تحقيقات وتقارير

المساعدات الأمريكية لدولة جنوب السودان .. سكة صعبة!

[JUSTIFY]انتقد تقرير أمريكي بموقع (بيرتي بارت) المساعدات الخارجية الأمريكية وأشار الى أنها كان من المفترض أن تستخدم لتعزيز السياسة الخارجية إلا أنها تستخدم بشكل متزايد لأغراض سياسية وإنسانية لا علاقة لها بالمصالح الأمريكية فى أكثر الأحيان، وشكك التقرير في وجود آثار ايجابية تعود على السياسة الأمريكية وقال لا أحد يعلم ما إذا كانت الأموال التى أرسلت الى الخارج سرقت أم أنها حولت إلي أغراض أخرى أو تم إيصالها الى وجهتها المقصودة؟
واعتبر التقرير إن الطريق الذي بُنيَ بتمويل من وكالة التنمية الأمريكي بدولة جنوب السودان لربط العاصمة جوبا بيوغندا – الطريق الوحيد بالبلاد الذى أنشئ بواسطة مجموعة لويس بيرقر كانت ميزانيته الأولية حوالي 87 مليون دولار، ولكن المشروع تكلفته بـ 225 مليون دولار – ذهب معظمها لمتعاقدين غير سودانيين، من جانبه قال الدبلوماسي الأمريكي بدولة الجنوب، الذي شارك في استثمارات عديدة بدولة الجنوب انه كان من الأنسب بناء عدة طرق فرعية أو يستخدم مقاولين محليين بدلاً عن بناء طريق واحد بتكلفة 225 مليون دولار ولكن مسئولي التنمية الأمريكية لم يكونوا يفكرون بهذه الطريقة. واعتبر التقرير إن المساعدات الأمريكية كارثة اقتصادية و سياسية وإنسانية و أنها جعلت الدول الفقيرة أكثر فقراً وأبطأت من نموها، وجعلتها مثقلة بالديون، فضلاً عن التضخم و أنها أصبحت عرضة لتقلبات السوق المالية وغير جاذبة بصورة كافية للاستثمار.

تقليد قديم
من جانبه مضي الكاتب الأمريكي ميشيل تيتانت فى ذات الاتجاه بحسب تقرير نشر فى مجلة (نيو أمريكان) الأسبوعية الذى أشار الى أن الرئيس الأمريكي بارك تعهد خلال حملته الانتخابية بالتغيير الذى يرغب فيه غالبية الشعب الأمريكي، إلا أن القليل من التغيير قد تم نجازه على مستوى السياسة الداخلية عن سياسة سلفه بوش بخلاف التسريع من النمو الذى كان متسارعاً بالفعل، مضيفاً أن السياسية الخارجية هي المجال الوحيد الذي يبدو فيه تباين ملحوظ عن سياسة بوش، واستشهد تيتانت بمقال للكاتب كيفن بيرينو بمجلة (نيوز ويك) قبل عدة أشهر من إجراء استفتاء تقرير المصير لدولة الجنوب تحدث فيه بشأن مساعدة الغرباء البعيدين وعن تساؤل الأمريكيين حالياً عن مقدرتهم من فعل الخير فى المناطق البعيدة النائية المضطربة فى إشارة إلي السودان وقال بيرنيو تجد فى الجدار الداخلي لمكتب رئيس الدولة الجنوب سلفا كير صورتين كبيرتين أحداهما للمسيح والأخرى لسلفا كير وعلى المكتب وضع كتاباً مقدساً بجانبه كتاب عن تطوير الذات للكاتب روبرت غرين ، مضيفاً ان سلفا كير كان من قادة حرب العصابات وجيش المتمردين الذى عرف (بحركة الأنانيا) والتى تعني (سم الأفعى) و ترأس حكومة الجنوب خلال سنوات الحكم الذاتي الخمس. وحظي نظامه بمحبة المانحين الغربيين، فسلفا كير جمع مظهره بين الوطنية والتقوى المسيحية ووجد صدى لدى منظري واشنطن المتشددين الذين يسعون لإعادة تشكيل توازن السلطة بالسودان، حتى في ولاية أوباما التى كانت أكثر واقعية صبت الولايات المتحدة أكثر من 300 مليون دولار سنوياً بجنوب السودان كجزء من جهد كبير لدعم حكومة سلفا كير قبل الانفصال، ويرى بيرينو فى تقريره أنه على الرغم من أن صنبور المساعدات لا زال متدفقاً بدولة الجنوب إلا ان مشروع كير الإصلاحي الطموح فى خطر ونشطاء حقوق الإنسان يحذرون من إمكانية رجوع الحرب بين الشمال والجنوب و استشاريون بالإدارة الأمريكية يشككون فى فشل جهود المؤسسات الأمريكية فيما يتعلق بدولة الجنوب، مشيراً الى أن سلفا كير خلال مقابلته أجرت معه فى وقت سابق أبدي قلقه من فقد الولايات المتحدة اهتمامها بالجنوب فى غمار أزمتها الاقتصادية.

