تحقيقات وتقارير

نافع بالجامعة.. رسالة واحدة…لأهداف متعددة

[ALIGN=JUSTIFY]لم يكن طقس جامعة الخرطوم نهار أول أمس يحتاج لمزيد من الطرق لرفع درجة حرارته، فالمعترك الإنتخابي بين التنظيمات الطلابية في صراعها للظفر بالإتحاد رفعت درجة حرارة الجامعة الى أقصاها، وفي غمرة هذه الأجواء أضاف لها مساعد رئيس الجمهورية الدكتور نافع على نافع الذي قدم للجامعة لتدشين حملة طلاب «المؤتمر الوطنى» الإنتخابية، غير القليل من السخونة السياسية في أجوائها الشتوية، وقابل د.نافع الحماس الطلابي المناوىء له، بحماس رسمي تجاوز حرم الجامعة وطلابها الى مكونات الساحة السياسية وتنظيماتها.
وكان د.نافع على نافع قد كال بجامعة الخرطوم هجوماً على الأحزاب السياسية، ووصف من يدعون لتأجيل الانتخابات المقبلة، وتشكيل حكومة قومية بأنهم «واهمون وحالمون»، وقال انهم «غير قادرين على صنع التغيير وينتظرونه ليأتي عبر البحار لعدم امتلاكهم الارادة»، وأضاف ساخرا «لو نمنا نوم اهل الكهف وعاشت الأحزاب عمر نوح لما فعلت ذرة مما فعلته الإنقاذ»
توقيت الهجوم الذي شنه نافع على الأحزاب يدفع بجملة من التساؤلات حول الدلالات التى يرمي لها والرسائل التى يود إيصالها، في وقت يسعى فيه حزبه «المؤتمر الوطنى» حثيثاً لجمع الصف الوطنى .
ودشن تلك الحملة السيد رئيس الجمهورية بنفسه عندما بادر بالإجتماع الى القوى السياسية بقصر الضيافة، كما أطلق مبادرة «أهل السودان» لتوحيد الصف الوطنى، لإيجاد حل مجمع عليه من أهل السودان لقضية دارفور، ومن الناحية الأخرى ألقت المذكرة نفسها بظلالها على الإنتخابات القادمة التى بدأت كثير من الشكوك حول قيامها تتسرب الى نفوس القوى السياسية مدعومة بتقارير أممية بإستحالة قيامها لعقبات فنية وسياسية. ولكن الدكتور محمد مندور المهدى الأمين السياسي بالمؤتمر الوطنى قال لـ»الصحافة» إن هذه التصريحات يجب أن لا يتم إخراجها من السياق الذي وردت فيه، فهي كانت في إطار إنتخابات طلابيه، والهدف الاساسي منها أنه أراد ان يقول ان المؤتمر الوطنى قوي وهذا لا يتناقض مع الوفاق الوطنى ومبدأ العمل السياسي ومبدأ الحرية السياسية، مشيراً الى انه قصد التحدث حسب فهمى أن المؤتمر الوطنى موجود في الساحة وعنده أعضاء كثر ولا أحد يستطيع أن يقهره، وهذه ليست فيها مشكلة».
ومن ناحية المغزى والدلالات تثير تصريحات د.نافع، كثيراً من الجدل حولها، فهل تمثل وجهة نظره كقيادي في الحزب الحاكم، أم أنها تمثل سياسة الحزب، لتعكس مدى زهد «الوطنى» في هذه الأحزاب ومنافستها له؟ وأشار الى ذلك القيادي بالحزب الإتحادى الديمقراطى المعز حضره، الذي قال لـ»الصحافة» إن هذه التصريحات هى رسالة سالبة لكل القوى السياسية بان «لا تحلموا بوفاق وطنى، وان المؤتمر الوطنى في ظل أن يحافظ على السلطة يمكن ان يضحي بأي شيء» وأضاف «إن تنبؤ د.نافع بالفوز بالإنتخابات بعد مائة عام دخول في عام الغيب»، وقال «لا أعتقد أن ما قاله نافع رؤية شخصية لأن لديه صفته الرسمية كمساعد رئيس ونائب رئيس حزب، وإذا أخذنا بالمعيار القانونى أو السياسي، أى وظيفة لديها حدود مسؤوليات ويكون الشخص مسئولاً عما يبدر منه».
