شوقي إبراهيم عثمان

النادي الألماني…لنجعله أسما على مسمى!


النادي الألماني…لنجعله أسما على مسمى!
في أجازتي الماضية للخرطوم، أي قبل ستة أشهر، زرت النادي الألماني لأول مرة في حياتي، وكان في ذهني أن أتعرف بالجالية الألمانية السودانية، أو الجالية السودانية الألمانية، لأنه ليس هنالك أجمل من أن ينتمي المرء إلى مجموعة ماcommunity تربطك بها رابطة ما، خاصة ببلد مثل ألمانيا الاتحادية، فهي إن صح التعبير أوروبا، فكل الدول الأوروبية عيال على ألمانيا بشكل ما، وإذا ذكرنا الإضافات العلمية التي قدمها الشعب الألماني للبشرية فهي لا تحصى ولا تعد. ولا تعد قضية النازية إلا استثناءً وهي صناعة الساسة والسياسة الدولية ولم يكن الشعب الألماني نفسه سوى ضحية مثله ومثل ضحايا النازية نفسها.

وجدت صعوبة للوصول إلى النادي الألماني، فأنا لا أعرف شوارع الخرطوم، ولا أعرف أين يقع النادي الألماني، والطريف قبل الوصول له بمربعين أو ثلاثة صادفني اثنان من الأوروبيين فسألتهم ووصفوا لي كيف أصله..ثم شكرتهم وكأنهم أولاد بلد وأنا الغريب.

عند المدخل وجدت شابا عند الاستقبال فأخرجت بطاقتي الشخصية الألمانية له بأدب كعرف في هذه الأحوال، وتعريف بنفسي..فعاجلني بالقول: لسع ما فتح باب التسجيل!! إجابة غريبة، أليس كذلك؟! من أين عرف أو بالأحرى كيف تكهن أنني أرغب في أن أسجل نفسي كعضو في النادي؟! أليس من الممكن أن أكون زائرا، أو على موعد مع شخص ما؟ ولم أخذله…أخذت منه الخيط وجريته!! طيب ممكن أقابل الإدارة؟ قال لي: رئيس النادي ما في..وأخذ يتكلم عن مواعيد التسجيل التي لم تتحدد بعد مرة أخرى!! قلت له بإصرار مؤدب: داير اقابل أي مسئول في النادي ما ضروري الرئيس!! داير أفهم اللوائح، واللجنة التي تدير النادي وأنشطته!! وحين لاحظ عنادي ومحاولته لتطفيشي فشلت، أخذني للداخل، وفي الحوش كان هنالك شخصا واقفا. ذهب إليه بأدب وخاطبه: سيادتو..الأستاذ داير معلومات..!! فسلمت على الشخص الجديد وهو أيضا شاب..وأدخلني مكتبه.وبدأ بيننا حوار ماراثوني!!

فهمت من كلمة “سيادتو” السابقة أنني في سكنة عسكرية، فعرفت نفسي وشرحت له أنني ارغب في أن أطلع على لوائح النادي ومنو هي اللجنة أو السكرتاريا التنفيذية الخ وبالطبع كما تعودنا في ألمانيا يجب أن تكون هنالك كتيبات تعريفية مجانية، عن اللائحة وشروط العضوية، واللجنة التنفيذية القائمة، والأنشطة والانجازات والأهداف التي قد يؤديها النادي الخ قال لي: لا توجد كتيبات، وتعال بكرة، وممكن رئيس النادي يديك هذه المعلومات!! وبدأت أستفسر عن العضوية هل يجب ن يكون العضو ألمانيا؟ قال ليس بالضرورة، ثم سألته من له الأغلبية في اللجنة التنفيذية الألمان أم السودانيين، قال لي السودانيين، ثم سألت من يمتلك هذه النادي؟ قال الجمعية، فصححته طبقا لشهادة البحث لمن تعود ملكية الأرض؟ لم يعطني إجابة، ربما هو نفسه لا يدري وسألته أسئلة كثيرة شعرت أنه ممانع أن يكون صريحا، ولكن فهمت منه أن صراعا تم على السيطرة على النادي وفهمت أن النادي يكاد يكون بالكامل سودانيين ليس فيهم ألمان!! فقلت له طيب ليه ما تغيروا اللافتة؟ لماذا محتفظين بها وعليها شعار “النادي الألماني”؟ قال الجمعية أسمها كده، ونحن فزنا في الجمعية العمومية!! وطبعا فهمت كيف فازوا، يطفشون الشخصيات الألمانية أو حملة الجنسية الألمانية، ويعتمون على يوم انعقاد الجمعية العمومية – فلا يحضرها إلا من يرغبون فيه!! لذا أي شخص يحمل الجنسية الألمانية يطفشونه كما حدث معي عند مدخل الاستقبال!!

