تحقيقات وتقارير

ولاة كردفان الجدد .. صورة عن قرب

[JUSTIFY]منذ أن أعلنت رئاسة الجمهورية عن ترتيبات عودة ولاية غرب كردفان في أواخر ديسمبر من العام الماضي، ظل أبناء الولاية يترقبون الإعلان عن ولايتهم، وما فتئت الصحف من حين إلى آخر تتنبأ بأسماء الولاة الذين سيتم تكليفهم في الولايات الثلاث إلى أن أصدر رئيس الجمهورية عمر البشير بالجمعة الماضية مرسوماً جمهورياً عين بموجبه ثلاثة ولاة مكلفين، أحمد محمد هارون لشمال كردفان واللواء ركن أحمد خميس بخيت عبد الرحمن لغرب كردفان والمهندس آدم الفكي أحمد الطيب، وذلك عقب استقالة كل من هارون ووالي شمال كردفان معتصم ميرغني زاكي الدين بالخميس الماضي، يذكر أن غرب كردفان جرى تذويبها في ولايتي شمال وجنوب كردفان كإحدى التنازلات التي قدمتها حكومة الخرطوم في سبيل اتفاقية نيفاشا »2005«. وبالنظر لحيثيات اختيارات المركز للولاة الجدد كانت مغادرة هارون متوقعة من فترة ليست بالقصيرة، خاصة بعد الانقسام الكبير حوله بين قيادات حزبه في الولاية والمركز، حتى أن بعض القيادات البرلمانية الاتحادية طالبت جهراً بعزله، وكان أعضاء وقيادات حزبه بين من يرونه أفضل من تولى أمر الولاية ويطالبون ببقائه في موقعه، حتى أن بعض أنصاره انتظموا تحت لواء تنظيم أسموه أنصار مولانا أحمد محمد هارون واختصروه بالاسم (أمامها) في حين يرى آخرون النقيض من ذلك ويشيرون بضرورة مغادرته لمنصبه اليوم قبل الغد، وقدمت بعض قيادات الحزب بالولاية والخرطوم مذكرة للحزب تطالب باقالة هارون، ويحسب للأخير الطفرة التنموية غير المسبوقة بالولاية في مجالات الرياضة حيث أُنشئ إستاد كادقلي وحديقة تلودي والطرق وأهمها الطريق الدائري الذي تسعى الحركة الشعبية قطاع الشمال للحيلولة دون اكتماله بأساليب شتى ومطار تلودي، بينما تحسب عليه القيادات الرافضة لبقائه تدليله الزائد لقيادات الحركة الشعبية عندما كان عبد العزيز الحلو نائباً له كوالٍ الشيء الذي مكنهم مالياً وسياسياً في الولاية، فضلاً عن اختياره للكوادر الموالية له في سلك العمل الحكومي والحزبي، يعد اختيار هارون لشمال كردفان مفاجئاً لجهة أن الكثير من التوقعات الصحفية كثيراً أشارت لعودته للاستيزار بالخرطوم وكانت الداخلية أبرز الترشيحات التي نسبت إليه. وبحكم موقعه كوالٍ في جنوب كردفان ومن قبل مذكرة توقيفه من قبل المحكمة الجنائية الدولية »2008« أضحى علمًا على رأسه نار، ولا ضير من الإشارة إلى أنه من أبناء عروس الرمال الأبيض، ودرس القانون بجامعة القاهرة بمصر، وكان ممن تولوا رئاسة اتحاد الطلاب السودانيين بالجامعة، وعمل بالسلك القضائي لفترة قصيرة، وتقلد عدداً من المهام والمسؤوليات قبل أن يحط رحاله كوزير للدولة بالداخلية ومن وزير دولة بوزارة الشؤون الإنسانية، ومن ثم تم تعيينه والياً بجنوب كردفان »2009«.

