مصر و الحرب على المشروع الإسلامي
ما استطاع فعله الرئيس المؤقت عدلي منصور هو تشكيل لجنة تحقيق، و إصدار إعلان دستوري ينص على اجراء انتخابات تشريعية قبل 2014 ،و تعيين لجنة دستورية في أقل من 15 يوما يكون أمامها مهلة شهرين لتقديم تعديلاتها إلى الرئيس الانتقالي.
و بحسب ما أوردته صحيفة الأهرام فسيقوم الرئيس لاحقا بطرح هذه التعديلات على استفتاء شعبي خلال شهر، ثم تنظم انتخابات تشريعية خلال شهرين، وسيتم الاعلان لاحقا عن موعد لتنظيم انتخابات رئاسية. ومع ذلك فإن الخبير الدستوري زيد العلي قال لوكالة “فرانس برس”، إن “الطريقة التي وضع فيها الاعلان تدعو الى الاعتقاد ان كل العملية الانتخابية ستتم ضمن المهل المعلنة”.لكنه لفت إلى أن الاعلان الدستوري المؤلف من 33 مادة يبقى مع ذلك “غامضا” لجهة السماح لمنصور بتنظيم الانتخابات واطلاق عملية تسجيل المرشحين.
مبادرة النور
ما آلم الإسلاميين في مصر موقف حزب النور الذي يمثل شريحة كبيرة من التيار السلفي، حيث كان جزءا من التحالف الذي قاد الإنقلاب على الرئيس محمد مرسي، لكنه بعد الإنتقادات الشديدة التي وجهت إليه، تراجع و أعلن وقف اتصالاته مع الرئيس المؤقت ، وقال في بيان صحفي :”إن الرئيس المؤقت، عدلي منصور يتصرف بطريقة “شديدة الانفرادية والديكتاتورية والانحياز لتيار لا يحظى بقبول” لدى المصريين. وحذر من مواد بالإعلان الدستوري المرتقب، كما تقدم بمبادرة جديدة للحل عبر تشكيل لجنة حكماء يقودها الأزهر.
وقال الحزب إن القوات المسلحة سيطرت “فعليا على مقاليد البلاد” ووضعت الرئيس المنتخب تحت الإقامة الجبرية، مضيفا بأن تلك الخطوات لم تنجح في منع سفك الدماء، “بل زادت وزاد عليها الكثير من الإجراءات القمعية والتصرفات الاستثنائية” كما أن منصور – بحسب البيان “تصرف بطريقة شديدة الانفرادية والديكتاتورية والانحياز لتيار فكري لا يحظى بقبول في الشارع المصري.”
ورفض الحزب قيام منصور بحل مجلس الشورى، كما كشف أن مسودة الإعلان الدستوري المرتقب “يخالف ما تم الاتفاق عليه.. من الحفاظ على مواد الهوية” وتحديدا المواد 2 و 4 و81 و 219، واستطرد الحزب قائلا: “ثم زاد الطين بلة المذبحة التي تمت أمام الحرس الجمهوري، والتي لا يمكن قبولها أو تبريرها.”
وختم الحزب بيانه بالقول: “نتقدم بمبادرة تقوم فكرتها على تكوين لجنة مصالحة وطنية، تتعامل مع المشكلة من بداية تفجرها بين محمد مرسي وبين القوى المعارضة له على أن تتكون من حكماء وعقلاء يتمتعون بالمصداقية لدى الجميع و برعاية الأزهر وتكون مهمتمها عمل مصالحة وطنية حقيقية… وضع خطة جديدة يتوافق عليها جميع القوى السياسية والقوات المسلحة وبرعاية لجنة المصالحة.”
مواقف الإسلاميين
وفي نفس الشأن توحدت مواقف الإسلاميين في مصر مع تأييد شرعية الرئيس محمد مرسي و استنكر الدكتور حسن الشافعي، مستشار شيخ الأزهر ما وقع من “مجازر دموية” للمتظاهرين السلميين، مشيرًا إلى أنها “طامة فاجعة”، مطالبًا بحماية المتظاهرين لأنهم لم يقتلوا اي أحد وأن الرئيس الذي سجنتموه لم يقتل اي شخص ولكن كان حريص علي النهوض بالوطن.
وأكد الشافعي في بيان له بثته قناة “الجزيرة مباشر مصر”، مساء الاثنين، أنه يستنكر “كل ما حدث من القيادات الانقلابية العسكرية”، وأن يبرؤ إلى الله من كل ما يقوم به الجيش المصري والمعارضين، مؤكدًا أن “الفرج قريب، وأن النصر آت لا محالة”.
وأكد مستشار شيخ الازهر أن “ما حدث من قيادة القوات المسلحة هو انقلاب عسكري مكتمل الاركان علي الدستور والقانون وعلى إرادة الشعب المصري”، مؤكدًا أنه “كمواطن مصري يجرم كل ما حدث من انقلاب معسكري على السلطات المنتخبة بإرادة شعبية”.