وبالطبع حين يصبح النادي الألماني سكنة عسكرية أو بالأحرى تابعا للشرطة ولعوائل الشرطة ستفهم من هو الذي أنتصر. وحين سألته ما علاقة النادي الألماني بالسفارة الألمانية، أجابني: السفارة أرسلت لينا خطاب رسمي بتقول فيهو أنها رفعت يدها عن هذا النادي!! وساعدني الحظ..دخل شخص آخر بلبس مدني – طبعا هو رتبة كبيرة فقد ففذ صاحبي قائما مبشبشا وخاطبه بأدب زائد بسيادتو..ففهمت أن الضيف رتبة أعلى، وكان الموضوع يتعلق بورق مدرسي يخص أطفال الرتبة الكبيرة!! ثم جلست الرتبة الكبيرة على جنب وسألت أنا مستفسرا إذا ما كانا رتبا في الجيش، فصححاني أنهما رتب في الشرطة. وأخذت الرتبة الكبيرة تستمع إلى بعض الأسئلة بتاعتي..أو بالأحرى بقية الحوار الذي أنقطع!! فعلقت الرتبة الكبيرة بتطفل: (دي أسئلة مخابرات!!) مخابرات!! إلا دي!! دي ما فيها هزار، فحدَّرْتَ ليه على جنب: وقلت ليه الكلام البتقولو ده عيب، أي نادي في ألمانيا بيوفر طواعية كافة المعلومات عن نفسه!! ثم توجهت لصاحبي وقمت مودعا له ولساني يلهج: أحسن ننهي الجلسة بدال ما يحصل كلام خارم بارم!! وخرجت!!

ربما وقد يكون غالبا أن الجالس في الاستقبال والشخص الذي استقبلني في مكتبه هما من صف الخدمة الإلزامية ومركبين “ماكينات” ضباط..وعلى ذلك تم احتلال النادي الألماني عبر كتيبة من صف الخدمة الإلزامية المجندين مؤقتا!! عموما، هذا أو ذاك، إلا أن النادي الألماني بيتكلم ليس بالألمانية بل “بسيادو”..!!

هذه هي الخلفية للنادي الألماني..في زيارة قصيرة وعابرة!! وبالطبع هنالك الكثير من التفاصيل أجهلها. وبالدخول في الأنترنيت الفضاحة بحثا عن النادي الألماني المخطوف بماكينة البحث..اصطدمت بطرائف جديدة ومفيدة….

مثلا في أكتوبر 2009م أقامت قناة النيل الأزرق في النادي الألماني حفلة غنائية بواسطة السر قدور..والبث كان مباشر!! وعلى ذمة المحامي “القطري” فيصل علي سليمان الدابي نختار بعض توصيفاته للحفل: (فقد اجتمع الهرم السياسي ممثلا في الزعيم السوداني الصادق المهدي مع الهرم المسرحي ممثلاً في علي مهدي فامتزجت السياسة بالفن على نحو لطيف أما مستوى الجمال السوداني فحدث ولا حرج فقد كان رهيباً إلى درجة أن كثير من المغتربات قد قررن فرض حظر على أزواجهن ومنعهم من زيارة السودان في كل الإجازات القادمة).

