رأي ومقالات

عبير زين : عمالة الأطفال .. نذير دمار المُجتمعات!

عمالة الأطفال لا تعني فقط حِرمانهم مِن ممارسة طفولتهم بشكل طبيعي وسلب حقهم في التعليم والنشأة السوية، بل أيضاً تعريضهم لخطر الاستغلال في مكان العمال والعنف والتحرش وإنتهاك طفولتهم البريئة، وتُحرِّم العديد من الاتفاقيات الدولية بلْ و تُجّرِم ظاهرة تشغيل الأطفال لأنها تترك أثاراً سلبية تنعكس على المجتمع بشكل عام وعلى الأطفال بشكل خاص، فمعظم الأعمال الموكله لهم تتم وهم غير مؤهلين جسديا ونفسياً للقيام بها مما يحملهم أعباءً ثقيلة تنوء بها أجسادهم البضة وقد تُهدد سلامتهم وصحتهم وهو أمر مُنافٍ للإنسانية، فالعمل الذي يستفيد من ضعف الطفل وعدم قدرته عن الدفاع عن حقوقه ويستغله كعمالة رخيصة بديلة عن عمل الكبار ويستخدم وجوده ولا يساهم في تنميته ويعيق تعليمه وتدريبه ويغير حياته و يشوه مستقبله هو دمارُ للمجتمع لا محاله!

بثت محطة الـــ BBC الفضائية تقرير عن عمالة الأطفال التي تطفو على سطح دول الوطن العربي بإعتبارها إحدى الظواهر المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالوضع الاقتصادي والثقافي داخل أي مجتمع من المجتمعات البشرية، حيثُ تشير تقديرات اليونيسف إلى أن هناك حوالي 150 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 أعوام و14 عاماً في البلدان النامية ينخرطون في عمالة الأطفال، وتحفظ التقرير على إحصائيات نسب عمالة الأطفال في السودان وذلك لأن الإحصائيات الموجودة أُخذت قبل الإنفصال وبالتالي فهي غير موضوعية و لا يعتمد عليها كمؤشر حقيقي لمعدلات عمالة الأطفال فى الوقت الحالي ولكن المُجزم به أن السودان من الدول التي تعاني من عمالة الأطفال كأحد إفرازات الحرب وتدهور الحالة الإقتصادية بإعتباره بلد نامي يعيش معظم سُكانه تحت خط الفقر.

معظم الظواهر السالبة التي يُعاني منها مجتمعنا تلعب الحرب فيها دور البطولة، فهي التى تُشرد وتروّع وتفقر الأسر مما يدفع بها لزج أطفالها فى مُعتركٍ لا يُناسب سنهم ولا قدراتهم وذلك لسد الرمق وتوفير لقمة العيش في ظل غياب العائل إما بسبب الموت في الحرب أو النزوح أو الغياب والفقدان، والدوله بدورها تستهلك مُدخلاتها و تصرف المليارات فى الحروب وتهمل الجوانب المهمة فى تنمية الأفراد والمجتمع فيفقد الأطفال حقهم فى الحياة الآمنة وفى التعليم والصحة ويجدون أنفسهم مُضطرين لإعالة أنفسهم وربما أسرهم.

رُبما كان للثقافة دور كبير فى إنتشار عمالة الأطفال، فبعض الثقافات السودانية تعتبر أن تشغيل الطفل ضرب من التربية السليمة لغرس روح المسئولية بداخله وأحياناً يقسون على الطفل ويجبرونه على تحمل ما لا يطيق حتى يضمنون أنه سينشأ ذو حسٍ بالمسئولية، وقد يهملون تعليمه وصحتة النفسية والجسدية ظانين أنهم يدفعون به إلى طريق الرجولة الكاملة وهم غافلون بأنهم يقذفون بِهِ فى جُبٍ من الظلم والقسوة ينعكس فيما بعد على مستقبله ومستقبل المجتمع ككل.

همسات – عبير زين