تحقيقات وتقارير

أسرار أخطر ساعة في تاريخ السودان

[JUSTIFY]وفي العام 1954 عدل الحزب اسمه (للأحرار) تجنباً لكلمة (جنوبي) التي قد يفهم منها أن القطر منقسم إلى قسمين. وفتح الحزب أبوابه للشماليين. واستطاع الحزب أن يكون معارضة محترمة مع حزب الأمة داخل البرلمان. إلا أن ما أفرزته السودنة من سلبيات وتجاهلها للجنوبيين في ترقيات الخدمة المدنية آنذاك جعل حزب الأحرار يعدل من إستراتيجيته تجاه الشمال ويطالب بالاتحاد الفيدرالي وأقام ليالي سياسية عاصفة وصف فيها المتحدثون الشماليين بأنهم ظالمون ومتسيطرون وتجار رقيق!! ودعوا لمؤتمر بجوبا في أكتوبر 1954م أجاز فيها المؤتمر قراراً يطالب (بالفدريشن) (الاتحاد الفيدرالي مع الشمال). وكان السقف المطلبي للحزب أو المقصود بتلك الدعوة هو استبدال الإداريين الشماليين بجنوبيين!

**********

2/ فقدان الثقة الناجم عن تدخل بعض رجال الإدارة في الاستوائية في الأمور السياسية:

أ/ قد خرج من مجلس الوزراء في تاريخ ما في شهر مايو اثنان من وزراء الحزب الوطني الاتحادي الجنوبيين وهما:

1. السيد داك دي عضو مجلس النواب لاختلافه مع رئيس الوزراء في شؤون الجنوب.

2. السيد/ بلن الير عضو مجلس النواب وقد فصل لانتقاده العلني لرئيس الوزراء فيما يختص بشؤون الجنوب.

ب/ وبعد ذلك بقليل تأجلت جلسات البرلمان في عطلته الصيفية. وقد رسم الأعضاء الجنوبيون خططاً لعقد مؤتمر في جوبا في شهر يونيو. وكان غرض ذلك المؤتمر محاولة تكوين (جبهة جنوبية) أي تكتيل كل أعضاء البرلمان الجنوبيين بغض النظر عن أحزابهم وذلك لكي (يتعقبوا مطالب الجنوبيين وليؤيدوا في داخل البرلمان أي حزب شمالي يكون مستعداً لإجابتها). (وبما أن جميع هذه المطالب تقريباً تتعلق بالخدمة المدنية فإنا سنتكلم عنها تحت عنوان آخر).

وتحقيقاً لهذا الهدف فقد وجه حزب الأحرار الجنوبي الدعوة لكل أعضاء البرلمان الجنوبيين للاجتماع في جوبا. ويبدو أن فكرة الكتلة الجنوبية نشأت في الخرطوم في أبريل سنة 1955م.

ج/ قد يكون من المفيد أن نسرد هنا شيئاً عن حزب الأحرار ونشاطه. قبيل الانتخابات في سنة 1953م نشأ حزب في جنوب السودان هدفه في ذلك الحين استقلال السودان التام وأطلق عليه اسم الحزب الجنوبي وأنشأ فروعاً في مختلف مدن وقرى المديريات الجنوبية الثلاث وقد اكتسب (ولا يزال) تأييد أغلبية المتعلمين الجنوبيين الذين يعمل معظمهم في الخدمة في مصالح الحكومة المختلفة. ويطلق على هذه الفروع المنتشرة في المدن والقرى اسم لجان الحزب الجنوبي.

