السودان : (الضراع).. يثير الخوف وسط مزارعي القضارف
ولكن قبل انتهاء عينة الضراع بأربعة أيام من دخول عينة (النترة) التي يعدها المزارعون بأنها تمثل بداية الخريف الحقيقي هطلت أمس الأول أمطارٌ غزيرة في أنحاء واسعة من ولاية القضارف غطّت مناطق سمسم جنوب الولايـة (35) ملم، كساب (13) ملم، المفازة (7) ملم، باسنده (5) ملم، الشواك (7,5) ملم، ود الشاعر (4,2) ملم، الحواتة (7,4) ملم، القريشة (6) ملم، دوكة (5) ملم والقضارف (3,8) ملم، هذا خلافاً للأمطار التي هطلت في بعض المشاريع الزراعية ولم يتسنَ لهيئة الإرصاد الجوية رصدها بسبب قلة مقاسـات المطر في تلك المواقع، فبينما تنبّأت هيئة الإرصـاد بهطول أمطار ستشهدها البلاد في قادمات الأيام يقول مزارعون إنّ الوقت ما زال مبكراً على الزراعة وإنّ الخريف يبدأ علمياً وعملياً مع دخول عينة (النترة) التي تبقت لها أيامٌ أقل من أصابع اليد الواحدة، معتبرين أن عينتي العصا العطشانة والرويانة لا تحسبان بصفة أساسية من عينات الخريف ولا تتم فيهما أية زراعة للمحاصيل في القطاع المطري.
ويقول بابكر النور أحد مزارعي القضارف إنّ الوقت ما زال مبكراً على زراعة المحاصيل بما في ذلك محصول السمسم، مبيناً انّ الخريف يبدأ فعلياً من دخول عينة (النترة)، حيث اتجه مزارعو القضارف لـ (كسر) الأرض وهي ما تُعرف بإزالة أنقاض المحاصيل السابقة استعداداً لحرث الأرض والتحضير لعمليات الزراعة. ومضي ود النور بأن الأمطار التي غطت معظم أنحاء الولاية أمس الأول بعد مضي (9) أيام من عينة الضراع بثت الطمأنينة في نفوس المزارعين وخلقت حالة من الارتياح وسط مواطني الولاية بعد حالة جفاف أطبقت على القضارف لأكثر من شهر، وأضاف بأن هطول الأمطار التي توزعت شمالاً وجنوباً ووسطاً وغرباً أزالت حالة التوتر التي كانت باديةً على وجوه المزارعين خشية فشل الموسم الزراعي الحـالي الذي يُراهن عليه الجميع في إخراج مزارعي الولاية من أزمات ظلت مكبلة عدداً كبيراً منهم بسبب الإعسـار في السنوات السابقة.. حالة القلق هذه لم تطل المزارعين لوحدهم، بل تعدتها لتصل رأس حكومة الولاية وأجهزتها المختلفة ما دعا والي القضارف أن يطلب من المواطنين للخروج صباح السبت الماضي لميدان الحرية بوسط المدينة لتأدية صلاة الاستسقاء طلباً للرحمة والغيث من المولى عز وجل، حيث تداعى نفر من أبناء الولاية وأدوا الصلاة والتي أعقبها بعد يومين هطول أمطار بمعدلات جيدة شملت مناطق واسعة من أنحاء الولاية كانت أعلى المعدلات في منطقة سمسم التي تعتبر أحد أهم المناطق الجنوبية زراعةً لمحاصيل الذرة وزهرة الشمس والفول السـوداني والقطن وبعض السمسم.
من جهته، قال وزير الزراعة بولاية القضارف د. محمد عثمان محمد نور إنّ مع متغيرات المناخ ليسـت هناك وتيرة ثابتة تحدد موعد الأمطار، ففي العام السابق أيضاً تأخر الهطول قليلاً ولكن سرعان ما شهدت الولاية أمطاراً وفيرة بعد حالة من الضيق سادت القضارف، ونصح وزير الزراعة المزارعين برمي (التـواريب) مبكراً دون الانتظار لرى ينبت الحشائش خشـية تفادي المقولة التي اعتادها بعض المزارعين (المحصول ناقصة ليهو مطرة)، وقال إننا في وزارة الزراعة بدأنا زراعة بعض الأصناف كتجارب حقلية وأنبتت بشكل جيد رغم شح الأمطار، ودعا مزارعي الولاية لتطبيق شعار (إيد البدري ازرعي بدري واحصدي بدري شوفي كان تنقدري)، وعاد ليقول إن مواسم الخريف أضحت لا تشبه بعضها لذا يجب على المزارعين اغتنام فرصة هطول الأمطار هذه الأيام والبدء في زراعة المحاصيل بما في ذلك محصول السمسم، وألاّ ينتظروا هطولاً متوالياً ربما يخرجهم الانتظار من هذا الموسم صفر اليدين، وتوقع وزير الزراعة بولاية القضارف زراعة أكثر من سبعة ملايين فدان بالمحاصيل المختلفة، مبيناً أنّ الأمطار بدأت بشائرها الأسبوع الماضي بشكل طيب، مُضيفاً بأنّ هناك (25) وقعاً لمقاييس الأمطار رصدت هطول أمطار في مناطق كبيرة في المواقع الزراعية تفاوتت ما بين (7 ــ 45) ملم كانت أعلاها في المناطق الجنوبية خصوصاً منطقة سمسم وسرف سعيد. وتوقع د. محمد عثمان محمد نور أن تشهد الولاية هطول أمطار متوالية حسبما توقعت هيئة الإرصاد وتنبؤات بعض العريفين وأصحاب الخبرة في المجال الزراعي.
في المقابل اعتبر رئيس إتحاد مزارعي الحدود الشرقية أحمد عبد الرحيم العوض تأخر هطول الأمطار في بدايات فصل الخريف بأنه شئ طبيعي نتاج تداخل السنين وتغيّر المناخ. وقال: لدينا تجارب مماثلة في السنوات السابقة تأخر فيها هطول الأمطار حتى العشرين من شهر يوليو ولكن كانت المواسم الزراعية ناجحة بشكل كبير لأنّ الأمطار كانت ممتدة حتى نهاية الموسم. ومضى قائلاً: أيضاً شهدنا مواسم كان الخريف فيها مبكراً، ولكن تأثر المحصول بنقص المطر الذي انقطع مبكراً أيضاً. وعاد ليقول انه لا خوف من تأخير المطر في هذا الموسم، مشيراً الى أنّ بشائره كانت جيدة بعد أن عمت الأمطار التي هطلت أمس الأول معظم أنحاء الولاية وهي تدل على نجاح الخريف، وتوقع حدوث خريف طيب يعم خيره الجميع، وقطع بعدم وجود خوف أو حالة هلع وسط المزارعين بسبب تأخر هطول الأمطار، مبيناً أن الوضع الحالي في القضارف يبعث على الاطمئنان. ويعول مزارعو القضارف على أربع عينات هي: «النترة، الطرفة البكاية، الجبهة والخرسان» في نجاح الموسم، حيث اعتبر مزارعون أنّ نجاح الزراعة يتوقف على نجاح هذه العينات فيما تعتبر بقية عينات الخريف من «الصرف والعوي والسماك» تمامة نعمة للأمطار.