وفيما يختص بمغادرة معتصم لمنصبه تعود لظروفه الصحية خاصة أنه كان مسافراً في رحلة علاجية طويلة بألمانيا في الفترة الأخيرة.
أما المهندس الفكي فهو من أبناء كلوقي من محليات القطاع الشرقي بالولاية، وهو خريج هندسة الخرطوم ومن أوائل قادة العمل الإسلامي بالولاية، حيث انتظم في منظمة الدعوة الإسلامية وكان أمين عام الجبهة الإسلامية بجنوب كردفان في الفترة السابقة للديمقراطية الثالثة كما تقلد منصب نائب رئيس المؤتمر الوطني بالولاية للفترة »2005 ـ2007« وتلقى العديد من الدورات التدريبية في الداخل والخارج، واختاره هارون مؤخراً للعمل في إدارة السلام، ليعينه لاحقاً معتمداً لمحلية قدير لذا لم يكن مستغرباً أن يثني هارون على اختيار الفكي كوالٍ لدى عرض اسمه ضمن قائمة المرشحين في المكتب القيادي للوطني الاتحادي، وعن رؤيته حول الواقع العام لاختيار الفكي كوالٍ يشير محدثي القريب منه صديق إبرهيم إلى أن الفكي شخصية محبوبة بالولاية ويحظى بنفوذ واسع وسط القبائل النوبية والعربية على السواء، مشيراً إلى أن علاقة النوبة بالكواهلة والتي لاتشوبها شائبة هيأت مناخاً جيداً ليكون الفكي مقبولاً لديهم، موضحاً أن القطاع الشرقي الذي تنتمي إليه الكواهلة عبارة عن خليط من القبائل العربية والنوبية فضلاً عن البرنو والبرقو، وهي في مجموعها تشكل النسيج الاجتماعي لمملكة تقلي الإسلامية، وعلاوة على ذلك يتمتع برضى شعبي كبير خاصة في الدلنج وكادقلي والقطاع الشرقي (تلودي ـ كلقوي ـ الرشاد ـ العباسية ـ أم برمبيطة ـ أم دحليب ـ شديدة ـ ووكرة ـ أبو كرشولا ـ وأبو جبيهة).. وسبب آخر يسوقه صديق يتعلق بالقطاع الشرقي نفسه ذلك أن أبناء القطاع بالوطني اشتكوا مراراً من تهميشهم في المشاركة في الحكم على مستوى المركز والولاية، مشيراً إلى أبناء الولاية بالمركز من وسط وغرب كردفان رغم الكفاءات التي يزخر بها القطاع ومن شدة غبنهم تجاوزا هذه المرحلة وطالبوا بإنشاء ولاية خاصة بهم في القطاع الشرقي، وعن تركيبة شخصية الفكي يقول صديق إنها تتسم بالقوة والحسم والدهاء السياسي.

وفيما يلي اللواء خميس فهو ابن الولاية العائدة غرب كردفان، من مواليد منطقة ابوجلوك التابعة لمحلية السنوط في الجبال الغربية، وهو ليس غريباً عن العمل بالولاية التي شارك في حربها ضد المتمردين من خلال عمله بالاستخبارات بالجيش في تسعينيات القرن الماضي، ويجيء اختيار خميس للولاية لاعتبارات عديدة أولها أن انتمائه النوبي يعد إرضاءً للمكون النوبي بالولاية، كما أن الولاية التي تعاني من التفلتات الأمنية، فضلاً عن احتوائها لمناطق توتر رئيسية بالإقليم كالميرم الحدودية مع دولة الجنوب، إضافة لأبيي المتنازع حولها مع دولة الجنوب لدرجة يخشى معها أن تتسبب في عودة الحرب بين البلدين مرة أخرى، جل هذه الأسباب جعلت من اللواء ركن خميس شخصية ملائمة لتولي دفة الأمور في غرب كردفان، ومزيد من التفاصيل عن شخصية خميس أدلى بها للصحيفة نائب رئيس المؤتمر الوطني بجنوب كردفان صباحي كمال الدين صباحي الذي يشير إلى أن خميس التحق للعمل بفرقة الهجانة بالأبيض (صرة الجيش) في بواكير عمله بالقوات المسلحة، وتنقل في عدد من مؤسسات الهجانة، وكان من قيادات عملية (كمبا حديد) في »1985« في مناطق تلودي والليري بجنوب كردفان. حيث كان مسؤولاً عن تلك المنطقة برتبة رائد. كما عمل في شرق وغرب الإستوائية وبحر الغزال بالجنوب، وتم اختياره للعمل كملحق عسكري في سفارات السودان بدول غرب إفريقيا وعاد ليتولى قيادة فرقة الجيش بالنيل الأبيض ومن ثم أصبح قائداً للفرقة »14« بكادقلي حيث كان قائداً للعمليات هناك، وأخيراً تم تكليفه نائباً للوالي هارون بجنوب كردفان، وعقب هذا التكليف غادر الخدمة بالجيش. ويصف صباحي اللواء خميس بأنه شخصية عسكرية فذة وقائد جسور، يتمتع بمقدرات عسكرية فائقة في القيادة العسكرية في الميدان وإدارة العمليات والأزمات والتخطيط العسكري خاصة في الاستخبارات، كل هذه الامتيازات اكسبته احتراماً كبيراً من مرؤسيه ورفاقه من القادة العسكريين.

صحيفة الإنتباهة
ندى محمد أحمد
[/JUSTIFY]