رأي ومقالات

بدرالدين حسن علي : لكل هويته والدولة للجميع

في ذات يوم من الأيام حكى لي صديق نكتة قائلا أن أربعة سودانيين إجتمعوا قال الأول وهو شايقي أنه طلب من علي عثمان طه ألا يتصل به ، وقال الثاني وهو دنقلاوي أنه قطع صلته بنافع علي نافع نهائيا ، قال الثالث وهو جعلي أنه متبريء من الرئيس عمر البشير ، أما الرابع وهو بجاوي فقال لهم غاضبا : هل تعرفون أوباما ؟ قالو نعم فقال لهم وطيب ما أصلو أوباما وأوهاجا وأوشاكا كلهم أولاد خالتي .
النكته تعاملت معها فكاهيا فضحكت ، ولكني وفي ذات يوم ما سمعت رئيس دولتنا يقول عن المحامي المعارض فاروق أبو عيسى ” ما عندو
قبيلة ” فعرفت ماذا يقصد هل الجانب الإصطلاحي أم السوسيولوجي ؟ وحمدت الله أني أعرف أبوعيسى قلبا وقالبا ومنذ سنوات طويلة وأعرف أن أسرته من أميزالأسر في قبيلة الجعافرة ، ولكنه لم يحدث إطلاقا أن قال ” أنا جعفري” .

أدرك مسبقا أن هذا الموضوع له حساسية شديدة لدى البعض وقدأوصف بالتخلف ، ولكن فرضته الظروف ، ففي جلسة ظريفة بداري المتواضعة تحدثنا فيها حول الكثير من المواضيع الفنية والأدبية ، سألني أحدهم عن المبدعين من ” الشوايقة ” في مجا ل الأدب والفن مع نكتة ساخرة ومرة وأليمة ” والله يا أبو مهيرة الشايقية ديل يا للعسكرية يا الطورية !” النكتة إستفزتني وجرحتني ، وهو لا يدري أني أعرف الكثير جدا من المبدعين في شمال السودان بل بإمكاني أن ألقي محاضرة عنهم ، وهذا الأمر شغلني لسنوات طويلة ، والوالد رحمة الله
عله – ظل حتى وفاته يقول لي ” أعرف أهلك وناسك ” وكنت أعرف ماذا يعني ! وكنت أقول له ” أهلي السودان ” فيضحك .
كان يقول لي ” شايف شلوخي ديل ؟ فاقول له نعم شايفها ، فيقول لي شلوخي ديل رمزوعز السودان ، انا ماني شايقي أنا سوداني ، ظل هذا الأمر يحيرني لدرجة أني لا أنام ، فالوالد رحمة الله عليه – كان يحب السودان كثيرا ، المهم بعد النكته الساخرة إكتشفت أن هناك نجوما بغض النظر عن أصولها القبلية – تستحق أن تذكر فقررت أن أكتب عنهم محاولا الإجابة عن السؤال ، وقلت لم لا أدفع الأخرين للكتابة عن مبدعيهم لعلنا نصل إلى موسوعة مكتوبةوموثقة و مفيدة للجميع ، وأقول لكم بصراحة شديدة رغم عدم قناعتي بالأمر ولكن إذا ما تخلصنا من ” الحساسية المفرطة ” فالأمر ” طريف ويستحق الإهتمام ” .
كثير من النا س يتحدثون عن أصولهم ولكن دون تجريح للآخر ، وبحكم الغريزة والعاطفة الإنسانية يميل الإنسان إلى والدته ووالده وأخواته وأخوانه وربما جيرانه وأبناء ” حلته ” والبعض من قبيلته ، وهذاالنوع الأخير لا أظنه متخلفا ، إنما هي غريزة إنسانية كما قلت ومهما يكن الأمر فعبارة ” أعرف نفسك وناسك ” تدخل في سياق الموضوع ، لأنك لو عرفت “نفسك وناسك ” لساعدك ذلك على تحمل الغربة وصعوباتها ، وفي حياتي الممتد ة لعقود قابلت الكثيرين الذين يتحدثون عن أصولهم وإذا أحس أن بك حساسية عبر عن ذلك بطرق أخرى ، وكثير من الناس يبدون تعصبا إما علنا أو سرا ، وأنا شخصيا لي أصدقاء من كل أقاليم وقرى ومدن السودان ، ولا أفرق إطلاقا بين هذا وذاك وإنما ” أشغل مخي ” ، المهم التكاتف والوعي .
وكثيرا ما كنت أشجع قيام الجمعيات والروابط والكيانات السودانية في المهجر ، وخذوا كمثال منظمة البجا والجمعية النوبية للتنمية ، لا نستطيع أن نصفها بأنها هلامية ولا فائدة منها ، او أنها عنصرية ، فهي تقدم خدمات لذويهم في الداخل تعبر عن ذلك التكافل السوداني الرائع ، والحديث يطول في هذا الشأن ، وخير مثال في ذلك ما حدث في فيضانات 1985 .

