الطيب الصديق: اتقوا الله في هذا الشعب المغلوب
وجاز اللمبة في غلبه
حق الفطرة للطلبة
ركوب التاكسي بالقلبة
وحليل المنقة والعنبة
أكان ما الروح بقت سلبة
نمص الصلصة من علبها
وأكانت جاتنا في الرقبة
.. التحية للدكتور الشاعر “محمد بادي العكودابي” وهو بين أهله وأحبابه وذكريات الزمن الجميل.
.. وحقيقة الروح بقت سلبة.. ولكن أكثر ما نخشى يا “ود بادي” أن تنقطع هذه السلبة يوماً!.
نحن في السودان حبانا الله بهذه الروح الطويلة.. فهي من إحدى صفاتنا النادرة التي نتمتع ونتميز بها عن شعوب العالم كافة بالإضافة للسماحة والكرم وطيبة القلب.. فهذه الصفات والشيم العالية مغروسة فطرة في دواخل كل سوداني أنجبه هذا البلد العريض فنحن طيبون بطبعنا متسامحون إلى أبعد الحدود.. كما إن المعاناة والصراع المستمر مع الحياة يكسبنا مزيداً من الصبر وقوة التحمل، ولكن مصيبتنا الكبرى أن هذه الصفات الجميلة هي نقاط ضعفنا أيضاً.. فنحن لا نغضب ولا نثور في أقسى الظروف وأمرها.. تسلب حقوقنا ولا نعترض.. نصفع على خدنا ولا يرمش لنا جفن بل ندير لصافعنا الخد الآخر ليكيل لنا الصفعات!!.
.. شعب مهزوم من الداخل والخارج ومظلوم من نفسه ومن ولاة أمره.. شعب ضائع ما بين ماضيه وحاضره.. شعب مهزوز الصورة قاتم المستقبل!!.
وبعد عزيزي القارئ لا أريد أن أقلب مواجعك وأذكرك بما تريد أن تنساه كعادتك كل مرة وغفرته بقلبك الطيب وطبعك المتسامح أبداً..
.. ولكن لديّ وقفة عابرة مع “الخبز”.. الغذاء اليومي لهذا الشعب المغلوب والمنكوب.. وأقول وقفة عابرة لأنها حقيقة ستعبر تحت عينيك ولا تترك أثراً.. كما تعبر على ولاة الأمر ولا شيء سيتبدل ويتغير.. “الكلب ينبح والقافلة تسير”..
أصحاب المخابز كل واحد يخبز ويبيع على كيفه.. يخبزها ناقصة الوزن، مدورة الشكل، مربعة، مستطيلة.. على كيفه ولا أحد يقول له.. “بتعمل في أيه يا عم”؟!.
.. كما يضع السعر الذي يناسبه ويجيء على حسب مزاجه وكمية الجشع التي بداخله.. مستغلاً تحديد الأسعار وموجة الغلاء في كل شيء.. يغرف مثله ومثل غيره، “ما أصلها الحكاية سايبة وخربانة من كبارها!”.
فيا مسؤولي دولة السودان ويا مجلس وزراء وولاة.. ويا نواب البرلمان ـ بدل النقاش في ظاهرة “الحواتة” شوفوا لنا أمر الخبز وأمر المعايش”.
.. وأرجو جميعاً أن نقف وقفة انتباه مع السوق ومتطلبات الحياة اليومية.. فالأمر أصبح لا يحتمل ولا يبشر بخير.
هذا المواطن الذي يصبر اليوم على مضض متنازلاً عن الكثير الكثير من حقوقه الشرعية ربما يعجز عن الصبر غداً إذا حاصره الجوع أكثر من ذلك ـ والجوع كافر ـ كما يقولون.
.. فأرجو أن تراعوا فيه الله ولا تحرموه حتى من لقمة الخبز الجاف
صحيفة المشهد الآن