رأي ومقالات

وداعاً الشاعر السوداني الكبير تاج السر الحسن


وها هو عملاق آخر يغادرنا للقاء ربه الشاعر الدكتور تاج السر الحسن، بعد عمر حافل بالعطاء في مجال الأدب حيث كان واحداً من أبرز شعراء الفصحى في السودان ، إلتقيته في القاهرة في سبعينات القرن الماضي في شقة متواضعة بالزمالك القاهرة يملكها الفنان الراحل المقيم حسن محمد احمد حاكم فنان الكاريكاتير المشهور ، وكان الحضور قامات رفيعة في الشعر والأدب السوداني والمصري أذكر منهم الشاعر جيلي عبدالرحمن الصديق المخلص للشاعر الراحل ، أستاذي محي الدين فارس ، تاج السر خليفة الحسن ، محمد الفيتوري ، الشاعر المصري الكبير صلاح عبد الصبور ، الكاتب والناقد المسرحي نجيب سرور ، كانت جلسة أو بمعنى أصح سهرة مترفة ورائعة جدا لن أنساها كل حياتي ، كلهم عمالقة بحق وحقيقة ، وأضفت الأديبة القاصة زينب الكردي زوجة الفنان حسن حاكم جوا من المرح والسرور غير إعتيادي وقدمت لنا عشاء سودانيا ما زلت أذكره بكل تفاصيله المملة .
في الواقع لم تكن تلك سهرة فحسب بل منتدى أدبي شعري يندر وجوده ، أصر فيه فنان الكاريكاتير الكبير حسن حاكم أن يعرض علينا رسوماته ، وبينما كان يعرض رسوماته ونحن نضحك من القلب لقفشاته ونكاته الساخرة اللاذعة ، كانت زينب الكردي على مقربة منا تتحدث مع المنيا زوجة الشاعر الراحل تاج السر ، وكان يتحدث عنها كثيرا وحكى لنا قصة حبه وزواجها عندما إلتقاها في موسكو بينما كان يدرس الأديب بمعهد مكسيم غوركي ، طبعا المنيا رحلت مخلفة حزنا كبيرا في حياة شاعرنا الفذ تاج السر الحسن ، وكانت قد أشهرت إسلامها .
في تلك الأمسية الجميلة طلب حسن حاكم من الشاعر تاج السر أن يقرأ عليهم قصيدته آسيا وإفريقيا وكنت أسمعها لأول مرة ، وقال له عبد الصبور إنك شاعر رائع ، لم يبخل الشاعر علينا بذكرياته مع القصيدة التي لحنها وغناها الأستاذ الكبير عبد الكريم الكابلي والتي فيما بعد حفظتها عن ظهر قلب ، قال أن القصيدة كتبها تعبيرا عن حبه الشديد لمؤتمر بادونق ولحبه لرؤساء إريقيا وقتها أمثال جمال عبدالناصر وجومو كنياتا وغيرهم ، وأنه كتبها تحت شجر ” الدليب ” .
القصيدة اليوم والتي يحفظها جيل الستينات والسبعينات والأجيال اللاحقة تعتبر من درر الشعر السوداني والعربي :

عندما أعزف يا قلبي الأناشيد القديمة
ويطل الفجر في قلبي على أجنح غيمة
سأغني آخر المقطع للأرض الحميمة
للظلال الزرق في غابات كينيا والملايو
لرفاقي في البلاد الآسيوية .. للملايو ولبادوق الفتية
إلى أن يقول ” سبحان الله ”
مصر يا أخت بلادي يا شقيقة
يا ريضا عذبة النبع وريقة
يا حقيقة
مصر يا أم جمال أم صابر
ملء روحي أنت يا أخت بلادي
سوف نجتث من الوادي الأعادي

42726 رحمك الله يا تاج السر ورحم الله زوجتك المنيا وأسكنكما فسيح جناته ولنا نحن تلاميذك الصبر والسلوان .
بالمناسبة الشاعر الكبير من مواليد الشمالية عام 1935 وبعد أن أتم دراسته الثانوية التحق بكلية اللغة العربية بالأزهر الشريف وتخرج فيها 1960، ثم سافر إلى موسكو والتحق بمعهد ماكسيم جوركي للآداب 1962، وتخرج فيه 1966 ثم حصل على الدكتوراه 1970.

وتضم مكتبة الإذاعة السودانية عددا من قصائد الشاعر الراحل التي تغنى بها كبار المطربين السودانيين ومن أشهرها قصيدة “آسيا وأفريقيا”، وله العديد من دواوين الشعر والمؤلفات الأدبية والسياسية.

ومن أشهر قصائده: القلب الأخضر – قصيدتان لفلسطين – النخلة تسأل أين الناس – الآتون والنبع، ومن مؤلفاته: بين الأدب والسياسة – قضايا جمالية وإنسانية – الابتداعية في الشعر العربي الحديث، بالإضافة إلى نشره العديد من الترجمات من الروسية إلى العربية.

بقلم : بدرالدين حسن علي


تعليق واحد

  1. [B]يابدرالدين حسن قلت انه تاج السر الحسن من الشمالية (اوعى تطلعوا كمان شايقي) زي ماادعيت في كتاباتك السابقة ان قيقم وحسن خليفة العطبراوي وابوداوود ومحجوب كبوشية ومجذوب اونسة هم من منطقة الشايقية ودايماً تنسب اهل الابداع والفن ليكم ليه ؟؟ ياخي لازم تميز بين منطقة منحنى النيل في الشمالية وبين نهر النيل منطقة الجعليين والرباطاب والانقرياب والميرفاب. انت محتاج دروس في الجغرافيا وكمان التاريخ.
    الشاعر تاج السر الحسن عليه الرحمة من منطقة الباوقة- ارتولي .[/B]

  2. وداعا أستاذي
    أيها الرجل المتواضع
    لا أنسى حوارك معي بحضور د/ مهدي المامون وأنا مجرد طالب باحث ، عندما صححت لي معلومة بخصوص فصيدة لك كنت أظنها للراحل سيدأحمد الحردلو
    فليرحمك الله