تحقيقات وتقارير

رئاسة الحركة .. من يكسب الرهان ؟!!

[JUSTIFY]أشعل قرار«ابن النوير» الدكتور رياك مشار مولود بمنطقة أدوك بولاية الوحدة- أشهر معاقل قبيلة النوير- للترشح لمنصب رئاسة الحركة الشعبية فتيل المواجهة العلنية بينه ورئيس دولة الجنوب الحالي الفريق أول سلفاكير ميارديت.. مولود بحر الغزال المنتمي لأكبر عشائر الجنوب-«قبيلة الدينكا»- ولم تهدأ في الأصل الحرب الخفية بين الرجلين، حتى قبل تسلم سلفاكير مقاليد حكم الجنوب عقب وفاة زعيمها المفاجئة والغامضة في آن واحد الراحل د جون قرنق ديمبيور، وفي هذا الإطار يؤكد مقربون من دوائر اتخاذ القرار داخل حكومة الجنوب، بأن إصدار الفريق أول سلفاكير ميارديت للمرسوم الرئاسي الذي علق بموجبه السلطات التنفيذية لنائبه د.رياك مشار وإيقاف عملية المصالحة الوطنية التي كان يقودها مشار بين القبائل الجنوبية، بجانب إزاحته من ملفات مسلمي الجنوب والمرأة وقطاعات الشباب والمثقفين، يقرأ كل هذا في سياق إنذارات سلفاكير لمشار لاثنائه عن الترشح، رغم أن البعض يشير الى أن القرارات طبيعية ولا تنم عن خلاف بين الرجلين.. وأن سلفاكير قد استعاد بموجب القرار صلاحيات كان قد منحها الى نائبه في وقت سابق لأسباب تقديرية، وأن مشار سيظل بموجب الدستور نائباً لرئيس دولة الجنوب، ويقوم بمهام الرئيس في حالة غيابه، ورفضت فكرة اتخاذ القرار وبنائه على أسباب خلافية حول من يترشح لرئاسة الحركة في انتخابات ابريل للعام 2015 م، واعتبرت أن الخلاف بين«الرئيس ونائبه» يأتي في صالح رئيس وفدها المفاوض مع السودان «باقان اموم» الذي قالت إن احتدام الصراع بين الرجلين يدفعه للابتسام في الظلام، باعتباره من الذين يحدقون في كرسي الرئاسة في الدولة الوليدة، ولكن مصادر مقربة أخرى لم تستبعد أن يقود إصدارالقرار وتوقيته الى إخراج الحرب الخفية بين الرجلين الى العلن، ويؤدى الى تسارع وتيرة الصراع للحصول على كرسي رئاسة الجنوب، باعتبار أن قيادة الحركة تمهد لرئاسة الجنوب، ولكن مصادر ذات اطلاع واسع بنظام الحكم في الاقليم لم تستبعد وجود زوايا مخالفة لما يشاع بأن الخلاف بين مشار وسلفا يتركز فقط في إعلان الأول نيته للترشح لرئاسة الحركة، وقالت المصادر أن مشار أعلن رفضه في وقت قريب التقارب بين جوبا والخرطوم، وهنا أكد المراقبون أن خلاف الرجلين أنقذ اتفاق المصفوفة الموقعة بين الخرطوم وجوبا من الانهيار، بيد أن المصادر أشارت الى أن سلفاكير رفض الانصياع أوالوقوف على رفض مشار وقادة آخرين مؤيدين لرفض نائبه واعتبرها رؤى قصيرة النظر، وإن أعاد قراءتها على نظرية المؤامرة في إظهاره في صورة القائد المتردد أمام قادة حكومته، وما يتطلبه مصير الجنوب من قرارات حاسمة وإن كانت مؤلمة للحفظ على استقراره السياسي مع جيرانه في الشمال، ويشير المقربون الى أن الخلاف بين سلفاكير ورياك جاء في صالح الخرطوم..

