تحقيقات وتقارير

الطريق إلى أبو كرشولا .. ليس من رأى كمن سمع

[JUSTIFY]ليس من رأى كمن سمع هي مقولة أراها قد تجسدت تمامًا في مدينة يبدو أنها كانت مظلومة على الأقل من الناحية الإعلامية قبل أن تتصدر مدينة أبو كرشولا الأخبار عبر الفضائيات والإذاعات والصحف منذ السابع والعشرين من ابريل الماضي، ولرب ضارة نافعة، وحقيقة لا نقول شكرًا للمتمردين على فعائلهم التي أوصلت ابوكرشولا إلى هذا الحد من الانهيار لكن نقول أبو كرشولا ستظل واحدة من اروع وأجمل مدن السودان وإن كان اهلها قد اطقلوا عليها تونس الخضراء او «البطحة ام كيعان سيدا ما برقد جيعان» فهم محقون فيما ذهبوا اليه، ولعل احقاد المعتدين على المدينة واهلها هي ما حركت نواياهم السيئة لتفعل ما فعلت بالمدينة واهلها قبل ان تقول القوات المسلحة كلمتها وتستردها من ايدي الغزاة.

الطريق إلى أبو كرشولا منذ ان تم اعلان تحرير ابو كرشولا ظلت الوفود الرسمية والشعبية تتجه نحوها، وكم كانت امنيتنا قبل اهلها بتحقيق هذا الانتصار وشوقنا لا تحده حدود لان تطأ اقدامنا هذه الارض الطيبة، ومن مدينة الرهد وقبيل صلاة الجمعة الماضية كانت العربة رباعية الدفع قد بدأت بنا الانطلاق… المسافة تبلغ نحو «70» كلم، وزمن الرحلة مقدر بساعة ونصف الساعة، قُبيل وصولنا الى معسكر سدرة جنوبي الرهد لاحظنا ان هناك هجرة عكسية كان قد بدأها النازحون الى ابوكرشولا، ورجوعهم اعطى اشارة ان هنالك مناوشات من قبل المتمردين، تواترت اخبار على هذه الشاكلة لم يأبه الوفد لذلك بل واصل المسير قبل ان ينضم اليه معتمد الرشاد حسن سليمان الذي اكد ان مثل هذه المناوشات اشبه بفرفرة مذبوح، وعند منتصف الطريق كانت المصادفة قد جمعت بين معتمدي ام روابة الشريف الفاضل ومعتمد الرشاد يميز بينهما الزي العسكري، كانت سانحة تبادلا خلالها بعضًا من هموم المنطقة، معتمد ام روابة وعد بتقديم الدعم للمتضررين عقب عودتهم، ومعتمد الرشاد اكد استتباب الامن بمنطقة الرشاد التي قال انها عصية على الاعداء وستكون مقبرة لهم ان حاولوا الدخول اليها، عند مدخل ابو كرشولا بدأت الخضرة تاخذ حيزًا من مساحة المدينة والجنائن تتمركز عند الناحية الغربية والشرقية الطوب الأإحمر يشكل اساسًا في بنيان المنازل والتي اخذت طابعًا مدنيًا مميزًا بداخله قطية من القش، ورغم حركة ضجيج المجنزرات وسيارات الجيش الا ان الإحساس بالامن يفرض نفسه من واقع الروح المعنوية لقواتنا المسلحة وقوات الدفاع الشعبي، وفي الطريق الرئيس وهو عبارة عن ردمية غير مسفلتة يكاد يشطر المدينة الى نصفين شرقي وغربي، ومن الناحية الشمالية اصطف عدد من المواطنين تحت شجرة تبلدي يبدو ان لها تاريخًا بالمدينة حيارى بين الدخول اليها او العودة مرة اخرى الى الرهد.

جولة داخل المنازل كانت محطتنا الاولى عند قيادة الجيش ولا حديث يعلو فوق صوت دحر العدو الى نهايته وعودة ابو كرشولا الى سابق عهدها، هذا هو الوعد الذي قطعته قواتنا الباسلة، والصورة لا تبتعد عن اذهانهم كثيرًا… الخراب والدمار الذي ألحقه الغادرون من فلول الحركة الشعبية وما تسمى بالجبهة الثورية وما فعلوه بهؤلاء العزل وامتعتهم نهبًا وخرابًا وتدميرًا فما من منزل دخلنا اليه الا وكانت صورة النهب والسرقة واضحة، تتبعثر الملابس هنا وهناك وحتى الأواني المنزلية لم تسلم من هذا التغول، واثاثات المنزل ومقتنياته كانت عرضة للسرقة، ففي منزل رئيس آلية التصالحات محمد الجيلي حمدان غرب المدارس كانت صور التشفي بائنة، إذ لم يتركوا شيئًا الا وتحسسوه، حتى العطور الجافة بعثروها بفناء المنزل، حافلة الأواني تم تكسيرها، لا شيء يشير الى وجود احياء من الحيوانات حتى الدواجن قاموا بذبحها، وعلى ذلك قس بقية منازل ابو كرشولا والسوق والمؤسسات الحكومية.

صحفي مقاتل كانت الصدفة وحدها هي التي جمعتني بالاخ الصحفي جميز اسماعيل مدير ومؤسس شبكة المواطن الاخبارية داخل ابو كرشولا، قدم إليها مع بداية الأحداث ضمن متحرك المنتصر بالله «2» سألته عن المهمة التي قدم من اجلها فأجابني بأن داعي الجهاد كان هدفه الرئيس، قال: وضعت القلم وحملت السلاح، وانه لشرف آخر وامنية في الذود عن حياض الوطن، وحول ما إذا كان يمارس نشاطه الصحفي الى جانب حمله السلاح، قال جميز ليس هناك ما يمنع الا عدم توفر شبكة الاتصالات، ولكن دعني ابعث برسالة للاخوة رفقاء الدرب من الصحفيين ان يوظفوا اقلامهم لعكس الاوضاع الانسانية وما تعرض له الابرياء، وحول المعركة الحاسة قال جميز قدمت القوات المسلحة والمجاهدون درسًا للاعداء لن ينسوه، وكانت ضريبة ذلك استشهاد خيرة ابناء هذا الوطن نسأل الله لهم القبول ومنهم صديق العمر معز عبد الله.

صحيفة الإنتباهة
محمد أحمد الكباشي[/JUSTIFY]