[JUSTIFY][SIZE=5]دخلت الأسرة المكروبة لحرم المحكمة في حالة من الانهيار والبكاء على صغيرها الذي أصبح بين لحظة وأخرى مجرمًا في السجلات القضائية بعد ان كان طالبًا للعلم في الصف الثاني المرحلة الثانوية، وبدأت أولى اجراءات المحاكمة وتقدم منظم الجلسات بالمحكمة منادياً على المتهم وبهدوء تام مع مزيج من التوتر والخوف دخل المتهم الصغير الذي يبلغ من العمر «16» عامًا إلى قاعة المحكمة، وأفاد أمام القاضي بصوت يرتعش أنا قتلت صديقي لكني لم أكن أقصد قتله وإنما محاولاً أن أدافع عن نفسي لاعتدائه عليَّ بجانب أن أصدقائي الثلاث تعرضوا لاعتداء من المجني عليه وبدأ يحكي وقائع الحادثة بعد أن استرد شجاعته أمام المحكمة، وقال: كنا نحن الأربعة أصدقاء نجلس على طرف الحي الذي نسكن به جاءنا المجني عليه وجلس معنا وبدأنا نتبادل الأغاني من الجوالات فطلب من «م» أن يسلفه ذاكرة الجوال لمدة يومين وعندما رفض «م» قال له ستندم وذهب بعيدًا عنا وبعد ساعة من ذلك رجع إلينا ونادي على «ع» وأبدى له غضبه من «م» وأنه لن يغفر له، وفي اليوم الثاني وبعد مغيب الشمس تجمعنا مثل كل يوم فقط كان ينقصنا «م» والمجني عليه فسألت عن البقية ولم لم يحضروا قال أحدهم «س» رأيتهم «م ،ن» يقفان على الناحية الأخرى من الحي، وقال استرجع خاطري عبارات التهديد التي أطلقها علية أمس وأسرعت نحو اتجاههم فقابلني «م» يركض مرعوبًا وحافي القدمين، سألته عما يجري، قال: تشاجرنا أنا و«ن، المجني عليه» رافضًا أن يكشف لي حقيقة الشجار فبدأت أقلق فيما يمكن أن يكون سبب كل ذلك، وطلب مني أن أذهب معه لإحضار حذائه تحسبًا ألا يقابلة المجني عليه، وبعد رجوعنا تجمعنا مرة أخرى في ذات المكان ولما أحطنا «م» بالأسئلة وقتها قال لنا إن «ن» يريد أن ياخذ مني كل المبلغ المالي بجيبي بالقوة إضافه إلى جوالي أو أن يضربني وأثناء حديثه لنا جاء «ن» ونادى عليَّ فذهبت إليه وأخذني من يدي وبعدنا مسافة بلغت خمسين متراً من مكان أصدقائنا طلب مني بعض المال وبكل أدب اعتذرت له وفاجأنى بمحاولته أن يعتدي علي جنسيًا وضربته فرد لي الضربة الى أن أسقطني ارضًا وضربني بكل قوته وأثار غضبي بكلمات استفزتني الأمر الذي دعاني لأن ادافع عن نفسي بأي طريقة امامي وكنت احمل سكينًا من بيتي للدفاع أو التخويف لأن في تلك الايام ظهرت عصابات في الحي فكان سبب أخذي للسكين تحسبًا أن تعترض طريقي وعند شجاري مع «ن» أخرجت السكين فقط بقصد التهديد ولكن لم أدرك انني اصبته فسقط المجني عليه وتركني في حالة ذهول مما حدث.
ومن اتجاه آخر وقفت شقيقة المتهم وتوسلت للقاضي وقالت له ان اخي بالرغم من صغر سنه الا انه يعتمد عليه في حمل المسؤولية وله من الأخلاق والهدوء ما يبعد عنه صفة الإجرام واضافت باكية نحن اسرة فقيرة وفي حالنا واخي «المتهم» طالب بالمدرسة وفي نهاية اليوم يعمل صبي مكنيكي ليوفر مصاريفه الدراسية حتى يخفف العبء على الأسرة، وبعد انتهاء كل فصول المحكمة من سماع شهود ومرافعات المحامين اصدرت المحكمة عقوبة السجن خمس سنوات ودفع الدية «40» الف جنيه في مواجهة المتهم الصغير.
وتقول الباحثة الاجتماعية بالمحكمة أن كل طفل متهم يعرض لدراسة نفسية بواسطة الاجتماعيين لمعرفة ابعاد سلوكه سواء كان منحرفاً او ملتزماً أوبريئاً، وبحزن قالت عند صدور قرار المحكمة قابلت المتهم وعيناه تدمعان وقلت له الخطأ ان تعتبر هذه العقوبة بداية لطريق الجريمة بل استفد منها في دراستك والتدريب المهني المفعل بالإصلاحية ورد قائلاً أوعدك بان اكمل دراستي خلال الفترة بالإصلاحية وذهب وهو في حالة من الاستياء والإحساس بالقهر. واضافت: من الناحية العلمية المتخصصة تعتبر العوامل النفسية مرتبطة بالجريمة خاصة الأطفال ومن المهم ان يتم تصنيف المجرمين طبقًا لأعمارهم وجرائمهم وحالاتهم النفسية والعقلية بقصد تحديد أنواع الرعاية والإصلاح المناسب لهم، دراسة الظروف والعوامل الموضوعية التي تهيئ للجريمة وتساعد عليها لمعالجتها والحد منها، واشارت الى ان عقوبة الاصلاحية تتضمن الجانبين الموجب والسالب بمعنى انه يمكن ان يعالج السلوك الاجرامي داخلها بانشغال المتهمين بالتدريب المهني والدروس القرآنية والمجهودات التوعوية التي تقدم بالإصلاحية ونصفه بالموجب، اما السالب فهو ان ينغمس الطفل المتهم وسط مختلف الفئات الإجرامية وبعد ان كانت قضيته عن طريق الخطأ تصبح سلوكاً وطريقاً للانحراف.. وشددت الباحثة الاجتماعية على ضرورة تواصل الأسرة المستمر لطفلها بالإصلاحية وان تهيء له برنامجاً أسرياً وتلقي على مسامعه عبارات الامل والتفاؤل باعتبار ان الإهمال الأسري للمتهم يجعله يتعود على الوحدة وتبني في نفسه الشراسة الإجرامية.
صحيفة الإنتباهة
نجلاء عباس[/SIZE][/JUSTIFY]