لاحظوا أن هذا الحفل يفسر كل شيء!! لقد حول “سيادتو” النادي الألماني بعد احتلالهم له إلى دجاجة تجارية تبيض ذهبا على غرار نادي الشرطة التابع لجامعة الرباط الوطني، ونادي الضباط بشارع أفريقيا!! أليست هذه فكرة جهنمية هل فهمتم لماذا القبضة البوليسية الحديدية الغامضة على النادي الألماني؟ كم دفعت قناة النيل الأزرق للنادي الألماني وكم دفع “المشاهدون” (مع ملاحظة أنهم كلهم من مغتربي الخليج)، ومن هو الشاطر في الأمن القومي الاستراتيجي الذي نسق ما بين القناة “وسيادتو” النادي الألماني..وبين أهل الخليج المقرشين؟ ثم أنظر إلى روعة التخطيط الإستراتيجي إذ يحضر إلى الحفل هرمان “السياسي” الصادق المهدي وعلى مهدي “راعي” دولارات الأطفال الفقراء..!! أما “فحدث ولا حرج”..فالسر يقبع في قدرة الشاعر الذي أصبح مثل المغنطيس يجذب في حفلاته نواعم الخرطوم..ونواعم الدوحة المرعوبات!! فلا بد أن للشاعر علاقة مع روابط إستراتيجية كثيرة مثل رابطة أصدقاء سامي المغربي وأمثاله بالخليج!! ثم لا ينسى المحامي القطري بعد احتلال النادي الألماني أن يتحدي ألمانيا الاتحادية نفسها، قال لا فض فوه: (ولعل المرء لا يبالغ مطلقاً إذا أكد أن جودة الغناء السوداني في النادي الألماني في تلك الليلة المبهرة كان بجودة سيارات مرسيدس بنز الألمانية وربما فاق جودتها بمراحل).

أما البانوراما الثانية فهي عن حفل رأس السنة يوم الخميس 31 ديسمبر 2009م بنادي “سيادتو” الألماني: كتب عشاق الانترنيت، التالي:

(النادي الألماني بالرغم من الحضور المكثف لبعض الشخصيات المحترمه لكن حسبي الله من الازياء الفاضحه)؛ (…وهكزا الحال في عدد من الانديه الالماني وماادراك ما الالماني دي جي منفصل وحفل للرجل سامي المغربي؟؟؟ والدكتور عمر…حاضرا جسدا وغائبا عقلا ومضمونا ورايت بنات واولاد اشباه البنات بتاعين الناصل من البناطلين والقيم ورجال اشنابهم يرك فيها الصقر مع بناتهم العاريات ونسائهم الغافلات حسبنا الله ونعم الوكيل) الذي لم أعرفه منو هو الدكتور عمر..وشنو يعني الدي. جي هل يقصدون the dance ground؟ ربما. أعذروني فأنا غشيم من جيل قديم!!

(أها كمان قالوا جابت ليها أحضان: البت الوقعت في حضن طه سليمان في حفلة عامة خبرها شنو؟؟؟) وبأسلوب “المخابرات” أخذت أفتش بخبث عن هذا الفيديو في اليوتيوب، لعلي أحصل علي أدلة الجريمة الجنائية على نادي “سيادتو” الألماني، ولأول مرة في حياتي أعلم أن هنالك من يسمى بطه سليمان وسامي المغربي!! هل تصدقوا وجدت الفديو.باسم طه سليمان وحب البنات!! هل يا ترى أعيش وأسمع أن هذين المطربين حصلا على الدكتوراه الفخرية أو درجة البروفيسورية الفخرية لخدماتهما الجليلة في إنعاش “الاقتصاد الوطني” ربطا بجامعاتنا إياها؟ الله ورسوله أعلم.

لا شك أن هنالك حفلات من كل نوع بالنادي الألماني على مدار السنة ولا تنحصر على حفلة قناة النيل الأزرق أو رأس السنة، أو عيد الفطر أو الأضحى الخ بل أصبح النادي مثله ومثل نادي الشرطة ونادي الضباط يصدح ليلا أو نهارا وتحول إلى صالة للإيجار لمن يدفع بدءا من حفلات الزواج وانتهاءً بترويج سلعة أو بضاعة لتسويقها بأسلوب direct marketing الخ ولا شك أن مبالغ طائلة تصب في خزينة النادي المغتصب!! ولقد أثار دهشتي أن كذا صحيفة عملت حفلا بالنادي الألماني لأحد كتابها مثلا، أي عزومة لعشرين أو ثلاثين شخصا..لشخصيات “مهمة” في تقدير الصحيفة من منظور العلاقات العامة، ويأخذون الصور التذكارية على “النجيل الألماني” ولم يخطر على بالهم أن هذا النادي بحاله الحالي قد انحرف عن الدور والوظيفة التي قام من أجلها – بالتحديد تجسير العلاقات السودانية الألمانية!! لم يفكروا أن عزومتهم هذه أو مأدبتهم هذه مكانها الطبيعي العشرات إن لم يكن المئات من المطاعم الفاخرة، أو تلك التي على النيل، وحتى منها ما هو عائم على ضفاف النيل!! ولكن الكتيبة “السودانية” الشرطية المحتلة للنادي بالطبع ليس شرطة الدفاع الشعبي- تفهم فن التسويق بخبث يحسد عليه، فلفظة “الألماني” في عبارة “النادي الألماني” هي السر في نجاح الأعمال، لذا فالغاصب المحتل يستحيل أن يزيل الشعار القديم!! فالأكل على “النجيل الألماني” له نكهة خاصة وكأن الضيوف المساكين انتقلوا إلى ألمانيا!!

