رأي ومقالات

كَلاْم يَهُمْ الوزراء والتنفيذيين !!!


[JUSTIFY]حدَّثني عمنا د. كامل شوقي عن بعض الطرائف التي حدثت له طيلة فترة شغله لمنصب المدير العام للغابات ومنذ أن «تسودنت» في عام 1953م وحتى بعد أن كان مفوضاً للعون الإنساني لاحقاً.
وعمنا كامل شوقي قال إنه كان المدير العام للغابات في أول الاستقلال عندما فاز بالحكومة حزب الأشقاء… وكان وزير الزراعة في وقتها المرحوم – حسن عوض الله – وبالطبع كان اسمها في ذلك الوقت «مصلحة الغابات» . ولم تتحول إلى هيئة إلا في زمن المرحوم جعفر نميري ومؤخراً جداً.
وكان الوزير المعني بها هو وزير الزراعة حسن عوض الله… والمدير العام عمكم كامل شوقي… ويحضر أحدهم وهو يحمل «ورقة» أو «خطاباً» من الوزير حسن عوض الله يطلب فيه من مدير الغابات أن يجد «حامله» فرصة للعمل بالغابات… خاصة أنه من أبناء الحزب المقربين وأنه من «ولد» الذين صوتوا لصالح الوزير وجعلوا شغله لمنصب الوزير ممكناً…. وعمنا كامل شوقي استلم الخطاب وبالطبع قام بإصدار قرار بتعيين الولد في الغابات والتي كانت «تستحمل» علماً بأن مؤهلات المتقدِّم كانت مناسبة والوظيفة في ذاتها كانت صغيرة ربما وظيفة عمالية.. وتمر أشهر ليست بالكثيرة ليأتي شاب آخر بورقة أخرى من الوزير تطلب من مدير الغابات تعيين «ابننا فلان» معكم بالغابات… وعمكم كامل يقوم بتعيينه. نزولاً عند رغبة وتعليمات السيد الوزير.
ثم شهر آخر ويأتي جواب ثالث يطلب فيه السيد الوزير تعيين «ولدهم» الثالث… وهنا «ينتفض» عمكم كامل ويتصل بالسيد الوزير ليقول له إنه لا توجد ميزانية ولا توجد مخصصات وإن المسألة «ما مطلوقة يا سيادة الوزير» وإنه لن يتم تعيين ولدكم تحت أي ظرف.. وبلاش كلام فارغ..
وسيادة الوزير لا يغضب أبداً فقط يقول لعمنا كامل شوقي «شوف يا أستاذ كامل طبعاً إنت عارف الناس ديل صوتوا لينا وجابونا… وينتظرون منا أن نمد لهم يد العون… وأنا من جانبي سوف أكون مضطراً لأن أكتب لك خطابات رابعة وخامسة وعاشرة وعشرين كمان طالما بقيت في هذا الكرسي… فقط أرجو منك أن لا تمزق الخطاب الذي أرسله لك أمام المتقدِّم للوظيفة وأرجوك أن تستلم منه الخطاب ثم تقوم بتمزيقه بعد أن يذهب… وبعد داك تسوى الدايرو».
وكانت هذه هي كلمة السر بين السيد الوزير وأحد كبار موظفيه.. يعني أن «يزازوا» بالمتقدمين للوظائف طالما أنهم لا يملكون أن يرفضوا لهم طلباً… فالوزير لا يستطيع أن يُحرج الذين أتوا به في مقعده.. والمدير لا يستطيع أن يُحرج وزيره المباشر…. ولهذا كان لا بد من اختيار موقع في الوسط لا يكسر هيبة الوزارة ولا «يستصغر» المدير….
وعمنا كامل حدثني عن الوزير الجنوبي والذي لا أدري إن كان ميتاً أو حياً الآن، حينما كان عمكم مفوضاً للتنمية والعون الإنساني… عندما طلب الوزير وألحَّ وأصر أن يقيم مخزناً ضخماً… وأن يكون هذا المخزن مليئاً بالبضائع والاحتياجات بتاعة الإغاثة.. وأن يكون هذا المخزن تحت إشراف الوزير.. وفي الحقيقة ليس فقط أن يكون تحت إشراف الوزير بل أن يكون الوزير هو الممسك فعلاً بالدفاتر وصرف الإغاثات والإعانات وأن يكون هو المحاسب وهو المخزنجي وهو «كل شيء»…
وعمنا كامل بعد تعب استطاع أن يقنع «الجنوبي» بأن الوزير في العادة «يرأس» الناس ولكنه لا «يدير» المؤسسات، وبالتالى لا يمكن أن يخصص مخزن الإعانات والإغاثات ليديره الوزير بجلالة قدره.
وحدَّثني عمي المرحوم عباس عبد الماجد عندما كان وزيراً للزراعة في منتصف السبعينيات وقد تخرجنا حديثًا من كلية الزراعة عن أنهم أطلقوا «إشاعة» عبر وسائل الإعلام المحلية والعالمية تقول بأن وزارة الزراعة هذا العام سوف تقتطع مساحات كبيرة من مشروع الجزيرة لا يتم زراعتها بمحصول القطن… ولم يكن هذا الخبر صحيحاً وكان التبرير أنهم كانوا يريدون أن يرفعوا أسعار القطن العالمية والتي تجد طريقها من مشروع الجزيرة كلها ومباشرة إلى مصانع لانكشير في بريطانيا العظمى في ذلك الوقت… وتناغماً مع هذه (الإشاعة) الوزارية تزامنت إشاعات أخرى مشابهة تصب في نفس المجرى مثل وزارة الري التي ادعت فائضاً في المياه بسبب تخفيض مساحات القطن.. ووزارة المواصلات التي قالت إنها سوف توجه بعض القطارات وعربات السكة الحديد إلى مواقع أخرى من التي كانت تعمل لنقل القطن… ووزارة الاستعلامات والعمل أعلنت أنها لن تحتاج إلى عمالة كثيرة في الموسم القادم ووزارة التجارة التي طلبت استيراد زيوت لتوقع نقص في زيت البذرة هذا الموسم… وهذا يا جماعة يعني أن الوزراء يجب أن «يتكاملوا» في أدائهم وأن تتناغم أفعالهم مع أقوال زملائهم في الوزارات الأخرى…. هذه فقط بعض النصائح لإخواننا الوزراء والمديرين لعلَّ بعضهم يرى فيها فائدة تُذكر ولو من باب سد الذرائع وجبر الخواطر و«الفهلوة»…

كسرة
آها يا جماعة بقي من مشروع تسخين الخرطوم الذي أعلنته الجبهة الثورية وزعيمها ياسر عرمان بالتعاون مع الأحزاب «الما وطنية» فقط ثمانية وأربعون يوماً فيها باقي رمضان والرحمتات ويوم الشك وتحرِّي رؤية هلال شوال وإجازة العيد وأيام التشريق والأيام البيض والستوت وهلم جرا….

صحيفة الإنتباهة
د. عبد الماجد عبد القادر[/JUSTIFY]