تحقيقات وتقارير

يوغندا والجبهة الثورية .. قصة حاضنة لن تزول

[JUSTIFY]وافقت القمة الاستثنائية السادسة لدول البحيرات علي مناقشة موضوع الدعم اليوغندي للحركات السالبة التي تعمل علي زعزعة الأمن والاستقرار في السودان في اجتماع خاص بوزراء الدفاع في الإقليم والأجهزة الأمنية المختصة يعقد لاجقاً وتمثل تلك الموافقة نقطة تحول في كيفيات التعاطي مع الملفات الأمنية علي المستوي الافريقي الافريقي من داخل رؤية لاتتصل بالمجتمع الدولي من زاوية التأثيرات والضغط الخارجي الذي لطالما تجاهل واستبعد هذه الملفات الأمنية التي تطأ جمرتها هذه البلدان.

والدعم اليوغندي للحركات السالبة في السودان وهو غير مخفي علي سبيل التغطية الدبلوماسية او الحنكة السياسية حتي يعتبر من اكثر المهددات الأمنية علي السودان ولهذا الدعم السخي الذي لايبدا بايواء قادة وعناصر حركات تناوئ الحكومة في السودان وتحاربها أو ينتهي بمدها بالسلاح والأموال ودفع تكاليف الإقامة وتقديم الاوراق الثبوتية اللازمة لتسهيل الحركة من والي كمبالا والعالم الخارجي أبعاده الامنية والسياسية بما لا يبتعد كثيراً عن وصفها بالشراكة الجنائية ربما او القانونية الدولية في كل ما يجري بجنوب كردفان والنيل الازرق ودارفور.
وفي مثل هذه الحالات كثيراً ما تلجا الاطراف للنكران وتبادل الاتهامات لتخرج فصولاً من العلاقات والتاريخ المشترك بين هذين البلدين اللذين يتشابهان تقريباً في الازمات الامنية لاسباب التمرد والرفض السياسي منذ سنوات طويلة وكذلك تكون العلاقات الثقافية والاثنية التي تمثل مشتركات فاعلة ومؤثرة في عبلقةة البليدن علاوة علي ان يوغندا تمثل مرجعية دينية وثقافية لمعظم افراد النخبة داخل دولة جنوب السودان ويدين الكثيرون منهم لها بتعليمهم ومراحل تكوينهم السياسي ومن بينهم قادة مؤثرون داخل دولة جنوب السودان الحالية.

والمشكلة المزمنة التي يعاني منها المجتمع المدني في يوغندا ناتجة من التهديدات المستمرة اليت يمثلها جيش الرب وهو شكل تنظيم ديني متطرف بني علي عناصرية دينية ذات ميزات اثنية تسعي لاحداث انقلابات كلية علي مستوي السلطة والعقيدة في يوغندا علي خلفيات طقوسية تعبدية مما حشد طاقات دعم سياسي عالية داخل المجتمع والجيش اليوغندي ضدها فكانت حاجة يوغندا لمحاربة جيش الرب والقضاء عليه داخل غابات جنوب السودان مطلباً ملحاً ليكون ذلك هو نقطة الضعف اليت حكمت وحجمت علاقاتها في الاقليم ككل بكل اتجاهات حدودها الجغرافية مع السودان وبقية دول البحيرات.

تغيرت موجهات السياسة الخارجية اليوغندية بعد 2005م وطوال الفترة الانتقالية التي ادارتها حكومة جنوب السودان بعد وفاة الدكتور جون قرنق فارتبطت حلولها الامنية بتواجدها الفعلي في داخل جوبا سياسياً وعسكرياً واصبح لها وجود عسكري كبير هناك هذا بالاضافة للتدخل الاقتصادي والاجتماعي بين البلدين يوغندا وجنوب السودان فمثلت كمعبر استراتيجي ومهم في كينيا الي الحدود السودانية دور الحليف الاستراتيجي وذلك معروف علي نطاق واسع.

ومن اكبر التحديات التي واجهت الاتحاد الافريقي في السنوات الأخيرة هي مشكلة تهريب السلاح وتدفقة بين بلدانه بدون أي رقابة دولية او تشريعات تحد من هذه الظاهرة الخطيرة علي الأمن الإقليمي وتلعب الشركات المنتجة للسلاح والاخري ليت تقوم بتسويقه ادوارا كبيرة ومؤثرة في شراء الذمم وتفريغ المؤسسات والنظم الحاكمة في معظم البلدان الإفريقية والأمثلة علي قفا من يشيل وهنا نتساءل لاي مدي كانت جاذبة ومربحة عمليات ترحيل السلاح من ممبسا بكينيا الي بؤر النزاع في دارفور وجنوب كردفان؟!

