مقالات متنوعة

هذا الكاتب .. ثروة قومية

[ALIGN=CENTER]هذا الكاتب .. ثروة قومية [/ALIGN] الكتابة من وجهة نظري شيء مقدس ، وخاصة عندما تتناول الشأن العام ، فعندها يجب على القلم قبل أن يتجرد من غمده ، ويبدأ في تناول أي موضوع أو قضية ، أن يتجرد من أهوائه وشهواته ومصالحه الذاتية ، وأن يلتزم بالمعايير الأخلاقية والمهنية ، فصاحبه لا يحاور نفسه ، ولا يعيش عالمه وحده ، فهو خرج من ساحته الخاصة إلى ساحتنا العامة التي تفرض على من يدخلها أن يكون متبرئً من كل ذلك ، حتى تجد كلماته صداها في نفوسنا ، وتجد آراؤه وأفكاره طريقها إلى قلوبنا وعقولنا ، فتكون مقنعة ومقبولة ، وتحدث التأثير المطلوب ، وهذا بالضبط ما تحتاجه أمتنا ، ويتطلع إليه مجتمعنا .
إن الكاتب الرزين صاحب القلم الرصين يصبح في مرحلة من المراحل ثروة قومية يجب المحافظة عليها والعناية بها وتقديرها حق قدرها ، كيف لا وهو بموهبته العظيمة التي حباه الله إياها ، مثل ضوء القمر الذي ينير لنا الطريق ، وكالمجهر الذي يكشف لنا أسباب العلل ، إنه أمين الأمة الناصح لها ،الذي يسعى في كل ما من شأنه رفعتها وتقدمها ، فهاجسه الدائم وشغله الشاغل هموم أمته وآلامها وأوجاعها ، إنه يستنزف لنا عقله وفكره ومشاعره ووجدانه ، فهل نبخل عليه بالدعم والمؤازرة ؟ .
إن أبسط حقوقه علينا أن ندعه يحلق بحرية في كل الأماكن وكل المساحات دون حدود أو قيود ، فهو رقيب نفسه ، بضميره المؤمن الحي ، وقلبه الطاهر الكبير ، أما رقابتنا له فهي رقابة سلبية ، هدفها التضييق عليه أو توجيهه وفق مصالحنا وأهوائنا ورغباتنا ، إننا لا نريد بوقاً ننفخ فيه ما نحب سماعه ، أو ببغاء يردد علينا ما نقوله ، إننا نريد من ينبهنا إذا غفلنا ، ويذكرنا إذا نسينا ، ومن يوجعنا بصراحته قليلا ليريحنا كثيراً ، فهذا ما ينقصنا وسط زحمة الحياة ، فما جدوى أن نقع في الهاوية أو نغرق في المتاهات ثم نعض أصابع الندم .
فلندع تلك الأقلام الحرة الشريفة تُرينا أنفسنا كما هي بكل تضاريسها المختلفة ، السهلة منها والصعبة ، القويمة منها والمعوجة ، الجميلة منها والقبيحة ، دعونا نتعرف على ذواتنا كما هي مجردة من كل المساحيق والألوان الاصطناعية ، فأروع الصور هي تلك التي تكون طبيعية تلقائية تعبر بصدق عن كل محتوياتها ومكنوناتها .

أحمد بن محمد اليماني
كاتب سعودي
alyamani905@yahoo.Com