وأنقذ المصفوفة من الانهيار ويؤكدون أن توقيت إصدار القرار ونزع الصلاحيات التنفيذية من مشار، يأتي في سياق تحجيمه ومنعه من اتخاذ اي قرار مخالف لإرادة سلفاكير في القضايا القومية، والشأن المحلي وضربة استباقية لمشار لعرقلة مشروعه للترشح لرئاسة الحركة، بعد أن أوقف سلفاكير بمرسومه الرئاسي الذي بثه تلفزيون جنوب السودان عملية المصالحة الوطنية التي يقودها مشار بين القبائل الجنوبية، وخاصة التي نشبت بينها صراعات دموية في الآونة الأخيرة.. وينوه المقربون من سلفاكير الى أن مشار في جولات للمصالحة الوطنية توسع في علاقاته مع الشباب والطلاب والمثقفين، ويقال إنه بذل من أمواله لكسب ود المواطنين مبكراً، عبرالمساهمة في حل مشاكلهم والإنصات لقضاياهم وأفكارهم في المناسبات واللقاءات الجماهيرية وقطعت المصادر بأن تيار النوير يساندون بقوة ترشح مشار لرئاسة الحركة، ويصفونه بالمخلص، وليس بعيداً عن الأذهان قصة الكجور والقائد ابو فلجة من قبيلة النوير الذي سيحكم الجنوب بعد إنهاء سيطرة الدينكا على مقاليد الأمور في الاقليم لذا يجد المراقبون بأن نشاط مشار المخيف أرغم سلفاكير على إعلان المواجهة مبكراً مع زعيم النوير وبحكم المراقبين فإن لكل الرجلين ميزات ونقاط قوة تؤهله لخوض انتخابات رئاسة الحركة المقبلة، والمزمع عقدها في أبريل في العام 2015م.. فسلفاكير يمتاز بمهاراته الاستشارية وصبره وقدرته على الاستماع رغم حاجته- حسب بعض المراقبين- لفهم لعبة السياسة الدولية سريعاً، والتي يشكك البعض في امتلاكه لها بسبب انزوائه داخلياً وعدم سفره للخارج إلا من رحلة واحدة قام بها الى الصين، وهو مايحسب عليه في إطار الدبلوماسية الدولية، والتي يرى المراقبون أن الدولة الوليدة في أشد الحاجة للانفتاح على العالم، بيد أن سلفاكير رغماً عن ذلك، فإنه يوصف بالمعتدل والمتواضع ويقابل بالهتاف في لقاءاته ومخاطباته الجماهيرية بجانب ارتدائه للقبعة الخاصة برعاة البقر، والشهيرة بماركة«ستيتسون» وذقنه المجعد التي تكسبه الغموض والقوة في آن واحد- حسب المراقبين.

وعلى الطرف الآخر يقبع منافسه الدكتور رياك مشار خريج قسم الكهرباء بجامعة الخرطوم، والحاصل على الدكتوراة في الهندسة الصناعية من بريطانيا.. وتاريخ الرجل يؤكد قدرته ومهاراته العالية في الإدارة، والجانب التنفيذي وحنكته وقدرته على إدارة الملفات المعقدة والعصية، وظهر ذلك جلياً خلال ترؤسه للجنة السياسية العليا المشتركة بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني لانفاذ اتفاق السلام الشامل مع نائب رئيس الجمهورية سابقاً الأستاذ علي عثمان محمد طه، والنائب الأول حالياً، وعبورهم بأمان من مطبات نهايات اتفاق نيفاشا، ورغم ذلك فإن الخطر- حسب المراقبين- يكمن في تصاعد وتيرة الخلاف والشقاق بين الرجلين، وإن ظهر في العلن في شكل مواجهة قانونية استخدم سلفا فيها حقوقه الدستورية واستعاد بموجب المرسوم الرئاسي صلاحيات كان قد منحها لنائبه في وقت سابق لأسباب تقديرية، ولكن هل يتقبل مشار قرار سلفاكير بذات المعنى أم يقود خطاً للمقاومة والتحدي في مواجهة سلفاكير، ويصر على الترشح لرئاسة الحركة..

ويأخذ الصراع بعداً قبلياً- سلفا ومن خلفه الدينكا، ومشار ومن ورائه النوير- والآن فإن شعب الجنوب يحبس أنفاسه وتنتابه حالة من التوتر المشوب بالقلق خوفاً من نتائج صراع الأفيال، ولكن المراقبين أكدوا أن قضية الحصول على رئاسة الحركة الشعبية ودولة الجنوب، تمر عبر متطلبات داخلية واقليمية ودولية، وأن من يبرع في لعبة الدبلوماسية الدولية يعتبر الأقرب للكرسي وقيادة الدولة الوليدة.

صحيفة آخر لحظة
بكرى خضر[/JUSTIFY]