وفيما يتعلق بالمسائل السياسية (وذلك بعكس التقاليد القبلية والعادات) فإن (الناس في الغابة) يتجهون إلى المتعلمين ليتلقوا منهم التوجيه والإرشاد. ولهذا السبب فإنه يمكن القول بان حزب الجنوب يتمتع بتأييد أغلبية الجنوبيين. وقد خصص 22 مقعداً في مجلس النواب (4/1 مقاعد المجلس تقريباً) للدوائر الجنوبية. وقد انتخب لملء هذه المقاعد اثنا عشر نائباً من حزب الجنوب وستة من الوطني الاتحادي وأربعة مستقلون. ولكن بعد ظهور نتيجة الانتخابات كثيراً ما غير بعض الأعضاء الجنوبيين أحزابهم. وفي سنة 1954م غير اسم الحزب الجنوبي إلى حزب الأحرار وذلك تجنباً لكلمة (جنوبي) التي (ربما يفهم منها ان القطر منقسم إلى قسمين ولأن الشماليين يعترضون على استعمالها). وقد فتح باب الانضمام للحزب للشماليين ولكن بما أنه لم ينضم إليه أي منهم فقد أصبح الاسم المتعارف للحزب حزب الأحرار الجنوبي. وقد استعملنا في هذه التقرير الحزب الجنوبي وحزب الأحرار الجنوبي كمترادفات. وقد كون حزب الأحرار مع حزب الأمة المعارضة في البرلمان. وفي خلال الثمانية أو تسعة شهور الأولى من بدء البرلمان يبدو أن نشاط حزب الأحرار كان ضئيلاً إن لم يكن معدوماً في الجنوب. ولكن في شهري أغسطس وسبتمبر سنة 1954م عندما أعلنت ترقيات الخدمة المدنية واتضح أن الجنوبيين لم يستفيدوا من السودنة إلا قليلاً ازداد نشاط الحزب وقام بحملة دعاية في الجنوب للمطالبة بوضع جديد للجنوب وهو الاتحاد الفدرالي مع الشمال ولم يكن من العسير عليهم استغلال الظلامات الطفيفة لإثارة القلاقل. ولقد تجاوزوا في بعض الحالات حدود النقد المشروع وقاموا بإلقاء خطب شديد الإثارة وصفوا فيها الشماليين بأنهم ظالمون ومتسيطرون وتجار رقيق. ودعوا لمؤتمر عقد في جوبا في أكتوبر سنة 1954م وأجاز ذلك المؤتمر قراراً بالمطالبة بالاتحاد الفدرالي (فدريشن). ولكن نوع ذلك الاتحاد لم يعرف اطلاقاً أو تحدد معالمه. وكل ما هنالك أنهم قصدوا به استبدال الإداريين الشماليين بجنوبيين. وعندما خرج من الوزارة في مايو سنة 1955م الوزيران الجنوبيان ذهب إلى رئيس الوزراء السيد/ سرسيو ايرو والسيد بلن الير وأخبراه بأن حزب الأحرار سيعقد مؤتمراً في جوبا في شهر يونيو. وقد حدث الاجتماع بين السيد سرسيو ايرو ورئيس مجلس الوزراء في يوم 13 يونيو سنة 1955م وفيما يلي ملخص لما دار فيه:-

السيد سرسيو: سيعقد حزب الأحرار مؤتمراً في جوبا في شهر يونيو.

رئيس الوزراء: يمكن لأي حزب أن يجتمع متى أراد ذلك ولكن. تأكد من أننا سوف لا نسمح لموظفي الحكومة بالاشتراك في مؤتمر سياسي كهذا ومن يفعل منهم سوف يفصل.

السيد سرسيو: سيبحث المؤتمر موضوع الاتحاد الفدرالي (فدريشن).

رئيس الوزراء: إننا حكومة انتقالية ولدينا قانون الحكم الذاتي والمعاهدة الإنجليزية المصرية وسنحرص أشد الحرص على ألا نخالف نصوصها. وتنص الاتفاقية على أن السودان وحدة لا تتجزأ. ولم توقع الحكومتان المصرية والإنجليزية على الاتفاق إلا بعد أن أقتنعتا بأن شعور جميع السودانيين هو أن يظل السودان كوحدة واحدة وذلك على أساس القرار الذي اتخذ في مؤتمر جوبا سنة 1947م وكذلك القرار الذي اتخذ في الآخر في جوبا في سنة 1954م برئاسة السيد بنجامين لوكي – هذا بالرغم من أن المؤتمر الأخير لا يؤثر كثيراً – وأن الحكومة يجب أن تستعمل كل ما لديها من قوة ونفوذ لتنفيذ الاتفاقية نصاً وروحاً. وسوف لا تتساهل الحكومة في هذه الناحية فإن لديها جيشها وقوة بوليسها وكل طاقتها. ولقد أخبرت السيد بلن بنفس الشيء قبل يومين عندما استدعيته لهذا الغرض. وأرجو أن تخبر الآخرين بهذا.

