ما غاب عن أبي عيسى وقواه ..!
منذ ذلك التاريخ حدثنا التجمع ووعدنا بالانتفاضة الشعبية المسنودة بالبندقية غير أن السنوات مرت والتجمع مات وتفرق أيدي سبأ ولم نرَ انتفاضة شعبية. فالحركة الشعبية شقت طريقها ومضت فيه حتى وصلت إلى ما وصلت إليه.. والسيد الميرغني – رئيس التجمع (فرز عيشته) وشارك حزبه (الاتحادي الأصل) الحكم وصار جزءاً من النظام القائم.. أما حزب الأمة القومي فقد كره زعيمه الإمام الصادق أحزاب (الطرور) وصار ابنه عبد الرحمن الصادق مساعد رئيس الجمهورية يمشي بين الأحزاب بما فيها حزب أبيه حاملاً مبادرة السلطة الأخيرة للحوار الوطني.
وحوار العليين – الدكتور علي الحاج والأستاذ علي عثمان نائب رئيس الجمهورية في العاصمة الألمانية مؤخراً – شيء آخر كما تقول الصحف. فقد نقل الدكتور علي الحاج نائب أمين عام المؤتمر الشعبي فحوى ذلك اللقاء إلى الأحزاب الأخرى كما كان حضور محمد الأمين خليفة خطاب الرئيس الأخير الذي أعلن فيه إطلاق سراح المعتقلين السياسيين شيئا آخر يضاف إلى الشيء الأول.
وهكذا أمر أو حال يقول من طالع تصريحات الأستاذ فاروق أبو عيسى الأخيرة عن مبادرة السلطة ومؤتمرها الوطني للحوار، إن الرجل وقوى إجماعه الوطني التي لم تعد (مجتمعة أو قائمة) قد غاب عنها الكثير.. بما في ذلك الوعي بحقائق الأمور والأشياء..
الأستاذ فاروق أبو عيسى اشترط للحوار حسب صحيفة (الخرطوم):
٭ فترة انتقالية متفق عليها يتحقق فيها تفكيك دولة الحزب الواحد – أي المؤتمر الوطني.
٭ وعلى الحكومة أن تخاطب (قوى الإجماع الوطني) وليس الأحزاب كل حزب على حده أو منفرداً.
وهذا كلام ليس له منطق أو يقف على رجلين. ذلك أن النظام الذي يريد تفكيكه و(تشليعه) الأستاذ أبو عيسى هو نظام منتخب رئيساً وبرلماناً ومجالس تشريعية ورؤساء ولايات.. فهو حكم خلفه ارادة شعبية ولن يتفكك إلا بالآلية التي قام عليها. ان الشعب هو صاحب المصلحة والقرار.
أما ما يدعو السيد أبو عيسى وغيره (قوى الاجماع الوطني) فهو بحكم الواقع (ميت سريرياً) وينتظر من يقرأ عليه الفاتحة ويستره على طريقة السيد درمة الذي له خبرته في هذا المجال..! إن (قوى الاجماع) غير موجودة الآن وقد رحل عنها من رحل وصبّ عليها البعض جام غضبه وسخريته والإشارة هنا إلى السيد زعيم حزب الأمة القومي الذي له ما يذكر ويحفظ في هذا السياق.
إن الرأي العام اليوم غيره بالأمس. فهو يحسب مصالحه ويقيسها على نحوٍ جيد وصادق لا يحتمل التسويق والترويج على غير المواصفات الدقيقة والسليمة. هناك الآن تنمية وخدمات ومصالح ترى بالعين المجردة أو عبر الشاشات المضيئة والأجهزة الرقمية وما يزال ما ينتظر كثير إلا أن ذلك لا يمنع الحوار الوطني الجاد وبسط الحرية الحزبية والديمقراطية وغير ذلك مما هو مطلوب ويصلح الحال ويرضي الطموح الوطني.. ويحفظ الحقوق والمصالح.. والسعي لتغيير النظام بالحسنى والوسائل الشرعية..
صحيفة الصحافة
موسي يعقوب