رأي ومقالات

الطيب مصطفى : التداول السلمي للسُّلطة بين الحقيقة والخيال!!

[JUSTIFY]وهل يختلف أحد مع الأستاذ علي عثمان حول ما قاله عن ضرورة المحافظة على كيان الدولة والتصدِّي لكلِّ محاولات صوملة السودان؟!
نعم أخي علي عثمان فكلُّنا يدندن حول ما قلت سِيَّما بعد أن اتَّضح أنَّ هناك مشاريع استئصاليَّة تستهدف إعادة هيكلة الدولة السودانيَّة أو بالعدم تمزيقها أيدي سبأ.
ما قاله الأستاذ مهدي إبراهيم في نفس اللقاء البرلماني الذي ضمَّ كُتلة المؤتمر الوطني في إطار التعبئة والاستنفار يعكس الحقيقة المُرة التي تحتاج إلى سبر أغوارها بدون تزييف أو مراوغة فقد قال الرجل إنَّ (عقد نسيج المجتمع السوداني بدأ ينفرط بسبب الصراع المحتدم بين الحكومة والمعارضة من طرف وبين الحكومة والحركات المسلَّحة من طرف آخر).
إذن فإنَّ الحكومة هي العامل المشترك في قضيَّة تُعتبر من أهمّ مهدِّدات الأمن القومي ألا وهي تأكُّل وانفراط عقد المجتمع السوداني الذي لم يفقد تماسكه في أي زمان خلال الفترة منذ الاستقلال كما هو حاصل الآن الأمر الذي يُنذر بتشظّي هذه البلاد وتفكُّكها وتمزُّقها حتى بدون تدخُّل أو حرب مفروضة من القوى الدوليَّة أو الحركات المتمرِّدة المدعومة من بعض الدول ذات الأجندة المعلومة.

أخي النائب الأول.. في حديثك الذي أوردته الصحف تحدثت عن كفالة الدستور للتداول السلمي للسلطة دون إقصاء وعزل لكني أسألك بالله بل أسأل كل حكومتكم ومؤتمركم الوطني هل هذا هو الواقع أم أنَّه حديث الأماني والأوراق الباردة؟!
إذا كان الأخ مهدي قد تحدَّث عن صراع محتدم بين الحكومة والمعارضة فإنَّ أهم مسبِّبات ذلك الصراع والخلاف هو مطلوبات التداول السلمي للسُّلطة الذي تحدَّث عنه الأستاذ علي عثمان من حُريات تُتاح للأحزاب لمخاطبة الجماهير ومن ضمانات لنزاهة الانتخابات ومن حرية صحافة وتعبير.

الأستاذ علي عثمان يعلم كما يعلم د. الحاج عطا المنان أنَّ اللجنة السياسيَّة للدستور التي تضمُّ عدداً من القوى السياسيَّة سعت إلى إقناع القوى والأحزاب المقاطعة لدعوة رئيس الجمهورية بالانضمام إلى ركب صناعة الدستور الجديد وكونت لجنة وساطة محايدة برئاسة المشير سوار الدهب للاتصال بتلك الأحزاب المقاطعة تضم في عضويتها عدداً من الشخصيات وأُمثِّل منبر السلام العادل في تلك اللجنة.
لجنة سوار الدهب قابلت السيد الصادق المهدي ود. الترابي وعدداً من الأحزاب الأخرى بغرض الاستماع إلى رأيها وكان القاسم المشترك الأعظم بين مطلوبات تلك القوى السياسيَّة المعارضة تهيئة المناخ والحريات وكان ذلك ممَّا اتَّفق جميع أعضاء لجنة سوار الدهب على منطقيَّته إذ لا يجوز البتَّة أن تطلب من القوى السياسيَّة أن تشاركك في صناعة الدستور الجديد وأنت تحرمها مما نصَّ عليه الدستور القائم الآن!!

عزيزي علي عثمان.. هل تعلم أنَّ بعض أعضاء لجنة سوار الدهب لن يطول انتظارُهم وسيخرج بعضُهم من لجنة سوار الدهب ومن لجنة الدستور بعد أن اقتنعوا بأن الحكومة هي المتعنِّتة وليس القوى المعارضة؟!
أخي الأستاذ علي عثمان قبل أن تحلُّوا مشكلة الحكومة مع الحركات الحاملة للسلاح وحِّدوا الجبهة الداخليَّة على مُشترَكات تُنهي منهج الإقصاء والتربُّص الذي تستهدفون به معارضة الداخل المسالمة ولستُ أدري والله مم تخاف الحكومة وهي تملك السُّلطة والثروة بما في ذلك الخدمة المدنيَّة والأمن والدفاع والشرطة؟!
إنَّ عناد المؤتمر الوطني وإصراره على رفض أي رؤى إصلاحيَّة من داخله وكذلك على تكميم أفواه المعارضة التي تنبذ العنف واستخدام السلاح لن يؤدي إلا إلى مزيد من الاحتقان وسيدفع المسالمين إلى البحث عن خيارات أخرى بديلة لن تزيد البلاد إلا رهقاً وتشرذماً.

إنَّ مما يملأ النفس حسرة أن تأتينا الأخبار عن احتلال أو الهجوم على مناطق في شمال كردفان كنا نحسبها آمنة مطمئنة وكنا نظن أنَّ احتلال أب كرشولا في جنوب كردفان لن يتكرَّر مرَّة أخرى ولكن من يضمن لنا نوماً هانئاً في الخرطوم بعد أن تقدَّمت قوات الأوباش شمالاً متجاوزة أب كرشولا؟![/JUSTIFY]