السلطة الإقليمية لدارفور .. ما لا يقال جهراً
والخرطوم في سعيها لجلب السلام إلى دارفور أتت بالسلطة الإقليمية، بعد خروج مني أركو مناوي الموقع معها على اتفاقية ابوجا، وغسل يديه من الشراكة بينهما، مطلقاً تعبيراً شهيراً ساخراً من حاله بأن (مساعد الحلة) أفضل منه، انهارت بعدها الشراكة بين مني والخرطوم، وماتت السلطة الانتقالية ولم تنجح محاولة رتق الخرق، وبذل قيادات جديدة بديلة لمناوي للإبقاء على روح الاتفاق.
وبعد لأي، أفلحت مساعي الخرطوم نحو السلام في جمع عدد مقدر من منسوبي الحركات الدارفورية المنشقة عن قياداتها الأم، تحت مسمي (حركة التحرير والعدالة)، التي قامت على ساقين، هما التراضي السياسي والقبول بشخصيتي د. التجاني سيسي، وبحر إدريس أبو قردة، والأمر المنظر في هذه التشكيلة معادلة أهم مؤثر قبلي في الإقليم قبيلتا الفور والزغاوة.
وهو وضع سياسي هش قابل للانفجار، وحلت السلطة الإقليمية لولايات دارفور محل السلطة الانتقالية، وفق وثيقة الدوحة لسلام دارفور.
ويري مراقبون إن عمر السلطة الإقليمية بمثل هذه الخلفية طال أمده من الناحية العملية وتجاوز الخوف من فيروس الانقسام والانشطار حسبما معروف عن تلك المجموعات، لجهة أن ذلك التجمع نظرياً كان معرضاً للانهيار في أية لحظة.
وأفاد مصدر مطلع بخبايا السلطة الإقليمية (الرأي العام) أن الغضبة المبطنة لـ(د. التجاني سيسي) الأخيرة من الخرطوم ليست بسبب المال، وإنما خطوة احتجاجية بسبب طرد الحكومة للمنظمات الأمريكية (المعهد الجمهوري)، والتي أوكل لها القيام بمهمة تدريب كوادر الحركات الدارفورية المسلحة ومساعدتها للتحول إلى أحزاب سياسية، ويتمثل تدريبها في بناء القدرات، ومناهج إدارة الحكم ونظم الإدارة والمحاسبة، وكيفية إدارة السلطة الإقليمية بشفافية، واضحة وعادلة وأضاف المصدر أن كوادر مناوي تلقت تدريبات على يد ذات المنظمة.
وأفاد المصدر أنه تكونت لجنة على مستوى رفيع وعال وتمت إعادة المنظمة لتشرف على عملها العادي.
واعتبر المصدر أن قرار طرد المنظمة تم دون الرجوع إلى الجهة السياسية المختصة.
وبالنسبة لمستقبل السلطة الإقليمية، تهددها بعض المعوقات الهيكلية، لجهة أن وثيقة الدوحة لسلام دارفور كتبت لتشمل كل حاملي السلاح، وان ثمة مناطق محجوزة لهم بما في ذلك الحركات غير الموقعة، ومتى ما وقعت ستنال حصتها من الوثيقة، وهذا انطبق على جناح حركة العدل والمساواة التي انضمت أخيراً للوثيقة وهي في تكوينها الرئيس عسكرية تضم قيادات ميدانية لها وزن لا يمكن تجاوزه، وستنال هذه المجموعة نصيبها من السلطة حلما تصل الخرطوم.
وبالنسبة للمجموعات الأخرى وعلى رأسها مني أركو مناوي أفاد محمد محمد خير المهتم بالشأن الدارفوري في حديثه مع (الرأي العام) أن مستقبل مني في التفاوض مع الخرطوم من جديد أما أن يقوم على وثيقة الدوحة أو ابوجا، لجملة من الأسباب حدد محمد خير ستة منها أن القرار السياسي في حركة مناوي تتخذه القبيلة وليست هناك مؤسسات سياسية والتي لا وجود لها اصلاً، لجهة أن جيش الحركة شبيه بالجيش القبلي يخضع للأوامر المباشرة من مناوي، لذا حسب محمد خير أن العمل السياسي والديمقراطي المطلوب لتغير النظام ليس عريقاً في ذهن مناوي، بجانب أن الهزائم الأخيرة التي مني بها جعلت خيار التفاوض مع الخرطوم هو الأقرب، ونوه محمد خير إلى أن الفصيل الأخير الذي التحق بوثيقة الدوحة يضم عدداً كبيراً من قيادات مناوي الميدانية، وتتجه أجندات هذا الفصيل إلى تحقيق نصر عليه والانتقام من جيشه كما فعلوا من قبل.
صحيفة الرأي العام
أم زين آدم