هذه الخدعة تطبقها “أندية الإتحاد الوطني لليونيسكو”، فبالرغم من أنها أندية تجارية بحتة بل شرسة تسعى للربحية في تعليم اللغات الخ وبينما مؤسسات اليونيسكو يجب أن تكون منظمات طوعية غير ربحية، ستجد هذه الأندية لا تضع أسعارها على ملصقاتها الإعلانية خوفا من السقوط تحت الجرم الجنائي: الغش!! ولكون هذه الأندية تجارية فوضعها القانوني يناقض أهداف ولوائح منظمة اليونيسكو الدولية أصحاب هذه الأندية التجارية يضعون أو يستخدمون بالرغم من ذلك لفظة “اليونسكو” بلا حق، وشهاداتهم لا تمت لليونيسكو لا من قريب ولا من بعيد. واليونسكو الدولي لا يعطي أسمه لمؤسسات تعليمية تجارية!! لذا هذه ا”الكنكشة” للفظة “اليونيسكو” من قبل هذه الأندية المخادعة هو مفتاح النجاح التجاري،فطلبة الثانوي والجامعة تمر عليهم هذه الخدعة ببساطة ويقبلون على هذه الأندية وفي تصورهم الخاطئ إنها تمت لشيء دولي وأسمها معترف به دوليا!! رغم أن هنالك العديد من معاهد اللغات بأسمائها الخاصة وأفضل من هذه الأندية المخادعة…لكنها لا تجد رواجا ولا إقبالا..تعاني الإفلاس بسبب خدعة لفظة “اليونيسكو”!!

لماذا احتلت الشرطة النادي الألماني عبر مؤامرة مدنية؟ بالطبع ليس عبر كتيبة مدججة بالسلاح، ولكننا نقول عبر عملية انقلابية بيضاء بعد السيطرة على الجمعية العمومية!! هل هذه السيطرة محض مصادفة، أم هي خطت لها من مؤسسات الدولة؟ أم نحن واهمون وما تم عبر تلك الزيارة انطباعا عابرا ؟ هل هنالك أزمة ما بين حكومة السودان والحكومة الألمانية؟ لا نملك إجابات على هذه الأسئلة، ويصعب الحصول على إجابات قاطعة..خاصة بعد تسريبات ويكيليكس، فمن يصدق دولة المؤتمر الوطني ذنبه على جنبه.

إذن كل من يرغب من حملة الجنسية الألمانية، خاصة أصحاب العضوية الحالية أو السابقة بهذا النادي، أو من يرغب في عضوية هذا النادي بعد تحريره، أو من هم يرغبون في مد صداقة الشعب السوداني بالشعب الألماني ويرغبون أن يساهموا باسترجاع النادي الألماني إلى أهله الأصليين، عليهم أن يتصلوا بنا على العنوان الاليكتروني وأن يمدونا بأية معلومات مفيدة سابقة أو لاحقة، أو يقترحون اقتراحا مفيدا، فهنالك لجنة قائمة مهمتها فقط جمع المعلومات والتمهيد لاستشارة قانونية، والتنسيق مع اللجان السابقة أو الأعضاء القدامى والجدد الخ وليكن شعارنا لا للفساد، نعم للطهارة والشفافية ونحن في الانتظار.. ولكم الود والتحية!!

شوقي إبراهيم عثمان
منسق اللجنة التمهيدية
كاتب ومحلل سياسي
[email]shawgio@hotmail.com[/email]