تحقيقات وتقارير

الخرطوم جوبا .. ذهب الظمأ وابتلّت العروق !

[JUSTIFY]حال الإعلان عن الشروع فى إنفاذ مصفوفة الاتفاق الجنوبي السوداني وإعلان دولة جنوب السودان عن البدء في تشغيل آليات ضخ البترول لتبتلّ أنابيب الصادر وتحدِث ذلكم الضجيج المحبب لدي خبراء الضخ والمهندسين، فإن سعر صرف الدولار مقابل العملة السودانية انخفض بصورة ملحوظة.

كانت آخر المؤشرات فى نهاية الأسبوع الأول تقول إن الدولار انخفض لحوالي 6.5 جنيه مع توقعات بانخفاض تدريجي الى أن يصل إلي سعره الحقيقي.

حكومة جنوب السودان من جانبها أكدت على جديتها فى المضي قدماً لإنفاذ الاتفاق ووجّه الرئيس الجنوبي سلفا كير عبر اتصال هاتفي مع نظيرة المشير البشير دعوة للرئيس البشير لزيارة جوبا لتدعيم الاتفاق أكثر وتدعيم العلاقات الثنائية.

الشارع السوداني، موالين ومعارضين، أبدوا ارتياحاً كبيراً للخطوة باعتبارها كوّة الأمل التى من خلالها يعاود الاقتصاد فى البلدين عافيته المطلوبة بعد مسيرة عام مضنية من سياسات التقشف والبحث عن موارد.

الخرطوم عقدت اجتماعاً استثنائياً لمجلس الوزراء الاتحادي ترأسه البشير وشدد فيه على إزالة كافة أشكال الصعاب والعقبات أمام الاتفاق، وأفرد الاجتماع عدداً من الساعات المناقشة تفاصيل الجدول الموضوع للإتفاق وضرورة الالتزام به نصاً وروحاً.

الأحزاب الجنوبية المعارضة مثل جبهة الإنقاذ الديمقراطية وحزب جنوب السودان سارعت بعقد اجتماع فى الخرطوم أعلنت من خلاله دعوتها لضرورة تأسيس علاقات إستراتيجية متينة بين البلدين، مطالبين بضرورة الإسراع بفك ارتباط بلادهم مع قطاع الشمال لترسيخ العلاقات بين الجانبين.

الأحزاب الجنوبية كشفت النقاب عن الضغوط الكبيرة التى مارستها الولايات المتحدة على الحكومة الجنوبية للإلتزام بالاتفاق والعودة لتنفيذه. وأشارت الى الآثار الاقتصادية المدمرة التى كانت ستحيق بالجنوب لو أنه مضى باتجاه الإصرار على عدم تنفيذ الاتفاق.

الحكومة الجنوبية سارعت بإعطاء الضوء الأخضر للشركة ومجموعة الشركات التى تدير المنشآت النفطية بضرورة البدء فى التشغيل بصفة فورية. الشركات العاملة قالت إن الأمر سيتم فى غضون أيام.

جمهورية الصين التي تتولى الجزء الأكبر من عمليات البترول نفت أن تكون قد صادقت على اتفاقية مع دولة الجنوب تمنحها بموجبها قرضاً يبلغ 8 مليار دولار، وكشف الممثل الخاص للحكومة الصينية للشئون الإفريقية (تشونغ دون) عن أن الأمر عارٍ من الصحة، وليس له أي أساس وفق الوثائق والمحاضر لدي الحكومة الصينية ولكن (تشونغ) قال إن بلاده سوف يسعدها أن تنمح دولة جنوب السودان أضعاف هذا المبلغ بعد أن تستقر الأوضاع ويعاد ضخ النفط لتقابل به جوبا إلتزاماتها التنموية فى مجالات مياه الشرب والطرق والمدارس والعديد من المنشآت الخدمية الحيوية، فى إشارة من بكين الى أنها تتطلع الى دولة جنوبية مستقرة تراعي علاقاتها الدولية وتضع الجانب التنموي فى مقدمة اهتماماتها.

ويعتقد خبراء اقتصاد استطلعتهم (سفاري) فى كل من الخرطوم وجوبا الأسبوع الماضي إن الميزان التجاري للدولتين سوف يصبح أفضل فى الشهر الأول من إعادة الضخ، كما أن الموازنة العامة لكل بلد سوف تتجاوز مقدار العجز الذي تعانيه فى النصف الأول من العام نظراً لما يمثله النفط من مورد حيوي هام وحاضر العائد، مضمون التسويق.

غير أنّ الخبراء يلفتون النظر الى ضرورة أن يصاحب عمليات إعادة الضخ والتصدير البحث عن موارد أخرى موازية لأن عائدات النفط وحدها لن تكون كافية على المديين، البعيد والمتوسط لتلافي العجز في الموازنة العامة.

وتعتقد وزارة المالية السودانية إن العبرة ليست فقط بالأموال التى ستدخل الخزينة العامة جراء عائدات النفط بقدر ما أن العبرة بالحراك الذى سوف يحدثه الاقتصاد السوداني فى ظل استقرار ولو نسبي لعلاقات الدولتين.

وتشير وزارة المالية السودانية إن السمعة الدولية للإقتصاد السوداني ازدادت رسوخاً جراء صموده خلال الفترة الماضية ونجاحه فى تحفيز نفسه بموارد جديدة سوف تشكل عموداً داعماً لعائدات النفط.

أما في جوبا فإن الأسواق فى الدولة الجنوبية عاودت -الأسبوع الماضي- انتعاشها بشكل ملحوظ فى ظل تدفق السلع والبضائع السودانية لتلك الأسواق عقب الإعلان عن المصفوفة، ومن المرجح أن تحاول جوبا جهدها عدم المساس بهذه المصفوفة مهما كانت الأسباب نظراً لما عاناه المواطنين الجنوبيين طوال العام الفائت من ندرة في الغذاء وصعوبة فى الحصول عليه وغلاء ثمنه.

وهكذا، فإن تفاق الدولتين فى معاودة ضخ النفط وتنفيذ إتفاق التعاون المشترك الموقع بينهما فى 27 سبتمبر الماضي أحدث نقلة اقتصادية وسياسية وأمنية هائلة انعكست على الفور على مجمل الأوضاع فى الدولتين وأعطت المجتمع الدولي إشارة خضراء بتشجيع هذه العلاقة بسلاسة بينهما والبعد عن تعكير صفوها لأنها لصالح مواطني الدولتين.

سودان سفاري [/JUSTIFY]