د/ وبما أن الدعوة لهذا المؤتمر شملت أعضاء البرلمان الجنوبيين الذين ينتمون للحزب الوطني الاتحادي فقد حاولت الحكومة أن تحبط هذا المؤتمر. ولتحقيق هذا الغرض يبدو أن هناك تلميحاً من مصدر حكومي قد أرسل لبعض رجال الإدارة بالاستوائية من ذوي الميول السياسية ليقوموا باللازم لإرسال برقيات للخرطوم تستنكر مؤتمر جوبا وتؤيد الحكومة.

هـ/ وقد طاف مفتش مركز يامبيو ومساعده في أنحاء مركزهم للحصول على توقيعات الزعماء لتأييد الحكومة . وقد استعملت كل أنواع الضغط للحصول على موافقتهم بما في ذلك الخداع. وفيما يلي مقتطفات من خطاب معنون لحاكم عام السودان بصور إلى مدير المديرية ومفتش مركز يامبيو ومساعد مفتش المركز في طمبره وضابط تنفيذي مجلس ريفي طمبره.

( أنا الزعيم باسيا رنزي زعيم طمبره قد أجبرني مفتش مركز يامبيو ومساعد مفتش المركز بطمبره وضابط تنفيذي مجلس ريفي طمبره أن أوقع على اتفاقية. وقد رفضت أن أفعل ذلك وبينت لهم السبب الآتي: أنه يجب علي أن أستدعي نوابي من الزعماء أولاً وأعرض عليهم الأمر قبل التوقيع فإن صادقوا عليه فإني أكون في حل لأن أوقع.).

(فرفض المفتش وزملاؤه وهددوني بان لديهم القوة لإقصائي من منصبي كزعيم وليأخذوا عربتي وكل بنادقي وكل ما أملك وأن يجعلوني فقيراً بكل ما في كلمة فقير من معنى).

(ثم سألني مفتش المركز إن كنت أعرف الكتابة. فاعترفت بأنني أقدر أن أكتب. فأعطاني ورقة لأكتب اسمي لأبرهن على أني استطيع أن أفعل ذلك. ولأثبت ذلك كتبت اسمي. وفي الحال أخذ الورقة ووضعها في جيبه معتبراً بذلك أنني وقعت على الفكرة السياسية القائمة في ذهنه التي لا استطيع أن أعمل على هدمها بعد ذلك. وهذا اعتداء يدل على جبن ويعني استبعاد الجنوبيين أثناء تقرير المصير الذي سيعني القضاء علينا).

(وكان مطلب المفتش الثالث حيث كان بالطبع المتحدث الرئيسي هو أن أسلفهم عربتي في الحال وذلك لتعمل بدل عربة الحكومة التي تعطلت في طريقها إلى طمبره وهي تحمل نقوداً للمركز. وقد فعلت ذلك في الحال ودون مجادلة. وقد كانت هذه حيلة لأنه لم تكن هنالك عربة معطلة في الطريق إلى طمبره. وقد استعمل المفتش وزملاؤه عربتي في المرور على تلك المنطقة مرغمين الزعماء الآخرين على التوقيع باعتبار أني وقعت مشيرين إلى عربتي كدليل على موافقتي وأني أعطيتها بمثابة برهان للآخرين ليصدقوا ويقوعوا مثلي. ولذلك فإن كل الزعماء في طمبره ووقعوا في غفلة مثلما وقعت أنا في تلك الظروف الصبيانية.

