طه كجوك

السرطان يفتك بـِزُراع النخيل


السرطان يفتك بـِزُراع النخيل
غالباً ما تعتمد القُرى على الجهود الشعبية لمعالجة النقص في خدماتها العامة، إلا أن هذه الجهود لها سقف محدود من الصعب اختراقه مهما طُوّعت الجهود، وهذا ما نحن بصدده الآن والولاية الشمالية تكبلها كتائب السرطان وتصرع أجساداً لا تتعشم من هذه الحياة إلا حياة كريمة مبسطة، لقد شهدنا كثيراً من الملاحِم والابتلاءات وأشهرها فيضانات النيل وأخرى في إعادة تأهيل المؤسسات العلمية والخدمية التي أصابتها السيول والأمطار وكل ذلك بفضل الله ثم بفضل الجهود الشعبية فصنع منها التاريخ صفحات خالدة للأجيال القادمة، أما الآن فقد فاق الأمر طاقتنا لأن هذا العدو لا يترجل ليبارز! بل يعمل بصمت في سرطنة أجساد زُراع النخيل، فمن يحَسُ بأنفاس المرضى التي تتنهد وتتصاعد أنّاتها وزفراتها وهي تحمل بطياتها ويّلات وآلام جسيمة صرعت قُوّي أصواتهم وعماد أبدانهم، فلا ترى إلا وجوهٌ شاحِبة تُـنبئُك عن أخبارٍ لآلام عميقة يحِسها ويعيشُها هذا الجسد الذي أوهنتُه سكرات المرض وقد تساقطت شُعيرات رؤوسهم من نتاج الأدوية الكيميائية، فقد ماتت آمالهم قبل أرواحهم عندما حُوّلت ملفاتهم إلى مستشفى الذرة! بلائنا لا يمهل طويلاً حضرة المسئول! لسنا بحاجة لكلمات تهدهدهنا ليسكن خاطرنا!! الوقت لا يسمح سيدي! نحن في أمس الحاجة إلى ورشة عمل جادة يكون نتاجها الاعتراف بوجود مناسيب عاليه من السرطان في الشمالية حتى نكونُ محط الأنظار لجهات الإختصاص لتتبنى آلية تتضمن دراسات وتجارب وبُحوث علمية ومُسوحات لمعرفة علاقة السرطان بالشمالية والأسباب التي أدت أو ساعدت على انتشارة، وإيجاد الحُلول النموذجية لاستئصال هذا البلاء من جذوره، إذ أنه أخذ أعزاء لدينا من شتى شرائح المجتمع حتى منابع التغذية لصبيان المهد قد بُترت جراء هذا المرض، من يحِسُّ بِصُراخِنا ونشيجِنا لينقذ ما تبقى من أرواحنا، ومنذا الذي تترجل قواه العلمية ليفك طلاسم هذا البلاء الذي تبوأت على صهواته الولاية الشمالية قائمة الولايات المصابة بالسرطان، فبئس الأرقام القياسية وأقبحها التي كانت من نصيبنا.

طه كجوك – ثمرات من النخيل
[email]kjouk@hotmail.com[/email]