تحقيقات وتقارير

مواقع التواصل الاجتماعي..(الادمان حصل)

اصبحت مواقع التواصل الاجتماعي الوسيلة الفعالة لخلق قنوات من التواصل مع الاصدقاء والاهل داخل وخارج حدود البلد الواحد .حيث صار بامكان أي شخص مشترك ان يتواصل مع الاخرين دون حواجز الزمان والمكان وحتى مع اشخاص لم يسبق له ان رآهم . كيف لا وقد قربت المتباعدين فصارت مقصدا ومتكأ

للمغتربين عن أوطانهم وأهلهم فوجدوا فيها أنفسهم ليتواصلوا مع الاهل والاحباب ،ويعرفوا كل جديد مما خفف عنهم عناء الغربة .
وعلى الرغم من كل ذلك إلا انها باتت تشكل هاجسا ربما يصل إلى حد الإدمان فاصبحت الشغل الشاغل لكل شاب وشابة فكل شاب يريد ان يمتلك حسابا حتى يستطيع ان يتعايش مع اصدقائه ،فما ان تجلس وسط مجموعة من الشباب إلا وتجد الصمت يخيم على جلستهم فقد أصبحوا غياباً عند الحضور. فتجد كل شاب يمسك بهاتفه المحمول ويسجل إشتراكه ويبحر في فضاءات أوسع باحثاً عن أصدقاء جدد وعلاقات جديدة جاهلاً من حوله من أصدقائه ورفاقة ، واحياناً يسخر من ليس لهم نصيب في هذه المواقع إما لرفض المبدأ أو بسبب الامية التكنولوجية من اولئك الذين يحدقون في شاشاتهم طوال اليوم ويتساءلون أحيانا عن الشيء الذي يجعلهم يحدقون في هواتفهم كل هذه الاوقات .
وانتشرت هذه الظاهرة في الآونة الاخيرة حتى أصبحت تؤرق اولياء الامور فيجدون أبناءهم يقضون أوقاتا طويلة أمام شاشاتهم ، فأثرت سلباً على مستوى تحصيلهم الاكاديمي ، فضلا عن الثأثير الاجتماعي فمعظم الشباب يستخدمون هذه المواقع بافراط وفي كل مكان فتجد هذه الظاهر منتشرة في المنازل و المساجد ووسائل النقل ووسط الاصدقاء مما جعلها سبباً في عزلة اجتماعية لدى الكثيرين وأثرت على حياتهم الاجتماعية والعلمية ،وكان لها الاثر الاكبرعلى عاداتنا فالشعب السوداني معروف بجلسات الانس والسمر في الليالي القمرية وونسة الشلة. إضافة الى انها صارت بديلاً للتواصل المباشر مع الآخرين وقللت من النشاط مع الرفاق والعمل الجماعي .
وحتى نقف على مدى انتشار الظاهرة وأثرها الاجتماعي قمنا بجوله وأخذنا آراء بعض رواد هذه المواقع وقد أجمعوا أن المشكلة ليست في استخدام هذه المواقع ولكن في طرق الاستخدام .
محمد السيد طالب قال إن هذه المواقع أصبحت جزءا من نشاطه اليومي و لا يستطيع الاستغناء عنها وقد ساعدته كثيرا في التواصل مع اهله واصدقائه في الغربة، وخففت عنه تكاليف الاتصال التلفوني ،وقال انه يحرص على اختيار الوقت والزمان المناسبين حتى لا تكون خصما على حياته الاجتماعية ، وأضاف أنها وسيلة جيدة للتواصل إذا أحسن استخدامها .
وقال اسامة الخليفة انه كان أحد رواد هذه المواقع لفترة وجيزة ولكنه تركها بدون عودة لما سببته له من عزلة اجتماعية وقللت نشاطة مع اصدقائه واثرت على عمله .وسخر من الذين يستخدمون هذه المواقع أثناء ونسات الشلة والاهل وناشد مرتادي هذه المواقع من تقنين استخدامها وأضاف انها سلاح ذو حدين .
وطرقنا ابواب علم الاجتماع فكانت الإفادات التالية:
د عبد الله محمد عجبنا استاذ علم الاجتماع بجامعة افريقيا ، قال بالرغم من ما تقدمه هذه المواقع من تسهيلات للتواصل مع الاخرين إلا انها قادت معظم الشباب الى انسحاب اجتماعي كامل وعدم تواصل مع الاخرين وجعلت الشباب منعزلا وعطلت أشياء كثيرة في حياته وانحصر تفكيره في نشاطه في هذه المواقع . وأضاف انها تشكل خطرا على الاطفال و الطلاب حيث تفقدهم مهارات التواصل مع الاخرين واكتساب مهارات اللغة فعندما يخرجون الى الشارع يجدون صعوبة في التعامل مع الاخرين بسبب العزلة الاجتماعية .
واضاف : لا ينبغي الإعتماد على هذه المواقع في التواصل مع الاهل والاصدقاء وقال ان صلة الارحام والتواصل الاجتماعي المباشر له دلالات ومعاني اقوى لما فيه من المشاعر والاحساس بالغير ،وتعزز الحوار وتقويه .
وقال ان الصداقات التي تنشأ عن طريق هذه المواقع عبارة عن ملاقاة صامتة لانها تفتقد الى الايماءات والنظرات والاحساس بالآخر.
وطالب الشباب بتقدير وإحترم الاصدقاء والزوار وعدم استخدام هذه الوسائل اثناء جلسات الاهل والاصدقاء إلا للضرورة حتى لا ينسحب الآخرون .
الخرطوم : محمد عمر:الراي العام