفي أكيد أعظم )؟ من مكتسبات نهبت وسرقت من قوت هذا الشعب الصابر الصبور ؟؟
هذا الشعب الذي كثر أنينه وصراخه فما أجداه شيئا الأنين ولا الصراخ فآثر كتم جراحاته وآهاته آملا فى يوم يبزغ فيه فجر ليل ليضمد آلامه وجراحاته العميقة ..
وإن الشعوب اذا ارادت الحياة يوما لا بد ان يستجيب القدر..!!

نادية عثمان مختار
مفاهيم – صحيفة الأخبار – 2011/8/20
[email]nadiaosman2000@hotmail.com[/email]