عموما لقد أنجبت منطقة شمال السودان وتحديدا ” الشايقيّة ” ودعونا نستخدم تعبير ” منحنى النيل ” حتى لا نقع في براثن ” العنصرية ” الكثير من رموز الفن والشعر والأدب في السودان : في مجال شعر المديح حسب مطالعاتي وقراءاتي لدراسات المتخصصين خاصة كتابات فاطمة أحمد علي : الشيوخ ود حليب وحاج الماحي وود شبو وود حسين وود سعيد والنقشابى وود الهريف وأبو شريعة أما الشعراء فهم كُثر نذكر منهم :”الحقانية ” مهيرة بت عبود حسونة وعبد الله الشيخ البشير، مصطفي عوض الله بشارة وحسن الدابى ،محمد عبد العزيز ، محمد جيب الله كدكي ،عبد الله محمد خير ، نور الهدى كُنّة ، محجوب شريف ، إسماعيل حسن ، سيد أحمد الحردلو ، الحسين الحسن، هاشم صديق ، قاسم الحاج، السّر عثمان الطيب ، محمد سعيد دفع الله ، محمد الحسن سالم (حميد) ،قاسم الحاج ، تاج السر عباس ، الدكتور محمد بادي العكودابي (ودبادي) ، أزهري محمد على ، إبراهيم أبو نعوف ، أحمد النضيف ، خضر محمود، محمد عثمان عبد الرحيم صاحب (أنا سوداني) ،عبد الرحمن الريح ، عمر الحسين(شدولك رِكِبْ فوق مُهرَك الجمّاح) ، مدني النخلى ، محمد أحمد سوركتي، حاتم حسن الدّابى ، سيد أحمد عبد الحميد ، محمد المهدى حامد ،عبد الله كنة، خالد عباس شقوري ، الفاتح إبراهيم بشير ، خالد الباشا ، إيمان أبن عوف، وغيرهم الكثير ، ولم أقرأ لأي واحد من هؤلاء أنه قال ” أنا فلان الفلاني وقبيلتي كذا وكذا ” .
وفى مجال غناء الحقيبة الفنان محمد أحمد سرور ،الفنان عبد الحميد يوسف، وفي الغناء الوطني العملاق حسن خليفة العطبراوي ، وفي مجال غناء الحماسة محمد الحسن قيقم ، علي إبراهيم اللّحو ، محجوب كبوشيّة، وفي مجال الغناء الحديث نجوم شكلوا وجدان الشعب السوداني أمثال ، سميه حسن ، عثمان حسين ، الجابرى ، إبراهيم عبد الجليل ، سيف الجامعة ،أحمد شاويش ، ثنائي العاصمة ، مصطفى سيد أحمد ، حيدر بورتسودان ، حيدرحدربى ، خالد الصحافة ، محمد ميرغنى ، الموسيقار بشير عباس والملحن حسن بابكروالملحن سمير والملحنة أسماء حمزة ، وفي مجال ” غنا البنات ” لا ننسى ملكة مروي والسودان حواء جاد الرسول ” الطقطاقة ” وبمعنى أصح حوه الرصاصة .

الطمبور
أما في مجال غناء الطنبور منهم عملاق الأغنية الشايقية الفنان عبدالرحمن عجيب ، وملك الطمبور الفنان النعام آدم ،بخيت صلاح ، محمد جبارة ، محمد كرم الله ، إسحاق كرم الله ، عثمان اليمنى ، عبدالرحمن بلاّص، صديق أحمد ، ميرغني النجّار ، يوسف كرم الله ، طارق العوض ، محمدالنصرى ، ثنائي العامراب ، جعفر السقيد ، عبدالرحيم أرقي ، عبد الرحيم البركل ، عبد الرحمن البركل ، وغيرهم الكثير ، ولم أقرا لأي واحد منهم أنه قال ” أنا كذا ”

الرواية والقصة
أما في مجال الرواية والقِصّة فهم الملوك المتوجين علي عرش الكلمة ويكفي منهم الأديب العالمي الطيب صالح ، الدكتور مختار عجوبة، الأستاذ سيف الدين حسن بابكر، اللواء عوض مالك ، الدكتورة بثينة خضر مكي ، الأستاذة نور جعفر، وليلي حسن سلمان ( أم أحمد) ، وفى مجال الإهتمام بالمسرح والسينما هناك : الفكي عبدالرحمن ، علي عبدالقيوم ، حوريه حسن حاكم ، هاشم صديق ومحمد فتح الرحمن وذو الفقار حسن عدلان ، وكاتب هذه السطور كأمثلة لا أكثر ، وجميعهم يكرهون كلمة ” أنا كذا ” وفى الفن التشكيلى إبراهيم العوام ، راشد دياب ، سيف الدين حسن بابكر ، سميرة الدوش وغيرهم ، وفى مجال البحث التراثي والتاريخ المؤرخ عثمان سعيد ، محجوب كرار ، بلاص وداراب ويوسف إبراهيم ، عباس الزين ، إخلاص محمد عثمان ، محجوب العاقب ،و محمد عمرباتوري ، وفي فن الكاريكاتير هناك حسن حاكم ومحمد حاكم وغيرهما ، وفي مجال الكتابة بأنواعها والصحافة والإعلام جيش جرار ” تقولي منو وتقولي شنو !!!
والآن يا صديقي هل رددت على سؤالك أو أقل القليل ؟ ” أوعوا تقولوا لي الناس في أم دوم وأم روابة وانت في أم تكشو ” !!!
عسكريا حكمنا عبود وهو شايقي ، وحكمنا نميري وهو دنقلاوي ، والان يحكمنا البشير وهو جعلي ، وفي نهاية الأمر لكل هويته والدولة للجميع .

بقلم : بدرالدين حسن علي

تعليق واحد

  1. والله يااخ بدرالدين انت ملخبط بين منحنى النيل ومنطقة الجعليين يعني كان تقول وقال الثاني وهودنقلاوي انه قطع صلته بعبدالرحيم محمد حسين ، كما انك خلطت بين منطقة الشايقية ومناطق الرباطاب والجعليين التي هي قبل منحنى النيل، مثلا محمد حسن قيقم والعطبراوي ماهي صلتهم بي الشايقية؟ ونافع ماهي صلته بالدناقلة وسيف الجامعة واللحو وحسين شندي ومحجوب كبوشية لاصلة لهم بمنطقة منحنى النيل.
    ارجو ان تدرس جغرافية السودان جيداً.