اختيار حاسم واعتبر بيرينو إن دولة الجنوب تشكلت لتكون اختباراً حاسماً لمقدرات الولايات المتحدة على إصلاح المناطق المضطربة البعيدة، فهناك تساؤل بشأن هل لا زالت الولايات المتحدة غير قادرة على تمويل المزيد من مشاريع التنمية الطموحة فى الخارج، وفى ذات الوقت كشفت دراسة حديثة ان المساعدات الأمريكية بإفريقيا لم تفعل الكثير لتحفيز النمو وفى بعض الحالات أضرت أكثر مما تنفع، ويضيف بيرينو إن جهود بناء الأمة السودانية هو مشروع ورثه من سلفه بوش، فقد ساعد بوش على صياغة اتفاقية السلام الشامل ومنذ ذلك الحين ضخت الولايات المتحدة ما يزيد عن 6 مليارات من الدولارات فى السودان وتعتبر أمريكا هي المانح الأكبر فى السودان وأن السودان من أكثر الدول المتلقي لمساعدات والأمريكية بعد أفغانستان و باكستان.

وأضاف بيرنيو إن المراسلون الخارجيون يتندرون بأنه لا فى الجنوب السودان (مصنوع من المعدن سوي السلاح) ولا يوجد سوي ثلاثة أميال من الطرق المعبدة بالمنطقة التى تقارب مساحتها فرنسا، الآن جوبا المدينة منازلها من القش ومؤخراً أكواخ من الصفيح التى بدأت فى الازدهار والتى بنيت من الصفيح تجد من الصعب استئجار منزل بها أقل من 12 ألف دولار شهرياً بحسب مسئول غربي يعمل بجوبا ولكن غير مخول بالتحدث فى الأمر، مضيفاً إن أجرة السيارات تفوق أجرة مدينة مانهاتن وأن أجرة الفنادق تفوق فنادق (بيتكو) الشهيرة، و أن هناك مؤشرات قليلة على قدرة دولة الجنوب الوليدة على الوقوف بمفردها وان تقرير لوكالة التنمية الأمريكية لأعوام سابقة أن جهود بناء دولة الجنوب غير إستراتيجية كما أنها ليست مكثفة ومع استثناءات قليلة فالأهداف غير محددة وبعيدة عن الأداء الفعلي ومن الاستحالة قياسه، وبالتالي من غير المرجح نجاحها، مشيراً الى أن الولايات المتحدة تلقي اللوم على ان حكومة الجنوب غير ذات كفاءة خاصة والتعليم انحصر في موظفي الخدمة المدنية وأن 85% من قوات الأمن في البلاد من الأميين بحسب مصدر أمني غربي بجوبا رفض الكشف عنه اسمه ليتحدث بصراحة أكبر، ويقول المستثمرون فى جوبا فى حديثهم لـ(نيوزويك) إن أموال المساعدات تشوّه الاقتصاد المحلي، ويقول مندوب شركة البيرة أنه استثمر حوالي خمسين مليون دولار في مصنع بجوبا إلا إن وكالات الإغاثة تعمل على رفع الأسعار وتكاليف العمالة، وأضاف انه أنفق خلال وجوده فى فندق فى جوبا أكثر مما أنفقه فى رحلة سابقة الى ريتز في شيكاغو، لافتاً الى أن المساعدات قصيرة المدى لها تأثير السيئ على الاقتصاد .

صحيفة السوداني
سحر احمد[/JUSTIFY]