و/ استدعى مساعد مفتش المركز بعض الزعماء لمكتبه وأرسل تلغراف تأييد باسمه نيابة عن ثلاثة عشر زعيماً. وكان هؤلاء الزعماء من قبيلة الفنقورا – حكام الزاندي التقليديين. وقد أذيع هذا التلغراف كثيراً من محطة أم درمان. وكان الغرض من إذاعته أكثر مما يجب أن يبين أولا أن الحالة في الجنوب على ما يرام وأن الناس هنالك يؤيدون الحكومة الوطنية. وثانياً ليوضحوا لنواب الحزب الوطني الاتحادي الجنوبيين الذين ابتدأ ولاؤهم يتزعزع أن أعضاء حزب الأحرار لا يمثلون إلا أنفسهم. ولقد صار الزاندي نسبة لإنشاء مشروع الزاندي في منطقتهم أيسر حالاً وأكثر استنارة من كثير من القبائل الأخرى في الاستوائية. وقد ساعد التوسع في التعليم والخدمات الاجتماعية الأخرى على تقدمهم ولا زال هذا التقدم آخذاً في الازدياد مما أدى إلى ازدياد في الوعي السياسي بينهم.

ولقد كان الزاندي يحكمون لأجيال طويلة بقبيلة ارستقراطية مختلفة عنهم تسمى فنقورا لها نفوذ شديد على رعاياها وحتى عهد قريب (منذ ثلاثين أو أربعين سنة) كانوا يسيئون معاملة رعاياهم ويضطهدونهم ولذا فإنهم مهابون أكثر من أنهم محترمون. وقد ابتدأ العهد الماضي نظاماً استمر حتى الآن وهو تعيين الزعماء من بين الزاندي أنفسهم الأمر الذي يستنكره الفقنورا بشدة. والزعماء في الجنوب يعينون وتدفع لهم مرتبات ويعتبرون لكل الأغراض العملية موظفي خدمة مدنية وتنطبق عليهم كذلك القوانين التي تمنع موظفي الخدمة المدنية من التدخل في السياسة. وقد كان هنالك تساهل في وقت ما في تطبيق هذا القانون ولكن مؤخراً فقد منعوا بوضوح من الاشتراك في السياسة بتاتاً. وفي سبتمبر سنة 1954م قام نائب مدير الاستوائية بشخصه بتحريات شاملة كاملة في نشاط رجال حزبي الأمة والأحرار الذين قاموا برحلة دعاية واسعة في المديريات الجنوبية برئاسة السيد بوث ديو عضو مجلس النواب. وقد اكتشف أثناء تحرياته أن الأموال للأغراض السياسية تجمع رعاية الزعماء فأنذر الزعماء للمرة الثانية بألا يقوموا بمثل هذا العمل. كما أصدر أوامره لكل مفتشي المراكز بألا يسمحوا لمستخدمي الحكومة بأن يشتركوا في الاجتماعات السياسية وألا يسمحوا بإقامة تلك الاجتماعات في المباني الحكومية. ومن الواضح أن هذا القانون ينطبق على كل موظفي الحكومة م المدير إلى الكاتب. فقد جاء في الفصل التاسع الفقرة 2(أ) 2 من اللوائح الإدارية لحكومة السودان ما يأتي:

(لا يجوز لأي موظف عام أن يقوم بدور بارز أو علني في السياسة ما لم تجز بوضوح هذه اللوائح ذلك).

وكرر الوكيل الدائم لوزارة الداخلية هذا المنع في منشور بتاريخ: 2/11/1955م مؤكداً بذلك منشوراً سابقاً فقال:

(تقتضي المصلحة العامة المحافظة على الحيدة السياسية وحسن التصرف في الخدمة العامة والمحافظة على كسب ثقة الجمهور في الحيدة السياسية وحسن التصرف كناحية أساسية في تكوين الجهاز الحكومي. ولذلك فإنه يجب أن يعطي الاعتبار الرئيسي لضمان استمرار ثقة الجمهور في نقاء الجهاز الحكومي من المحاباة وإيمانه بعدم تحيزه وكسب ثقة الوزراء في مقدرة هذا الجهاز لأن يخدم بإخلاص أي حزب يتقلد الحكم).

