طه كجوك

أيها المغتربون الصفقة دنقير


أيها المغتربون الصفقة دنقير
من الغَرابة بِمكان أن يجد مكتُوب أحد المثقفين والذي يحُث فيه المُغترب بالاستمتاع بِغربته وعدم التفرِيط في ملذاتِه (أيُها المغترِبون استمتعوا حيث أنتم) قد وجد آذاناً صاغِية لانتْ لها القُلوب، وجدتُها وكَـأنما قد غطّت صَفحات كبِيرة مِن المُنتديات والمجالِس وبعض الصُحف، تَأَمَّلتُ كَلِمَاتِها ومضمُونها مَرَّةً بَعد ألأُخرَى عَلَّنِي أَنزِع الغِشَاوَة عَن نَاظِرَيَّ فَأُبصِر الفِكر المُستَنِير فرُبَما يكُون الآخَر على صَوابَ، ولكَن عِندما استدْرجتُ مضمُونِها وأدخلته في طاوِلة المُعْجم الواقِعِي بِمُساعدة المُقارنَات وجدتُها تفِيضُ بُعْداً عن واقعنا كمُغترِبين سُودانيِين ولا تَتَماشى مع طبيِعة المُغترب السوداني وما هِي إلا بِمثابَة تحرِّيض للدخول في مشاريع لمِصرع وتأبِّين الطُمُوحات والأهداف السامِيه وقطعْ خُيوط العشم والقُُنُوط من غير قصد، بل هِي آلية تُحرِّك المشاعر لتَنكُص على عقبيّها،لا بأس أن تنطبق هذه المقولة في شعوب الدول التى تعيش في حروب طويلة الأمد والى أجل غير مسمى ولا تجد شعوبها الملاذ الآمن في أوطانهم لذلك يتخذون من دول الإغتراب وطناً لهم يمارسون فيه استمتاعهم، أما عندنا في السودان فوضعنا مُختلِف دُون سائِر الأُمم ويلفظ هذه المقولة كما يلفظ الكير خبث الحديد،وليس بمعنى ذلك أن نعيش راهبين في صوامع الاستقرار وينعكس ذلك على مظهرنا العام، كلا.. كل إنسان سفير لبلاده من خلال أخلاقة وثقافته ومظهره العام فيجب ألا نجحف فيها بحد التفريط ليتأتى ذلك على حساب تحقيق الرغبات.

إن نمط التعامل ومنهجيّة العمل ووضع الخطط الإستراتيجية بمنظور علمي جدير بأن يحقق لنا نسبة كبيرة من طموحاتنا وأهدافنا التي دونت في مخيلتنا ونحن نلملم أطرافنا لنبحر على سفن الإغتراب. ومن هنا نرفع أيدينا البيضاء إعتراضاً على هذا المقال ونقول :عفواً لا تواكب هذه الرسالة أجوائنا، فهي ربما تكون صنعت خصيصاً لكل من تتجافي جوازاتهم لأختام الدخول لبلادهم. فهي تخص شعوب أخرى. أما نحن فسنصارع ونقاوم الشهوات والغرائز والأهواء التي تنتابنا بالإرادة والترشيد ولن نستسلم لهذه الإحباطات، إنما الاغتراب لتحسين الأوضاع الاقتصادية للفرد واخذ خبرة في الحياة وليس للإستمتاع وتسلِيم الأمور لكل ما تشتهيه الأنفس وتُلذّ الأعين، فلتكن أخي الكريم قوي العزيمة لا تؤثر فيك مثل هذه الكِتابات، فهذِه المَـقُولة بُنِيت على وضع مُعين ولا تصلح لجميع الأوضاع. فلنعمل بقدر ما نستطيع ونبذل كُل ما بوسعِنا ونُسارع إلى تنفيذ الخُطط في أوقاتها المقدرة، فالوقت هو الحياة يجب أن نستغله في العطاء والإنتاج، ولا ننسى أن طريق العظمة مزروع بالأشواك والمشاق والعقبات والرياح العكسية التي تبعث في النفس موج من الإحباط، علينا أن نُقاوِم شهواتنا وأهواءنا التي تنتابنا بالإرادة والترشيد ولا نستسلم للإحباطات.

طه كجوك – ثمرات من النخيل
[email]kjouk@hotmail.com[/email]