تحقيقات وتقارير

التعليم الأجنبي.. مدارس تهدم قيم المجتمع الدينية والاجتماعية

[JUSTIFY]شعر من الصوف، وعين صفراء، وبشرة زرقاء وسوداء اللون، هذه هي الصفات التي وصف بها الله سبحانه وتعالى تشبها بالمخلوقات ــ تعالى عن ذلك علوا كبيراــ قال تعالى «ليس كمثله شيء وهو السميع العليم»، هذه الصفات وردت في بعض مناهج المدارس الاجنبية بالسودان.. افكار هدامة تدعو الى عقائد مضللة تعمل تروج لها بعض المدارس الاجنبية التي وجد ميسورو الحال من اولياء الامور فيها متكأ طيباً لأبنائهم حتى يتأهلوا الى مصاف التعليم العالمي المتطور، ولكن في غلفة من وزارة التربية، كما وصفها أحد التربويين، وجدت هذه المناهج مكانها بين الطلاب، وتم تدريسها بكل هذه المحتويات التي تمس الدين والعقيدة والاخلاق، ولفت الاهتمام بها والبحث عما ورائها ما تناولته الصحف من موجات التنصير المنظمة لابناء المسلمين التي انجرف وراءها قرابه المائة وخمسة مسلماً وفق ما اورده احد ممثلي بخت الرضا في الملتقى الاول لقضايا التعليم الاجنبي الذي رفعت آخر مداولاته مؤخراً بقاعة سر الختم الخليفة بمباني وزارة التربية والتعليم الاتحادية.

وناقش الملتقى جملة من الاوراق تطرقت الى كل القضايا الخاصة المتعلقة بقضية التعليم الاجنبي بالبلاد والتحديات الماثلة، ولكن من أكثر الأوراق خطورة وكشفت خبايا وتفاصيل تلك المدارس وما يدور بداخلها، الورقة التي جاءت بعنوان «التعليم الاجنبي بين الواقع والمأمول»، وكانت الورقة عبارة عن دراسة تحليلية من وجهة نظر مختصي المناهج بالمركز القومي للمناهج ببخت الرضا، وقدم الورقة الدكتور حمدان أحمد حمدان قائلاً إن هذا الجهد جاء بناءً على ما قام به ضمن لجنة متخصصة من قبل بخت الرضا وفق توجيه من وكيل وزارة التربية بتشكيل لجنة لمراجعة وفحص مقررات ومناهج المدارس الاجنبية، والتأكد من عدم تعارضها مع تعاليم الدين الإسلامي والثقافة السودانية، ومن ضمن ستين مدرسة أساس وثانوي بولاية الخرطوم وقفت اللجنة على أربع عشرة مدرسة عبر الزيارات الميدانية للمدارس، وأعدت اللجنة تقريراً شاملاً عن تلك المناهج.

وقال دكتور حمدان إن هناك الكثير من المخاوف والمحاذير التي تصاحب تلك المناهج، مما يسبب للآباء والتربويين الكثير من الشكوك في مخرجات التعليم الاجنبي نتيجة الانفتاح والحرية المطلقة في المجتمعات الغربية، وبالفعل من خلال ملاحظات المختصين في العلوم الاجتماعية «الجغرافيا والتاريخ» اتضح وجود خطأ في رسم حدود السودان الشمالية مع مصر، كما تدرس المحرقة اليهودية في كتاب التاريخ لطلاب المرحلة الثانوية، مع ورود خطأ في تاريخ ميلاد المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام، ويضيف ستاً وعشرين ملاحظة عن مناهج اللغة الانجليزية وآدابها، حيث وجد دكتور حمدان بعض المفاهيم التي تتعارض مع الدين الاسلامي في مادة الأدب الانجليزي التي وصفت الله سبحانه وتعالى بصفات تشبهه بالمخلوقات، وذلك يتنافى مع قوله تعالى «ليس كمثله شيء وهو السميع العليم»، شحيث وصف بأن له شعراً وعيناً صفراء وبشرة زرقاء وسوداء اللون، مما يشير الى وجود منهج تبشيري لعقيدة الثالوث المسيحية، كما حوى المنهج أساطير ومعتقدات وثنية تروج لوجود آلهة غير الله تشاركه في ملكه تنفع الناس وتضرهم، وفي ملاحظات عن مادة العلوم «الاحياء والكيمياء والفيزياء» يضيف حمدان أن بعض مناهج المدارس الأجنبية بها صور متكررة لرسوم لممارسة العملية الجنسية، كما وردت طرق متعددة لمنع الحمل غير المرغوب فيه، واستخدام الواقي الذكري وحبوب منع الحمل والاخصاء الجراحي للرجل، وقتل الحيوانات المنوية، وقطع أنابيب المبيض في المرأة، بالإضافة الى الكثير من المعلومات التي تتنافى مع المعتقدات الاسلامية، كما وجدت اللجنة بعض المدارس لا يشتمل منهجها على التربية الاسلامية في حين تدرس منهجاً غير منقح للمسيحية، وتم إغلاق مدرسة علمانية رفضت تدريس الدين اطلاقاً، واهم ما كشفت عنه اللجنة أن كل مدرسة لها خطة خاصة بها ولا تلتزم بتدريس خطة وزارة التربية.