وأضاف الشافعي أن القوات المسلحة “أخرجت مظاهرات 30 يونيو بغطاء شعبي وسياسي دقيق، ولكن ما لم تحسبه القوات المسلحة هو الاحتجاجات على الانقلاب العسكري”، مطالبًا بالإفراج عن المعتقلين والرئيس محمد مرسي “حتي تستقر الاوضاع وتبدأ عجلة المصالحة في الدوران”.
وتابع القول: “على الجيش أن يبادر بإعادة الفضائيات الإسلامية التي تم وقف بثها”، متسائلاً “أين الإعلاميون والفنانون الذين صدعوا رؤوسنا عن الحرية والديمقراطية”، لافتًا النظر إلى أن قائد الجيش الفريق عبد الفتاح السيسي تحدث مرتين ولم يتحدث عن الضحايا أو المعتقلين، وأنه ينكر كل ما حدث منه عن الاحداث الأخيرة، قائلًا: “أليست هذه أنفس معصومة؟”.
وطالب بضرورة مساءلة المسؤولين عن هذه الأحداث الدموية قبل أي حديث عن المصالحة الوطنية، رافضا ترشيحه عضوا في المصالحة الوطنية، قائلاً: “كيف أقبل بهذا، وهذا عار علي أن أقبل أن أكون عضوا في لجنة مصالحة بها دماء علي الطرق”.
كما طالب المسؤولين بضرورة “أن يخرجوا ويصارحوا الشعب عن الانقلاب والمخططات التي تدبر للأمة”، مؤكدًا أن “المزيد من الضغط عن الاسلاميين قد ينزل بهم مرة أخرى تحت الأرض” (في إشارة إلى العمل السري)، داعيًا إلى “وقوف الاعتداء والاعتقالات للإسلاميين وخاصة أعضاء حزب الحرية والعدالة”.
أما الداعية السعودي عائض القرني فقد قال في تغريدة على موقع تويتر” إن الجيش المصري هرب أمام موشي ديان وترك أحذيته في أرض المعركة.. لكنه اليوم يسفك دماء شعبه”. أما الشيخ محسن العواجي فقد مجزرة الحرس الجمهوري التي حدثت فجر الاثنين وخلفت عشرات القتلى والجرحى من مؤيدي الرئيس المصري محمد مرسي، وحمل مسؤوليتها الكاملة أمام الله وأمام التاريخ لمن أسماهم بـ “الإنقلابيين في مصر”.
وقال العواجي في تصريحات نشرتها وكالة “قدس برس” “إن ما حصل من مجزرة بشعة في حق إخوتنا في مصر (اليوم الاثنين 8تموز/يوليو) هو ألم وجرح يعتصر قلب كل مسلم محب للعدالة والحق .
ونفى العواجي أن يكون علماء السعودية قد خذلوا إخوانهم في مصر، وقال: “نحن لا نشعر أننا خذلنا إخوتنا في مصر، ونحن نستعد لإصدار بيان باسم طلبة العلم وعلماء السعودية مساء الاثنين (8|7)، يرى أن الذي جرى في مصر هو انقلاب وتدخل من قوى أجنبية وإقليمية لسرق مكتسبات الأمة، واعتداء على الشرعية القائمة وعلى الرئيس المنتخب دستوريا.
وفي العاصمة القطرية الدوحة أصدر “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” بيان أدان فيه كل أعمال “العنف والإرهاب” من أي أحد كان في مصر، وخص بالتنديد والشجب والاستنكار، “المجازر” التي وقعت أمام الحرس الجمهوري، حيث راح ضحيتها عدد كبير من المتظاهرين، بينهم عدد من الأطفال ومئات الجرحى، ووصفها بأنها “عمل جبان” قال بأن هدفه “إشعال لنار الفتنة”.
ودعا الاتحاد الشعب المصري، “وبخاصة الثوار الذين اتحدوا على أهداف ثورة 25 يناير المجيدة، إلى الالتفاف حول هذه الأهداف، وحماية ثورتهم ومكتسباتها العظيمة والديمقراطية، والقضاء على الظلم والفساد والطغيان وفاء لدماء الشهداء وتضحيات الشرفاء من أبناء مصر الذين ضحوا من أجل الحرية والكرامة والعدالة والاستقرار”.
وحذر الاتحاد دول المنطقة وشعوبها من خطورة السكوت والتغاضي عن انتهاك الشرعية الدستورية والانقلاب عليها، وأكد أن الخروج المسلح على شرعية الدستورية والانتخابية يشكل سابقة خطرة يمكن أن تهدد أمن واستقرار المنطقة.
وقال بيان الاتحاد إنه “مُستعد للقيام بالوساطة وأهاب الاتحاد بالجميع الذين وقفوا مع الشرعية من الإسلاميين وغيرهم من أطياف المشهد السياسي في مصر أن يحافظوا على سلمية المظاهرات، ومنع المندسين لإحداث الفتن”.
بدورها أصدرت حركة حماس في فلسطين بيان استنكرت فيه ما جرى ودعت المصريين إلى الوحدة، مؤكدة على موقفها المحايد ورفضها للتدخل في الشأن المصري بإعتباره شأنا داخليا.