ز/ أن تدخل مساعد مفتش المركز في السياسة بتلك الطريقة بينما يدعو رعاياه لئلا يفعلوا ذلك لأمر يدعو للأسف من الناحيتين الخلقية والإدارية. إن واجب الإداري الأول عند تعيينه هو رفاهية أفراد المجتمع الذي يخدمه. وفي الجنوب يقع على عاتق الإداري واجب إضافي ألا وهو تعهد الأهالي حتى يبلغوا طور النضوج. وأنه لخطأ واضح أن يسمح الإداري لولائه الحزبي أن يجرفه عن واجبه نحو رعاياه وخدمة الجمهور. فإن ذلك يتسبب حتماً في فقدان ثقة الجمهور في حيدته. وهناك من الأسباب ما يدعو للاعتقاد بأن المدير ونائبه كانا على علم بنشاط مرؤوسيهم. ومن الطريف أن نلاحظ أنه بعد إرسال مساعد مفتش المركز للبرقية بقليل وجهت الحكومة المصرية الدعوة لكثيرين من الزعماء الجنوبيين لحضور احتفالات التحرير بالقاهرة في يوم 23 يوليو سنة 1955م. وقد منعتهم الإدارة من الذهاب باعتبار أن هذا يعني تدخلاً في السياسة وأنهم كموظفي حكومة غير مسموح لهم بذلك. وقد يجوز أن أهداف مؤتمر جوبا فيما يختص بالدعوة للاتحاد الفدرالي كانت غير دستورية لأنه كما بين رئيس الوزراء بحق للقائمين بأمره فإن الحكومة مقيدة (بقانون الحكم الذاتي والمعاهدة) وأي تغيير فيهما ربما نجم عنه تأخير في تقرير المصير الامر الذي نفترض أن كل سوداني كان يود تجنبه. ولكننا كما ذكرنا سابقاً فإننا وصلنا إلى نتيجة لم نستطع دفعها ألا وهي إرسال نوع من الإيعاز إلى بعض رجال الإدارة بالاستوائية من جهة حكومية (لم نتمكن من معرفة أصل تلك الجهة) للقيام بمحاولة لإحباط مؤتمر جوبا. إن مثل هذه الأساليب من شأنها أن تؤدي في النهاية إلى إفساد جهاز الخدمة المدنية كله. وبغرض كسب حزبي في الخرطوم قصير الأمد وغير مضمون وكنتيجة لتدخل الإدارة فيما لا يعنيها فقد أيقظ شعور الأهالي العدائي نحو الشماليين الذي كان ساكناً. أن تلغراف التأييد أو أي تصريحات تأييد أخرى في هذا الشأن ما كان لها أن تحدث مثل هذه الإثارة ولو كانت معبرة بالفعل عن شعور الناس الأصلي. ومن الإنصاف أن نذكر أن بعض الإداريين مثال ذلك المرحوم الفاضل الشفيع فقد رفضوا القيام بذلك.

ويجدر بنا أن نذكر هنا ودون تردد أنه عندما يتلقى موظف في الحكومة طلباً من وزير مخالفاً للوائح الخدمة المدنية فإن ذلك الموظف يجد نفسه في وضع مربك ومحير. لأن لجنة الخدمة العامة التي أنشئت بمقتضى قانون الحكم الذاتي لا يمكن أن تعطي ذلك الموظف الحماية التامة نسبة لأن مهمتها استشارية ومن حق الوزير ألا يتقيد بأي توصية من توصياتها. وعليه يتضح أنه ما لم يكن الضابط مستعداً للتخلي عن وظيفته أو لأن يتدرج في (القائمة السوداء) فلا مفر له من إطاعة الأمر. ويتبين من ذلك أن هنالك خطأ في جهة ما.

سيف الدين حسن بابكر:صحيفة آخر لحظة[/JUSTIFY]