ودول البحيرات التي تتكون من كل من بورندي ورواندا واوغندا والكونغو الديمقراطية وتنزانيا) بالإضافة للسودان والتي ما زال بعضها يعاني من ويلات النزاعات والحروب الأهلية ولضرورات تتصل بحاجة هذه الدول للحد من هذه الآثار الناجمة عنها فإنها تنظر للأمن الإقليمي من زاوية مختلفة عن السابق حيث باتت تفرز المشكلات القبلية والتفلتات الأمنية باعتبارها معوقاً كبيراً لحركة التنمية في داخلها لذلك كانت وفودهم التي زارت بعض مناطق النزاع في السودان مؤخراً أكثر تركيزاً واهتماما بما يجري علي الأرض.

أما علاقة يوغندا بالحركات السالبة في السودان فقد جاءت وبشكل تاريخي عبر الدكتور جون قرنق حيث كانت البداية مع حركة تحرير السودان التي يرأسها عبد الواحد محمد نور وكذلك تلك التي يرأسها مني اركو مناوي بعد خروجه للتمرد مرة أخري الا ان حركة العدل والمساواة عرفت الطريق الي كمبالا بعد رحيل نظام القذافي كملاذ امن ويقيم هؤلاء القادة وعناصر مكتبية من حركاتهم في كمبالا وهذا الوضع غير المقبول من الناحية الدبلوماسية يعيق حدوث أي تقدم علي المستوي الدبلوماسي بين السودان ويوغندا باعتبار ان هذا السلوك اليوغندي عدائي وغير مهضوم دولياً.

ويري مراقبون ان ارتباط الدور اليوغندي بالخلل الأمني في السودان ناتج طبيعي لوجودها تدور أصلاً في محيط الاستقطاب الإسرائيلي باعتبارها أولي المحطات في بداية الحزام الإفريقي الذي يحادد المنطقة العربية والإسلامية من الناحية الجنوبية الا ان ذلك لا يؤثر كثيراً في علاقتها بمحيطها الإقليمي الا بالقدر الذي نفسر به من خلال نظرية المؤامرة تداعيات تأثير جيش الرب في البيئات القبلية والمحلية في شمال يوغندا بما يحدث من كر وفر وفظائع تتبادلها الأطراف هناك والكل هناك يعتقد انه وحده علي صواب ربما.

وفي الوقت نفسه تظهر ملاحظات هنا وهناك حول ان هذه الدول الإفريقية في مجموعة البحيرات لا تستطيع بمفردها دون إسناد دولي قوي ان تحقق اختراقات علي مستوي الأمن الإقليمي والصحيح ان التجمعات الإفريقية الإقليمية هي في حد ذاتها ظاهرة صحية حيث ان المجموعات المنفصلة تكون وجهات نظر محددة توليها اهتمامها وتعمل بأفضل ما لديها من آليات وقوة لإثباتها كمسؤولية أخلاقية تنمطها وتميزها كما وإنها تعمل علي تشخيص المشكلات وتحليلها في شكل اتيام مشتركة تبحث لتؤكد وتدعم قراراتها لاحقاً.

وتبني مجموعة البحيرات لملفات أمنية حرجة وحساسة مثل ملف دعم يوغندا للحركات السالبة في السودان يقوي الموقف والكلمة الإفريقية فيما يتصل بالأحكام النهائية في النزاعات علي مستوي القارة وهنا يمكن استلهام القيمة العملية المنتجة للدبلوماسية الرئاسية في إفريقيا حيث انها تقصر مسافات طويلة كانت ستهدر زمناً غالياً في الطريق من والي نيويورك او بروكسل وتبقي القيمة الكبري لهذا العمل الدبلوماسي الرفيع في ان هناك اصواتا افريقية اصيلة ترفض ان تدعم يوغندا بالسلاح والإيواء قوي متمردة تخل بالأمن في السودان بلا أي مبررات أخلاقية.

صحيفة الأهرام
محمد حسن رابح[/JUSTIFY]