وفيما يذهب بعض من إستطلعتهم الصحافة الى تنامى ظاهرة الخطاب السياسي المنفلت في المنابر العامه منذ «19» عاماً شهدت الكثير من التفلت وعدم الضبط، مطالبين بإعادة صياغة اللغة والمفردات التى يتلاسن بها السياسيون، بعد أن وصفوها بغير المسؤولة، مضى المعز حضره في تعليقه على تنامى تلك الظاهرة بقوله «إن تدنى الخطاب السياسي لدى القيادات السياسية مؤشر سيء جداً لمستوى الممارسة السياسية، لأن الخلاف بين القوى السياسية يجب ان يكون حول البرامج، وهو مؤشر يمكن ان يؤدي لإستخدام العنف من الطرف الآخر، واضاف أن السياسي يجب ان لا يكون خطابه بلغة رجل الشارع العادي، فخطابه يجب ان يكون متزناً، مشيراً الى ان كثيراً من أحداث العنف التى شهدتها الساحة كانت نتيجة لتدنى الخطاب السياسي.
وقد برز نافع في السنوات القليلة الماضية كأشهر السياسيين الذين يتصف خطابهم السياسي بالحدة والسخرية من الخصوم، فيصف متابعون شخصية د.نافع بأنه منافح فيما يختص برأيه السياسي ولا يجامل فيه، وأنه منضبط ومتابع وناقد، كما أنه إلى وقت قريب كان يعد جزءاً من دائرة مغلقة في الحزب، ينقصه التواصل الأوسع مع الجمهور غير المنضوي في حزب المؤتمر الوطني، كما انه كان طيلة السنوات الماضية غير متاح للرأي العام، كما يظهر انه لا يستغل قدراته التعبيرية في التواصل مع ساحته العامة. ويوصفه مقربون منه بانه انسان ذكي ولبق ومهذب ومحاور مقنع، وفق الحزب في اختياره لقيادة التفاوض مع التجمع، وأنه شخص مؤثر جداً في عملية التفاوض لانه رجل صاحب قرار، وهى ذات الصفات التى أهلته للإمساك بملف دارفور بعد الرحيل المفاجيء لدكتور مجذوب الخليفة في حادث حركة مأساوى العام الماضي، ولكن يؤخذ عليه في ملف دارفور انه لم يوله عناية، حتى أن كبير مساعدى الرئيس منى اركو مناوى قد أشار تلميحاً في أحد خطاباته الى أن «هناك من يريد أن يدفن أبوجا مع د.مجذوب الخليفه»، لأن نافع منذ أن أمسك بالملف بعد رحيل مجذوب الخليفة لم يجتمع الى منى أركو مناوى سوى مرة واحده.
وكان نافع الذي إشتهر بسخريته من الخصوم قد شن هجوماً على الأحزاب السودانية في ابريل 2006م، كان الأعنف حينما كان يخاطب تجمعاً طلابياً من منطقة المناقل أعلنوا إنضمامهم للمؤتمر الوطني، وصف فيه الأحزاب بانها «أحزاب منقرضة وأحزاب تاريخ ومتاحف وان قياداتها يتخبطون فاقدين نور البصر والبصيرة متقلبي الآراء والافكار يصبحون على شأن ويمسون على شأن آخر». كما مضى بسخريته تلك في تصريحات صحافية سابقة له الى وصف د. الترابي بأنه «فاقد البصر والبصيرة» بعد أن أدلى الترابي لقناة العربية بتصريحات إتهم فيها نافذين في السلطة بمحاولة إغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في أديس أبابا.
خالد البلوله إزيرق :الصحافة [/ALIGN]