نادية عثمان مختار

(متحف) الراحل زيدان إبراهيم بالشقلة !!


(متحف) الراحل زيدان إبراهيم بالشقلة !!
مشاكل الورثة في بلادنا والتي تظهر في أوساط أسرة (الميت) في الغالب عقب رفع (الفراش) وسرادق العزاء بأيام معدودات، كانت ومازالت تبعث في نفسي الحيرة؛ عندما أجد بعض أهل المرحوم وهم قد كفكفوا دموعهم الغالية باكرا ونسوا أن ميتهم لم يجف دمه تحت التراب بعد، قبل ان يبدأوا في مشاكل توزيع إرثه مهما كان كبيرا او ضيئلاً بينهم دون أن يكون الموت نفسه لهم عظة؛ ودون ان يتذكروا أن صاحب المال قد تركه وذهب إلى ربه لا يحمل معه مثقال ذرة من متاع الدنيا الفانية، وصدق من قال ( الكفن ماعندو جيوب) !!
تأسفت غاية الأسف عندما قرأت في الصحيفة الفنية ( فنون) أن بعض أسرة فقيد الغناء وكروان الأغنية السودانية زيدان، قد اشتبكوا وتشاجروا بسبب ميراث المرحوم العندليب الأسمر زيدان إبراهيم، هذا الإرث المتمثل في منزله المتواضع بحي الشقلة بالحاج يوسف !!
كنز كفقيد البلاد الفنان زيدان ترك ميراثا لكل الشعب لايقدر بمال؛ هو تلك الأغنيات التي ستبقى أبد الدهر خالدة في صميم وجدان الشعب السوداني وهو إرث لا يمكن الاختلاف عليه والتشاجر حوله لأنه ملك للجميع بالتساوي !!
فاذا كان الرائع زيدان قد ترك كل تلك القيمة الفنية النادرة فما الذي يعنيه بضعة أموال يجنيها الورثة إن باعوا منزله وجميل ذكرياته التي بين حيطانه ؟!!
عندما سمعت باتجاه الورثة للاستيلاء على منزل الراحل زيدان تذكرت الفنان المصري عبد الحليم حافظ ( عندليب أم الدنيا الاسمر) و لقاء مع شقيقته التي قالت إن الملاءة التي كان ينام فوقها حليم مازالت في مكانها، وفقط يتم غسلها وإعادتها في مكانها مثلها مثل كل مقتنيات عبد الحليم التي لم تمتد اليها يد ورثة ولا يحزنون؛ بحسبانها ثروة قومية كصاحبها وإرثا للشعب المصري بأسره، حيث تحول منزله لـ (متحف ) للراحل حليم يحتوي على كل اسطوانات أغنياته وكل ممتلكاته ومقتنياته الشخصية؛ فهل كان زيدان أقل قامة من حليم لكي يباع منزله او يسكنه الورثة ويعيثوا في ذاكرته خرابا، وهو المنزل الذي حوى أجمل ذكريات العندليب الأسمر، وفيه أنفاسه وأسطوانات أعماله الفنية وملابسه وآلة العود المحببة إليه وكل ماينبض بذكراه النبيلة ؟!!
ندائي ورسالتي لورثة العملاق زيدان ابراهيم اولا وللسيد وزير الثقافة السموءل خلف الله ثانيا، هي ان تحولوا منزل الراحل الجميل زيدان ابراهيم لـ (متحف) يحوي جميع أعماله الفنية وكامل مقتنياته الشخصية ليكون (مزارا) لعشاق الفن الراقي والكلمة الرفيعة .. خاصة وأن الراحل كان يحب منزله الكائن بالشقلة والذي جمعه بوالدته التي كانت تمثل له كل حياته!
وطالما أننا أهملنا العندليب في حياته فهلا كرمناه في مماته وجعلناه ينام في مرقده مطمئنا؟!
و
العشرة اللّى كانت بتتحدى الظنون !!

نادية عثمان مختار
مفاهيم – صحيفة الأخبار – 2011/9/30
[email]nadiaosman2000@hotmail.com[/email]


تعليق واحد

  1. المحترمة الأستاذة / نادية عثمان
    التحية لشخصك الكريم .. والرحمة والمغفرة للعندليب الأسمر زيدان إبراهيم , أعجبني مقالك بخصوص الورثه ,, وأقترح على ورثة الراحل زيدان إبراهيم أن يقوموا ببيع جميع ممتلكاته ويأسسوا بها مسجد أو مدرسة أو زاوية في الحي وتتبنى الحكومة هذه المسأله حتى تكون صدقة جارية يكفر بها عن سيئاته وكلنا خطائون وكلنا مذنبون وحتى تكون أعمال وحسنات في ميزان حسناته يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم . اللهم إني قد بلغت فأشهد . المتحف لن يفيد زيدان بشيء .