مداخلات المشاركين الذين أثروا النقاش اكدت التخوف من واقع العملية التعليمية في المدارس الاجنبية، وضرورة مراجعة مواضع الخلل وتقويمه، وفي ذلك قال الخبير التربوي رئيس المجلس الاستشاري لوزير التربية والتعليم بولاية الخرطوم حسين الخليفة الحسن، ان الفكرة المكونة في ذهني بشأن التعليم الاجنبي كان بها نوع من التأرجح في الرأي، ولكن ما تم طرحه من خلال تقرير لجنة المناهج ببخت الرضا يشير إلى نتائج تقرير خطير، ونحن بوصفنا تربويين لم نكن لنقف ضد التعليم ولا أن نعترض على التعليم الاجنبي، لأن همنا الاول يكون في التقدم العلمي، ولكن نتائج تقييم التقرير تشير الى أن وزارة التربية كانت في غفلة وتحتاج الى تقويم ولوائح تضبط مناهج المدارس الاجنبية، واذا استمر الامر بهذه الوتيرة عندها يصبح الخوف ماثلاً لمستقبل الدين متمثلاً في الاسلام، خاصة أننا نمر بمنعطف خطير للغاية يحتاج الى علاج ناجع جداً، لذا يجب العمل على معالجة الوضع الراهن من خلال تكوين لجنة مختصة بأمر التعليم الأجنبي تشارك فيها كل الجهات ذات الصلة، ومعالجة هذا الأمر من خلال منظومة الدولة ورئاسة الجمهورية طالما القضية تمس الدين.

ووصفت الاستاذة فاطمة عبد المحمود مدير كرسي اليونسكو ما ورد في شأن المناهج الاجنبية من خلال التقرير «بالهنات» حين قالت: «إن هناك بعض الهنات في المناهج الاجنبية لا بد من تقويمها التقويم الصحيح في ما يختص بالعلوم الانسانية التاريخ والجغرافيا والادب، خاصة أننا نتعرض الى هجمة ثقافية شرسة مما يقتضي ان تكون هناك قوة تواجه هذه الهجمة وتحمي المجتمع وقيمه من هذه الهجمة المتخصصة، وفي جانب العلوم والتكنولوجيا فإن العالم يمتلك خبرة عالية في مجالات الكيمياء والفيزياء والرياضيات والاحياء والعالم تطور كثيراً، وحتى في مجال الترجمات لم توفق دولة سوريا في ترجمة العلوم للعربية مما تطلب اخذها من الانجليزية، وفي هذا لا بد من الاستفادة من الخبرة الاجنبية لأنها مهمة للغاية». واقترحت فاطمة عبد المحمود الاهتمام باحدى ملاحظات اليونسكو في هذا الشأن، بضرورة ادخال العلوم العامة لإعطاء الطالب ذخيرة وافرة من العلوم العامة حتى يتمكن من اختيار الطريق الصحيح.

وتحدث مدير المركز القومي للمناهج ببخت الرضا الطيب مصطفى حياتي قائلاً: «إن ما ورد في التقرير من إشكالات يمثل واقع المناهج الحالية داخل المدارس، وكان الهدف منه تقييم التجربة والمناهج الحالية لوزارة التربية والتعليم، كما أن مناهج وزارة التربية والتعليم قد مضى عليها عقدان من الزمان ولا بد من تغييرها، وهي بالتأكيد ليست مبرأة من النقد، وما عليه حال مناهج وزارة التربية قد دعا إلى اقامة مؤتمر التعليم القومي، ولا بد من تغييرها، والمركز يعد وثيقة عامة ووثيقة على المدى الطويل، ومن المقرر أن تتم إجازة هذه الوثيقة مبدئياً خلال أسبوعين الى أن يتم اعتمادها نهائياً من قبل مجلس المركز القومي للمناهج».
وفي ختام حديث الورقة طمأنت الاستاذة سامية عبد المطلب الخطيب مدير الادارة العامة للعلاقات التربوية الخارجية، ادارة التعليم غير الحكومي والاجنبي بوزارة التربية الاتحادية إلى أن الوزارة ليست في غفلة عن واقع المدارس الأجنبية، وأنها بصدد معالجة الأمر معالجة جذرية وإعادة الامور الى نصابها بما يتناسب والدين والقيم والمعتقدات الإسلامية والأخلاق والأعراف السودانية.

تحقيق : تهاني عثمان
صحيفة الصحافة [/JUSTIFY]