مناوي…البحث عن جديد، أم تجديد القديم
وبعد عودته من الفاشر مؤخراً قبل اسبوعين، شدَ كبير مساعدي الرئيس ورئيس حركة تحرير السودان منى أركو مناوي، الرحال ناحية العاصمة الليبية طرابلس التى مكث بها خمسة أيام دون أن ترشح من تلك الزيارة أي معلومات عن تفاصيل محتوياتها والملفات التى بحثها السيد منى أركو مناوي مع القيادة الليبية.
وان كانت زيارة كبير مساعدي الرئيس منى أركو مناوي لطرابلس الغرب قد تمت دون ترويج اعلامى لها قبل وبعد الزيارة، فان المراقبين قد تفاجأوا ايضاً بزيارة قبل يومين للعاصمة الاريترية أسمراْ ولقائه بالرئيس الأريتري أسياسي أفورقي الذي بحث معه عملية السلام في دارفور والجهود الأريترية لطى أزمة الاقليم المستفحله منذ 2003م.
فيما تستعد طائرة السيد كبير مساعدي الرئيس مناوي منتصف الاسبوع الحالى الى الاقلاع ناحية قاهرة المعز للتباحث مع القيادة المصرية حول السلام في دارفور والدور المصري المرتقب على ضوء المبادرة العربية القطرية المشتركة التى يجري فريق وساطتها الاعداد لانطلاق المفاوضات بين الأطراف المتنازعة في الاقليم بحسب تسريبات صحفية في يناير المقبل.
وتعكس زيارات السيد كبير مساعدي الرئيس التى يقوم بها هذه الأيام لعدد من دول الجوار السودانى، بحسب متابعين أنه يسعي من خلالها لتثبيت اتفاقية أبوجا ضمن أي تسوية سياسية قادمة على ضوء المستجدات التى طرأت على الساحة الدارفورية بعد هجوم حركة العدل والمساواة على أم درمان في العاشر من مايو الماضى، وتوجيه مدعي المحكمة الجنائية الدوليه اتهامه لرئيس الجمهورية بارتكاب جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب بدارفور، وبروز الدور العربي والقطري الذي تبنته الجامعة العربية لطي ملف أزمة دارفور على ضوء أزمة المحكمة الجنائية، كمدخل لآليات المساومة السياسية التى تضطلع بها الجامعة العربية لتوقيف اجراءات المحكمة الجنائية الدولية ضد السيد رئيس الجمهورية على خلفية اتهامه من المدعى العام للمحكمة الجنائية بارتكابه جرائم حرب وضد الانسانية في دارفور في فترة الحرب منذ 2003-2005م. ولكن الأستاذ على حسين دوسة الأمين العام لحركة تحرير السودان قال لـ«الصحافة» ان تحركات منى في دول الجوار تأتى في اطار بحث جهود السلام من دوافع مسؤوليته الواردة في اتفاقية ابوجا، وهو تحرك يأتى على محورين، أولاً في اطار تهيئة الأجواء والترتيب لانعقاد مؤتمر شامل لسلام دارفور، والثاني في اطار تثبيت المصالحات ووقف العدائيات ووقف اطلاق النار، وقال في اطار المحور الأول تحرك مناوي ميدانياً مع الحركات والقادة الميدانيين، والتقى بقادة سياسيين من الحركات الرافضة لأبوجا لتقريب وجهات النظر، وفي ذات المحور بدأ يتحرك اقليمياً مع دول الجوار، وسوف يصل بعد يومين الى مصر بدعوة من الجامعة العربية لطرح أفكار جديدة من واقع تجربة أبوجا وممارسته للسلطة الانتقالية لدفع جهود المبادرة القطرية، ونفي أن تكون زيارات مناوي لدول الجوار بهدف الحفاظ على أبوجا على ضوء التسوية القادمة عبر الدوحة، وانما تحرك من أجل سلام شامل في دارفور، وقال ان «أبوجا لن تقف عائقاً امام أي سلام قادم في دارفور» ،وأضاف رافق مناوي في زيارته وفد من الأمانة العامة لطرح رؤية الحركة، وتم توقيع اتفاق مع اللجان الثورية في ليبيا، والحركة الشعبية للديمقراطية والعدالة في اريتريا، وقال سنجري مباحثات مع الحزب الوطنى الحاكم في مصر، وقال دوسة ان الحركة سوف تطرح رؤية متقدمة للمصالحات تحوي أفكاراً جديدة في هذا الاطار.
وتحظى حركة تحرير السودان بعلاقات جيدة مع دول الجوار «تشاد ليبيا اريتريا» منذ اندلاع العمل المسلح في دارفور، ولكن هذه العلاقات حدث فيها نوع من الضمور بعد توقيع اتفاقية ابوجا واتجاه حركة تحرير السودان لبناء علاقاتها محلياً أكثر من كونها خارجية، وقد قال الدكتور آدم محمد أحمد استاذ العلوم السياسية بجامعة الازهري لـ«الصحافة» ان زيارات منى لدول الجوار تأتى في اطار أن حركته لديها علاقات جيدة مع هذه الدول، وقد يكون هدفها الالتقاء مع قادة الحركات المتواجدين هناك لتسوية وتنسيق المواقف، كما أنها قد تأتى في سياق حديث مناوي الى منسوبيه بأن أبوجا والمصفوفة لم تنفذ ولابد من وجود دور جديد، كذلك ربما اراد أن يطلع من خلال زياراته على بعض تجارب التحول من حركة عسكرية الى حزب سياسي.
ويرجع بعض المراقبين تحركات مناوي الى حالة الرفض العام التى بدأت تظهرها أطراف عديدة لاتفاقية أبوجا بل ومطالبة البعض بالغائها كشرط للوصول لاي تسوية مرتقبة في الاقليم، وحتى الحكومة السودانية الشريك الرئيسي في اتفاقية أبوجا لم تعد حريصة عليها بعد التطورات التى حدثت في الساحة السياسية، وعجز الاتفاقية نفسها عن تلبية احتياجات السلام في الاقليم، ما جعل حركة تحرير السودان وزعيمها منى أركو مناوي المدافع الوحيد عن الاتفاقية وتثبيتها، كما يشير بعض المراقبين الى أن تحركات منى أركو مناوي تأتى في اطار البحث مع هذه الدول المشاركة في عملية التسوية السياسية القادمة لدور له وحركته فيها، ان لم يكن تثبيت اتفاقية أبوجا ضمن التسوية القادمة.
وكانت حركة تحرير السودان قد كلفت لجنة من عضويتها لدراسة المبادرة القطرية وتقديم رؤية حولها بالمشاركة فيها من عدمها. ولكن الاستاذ عبد العزيز سام مسؤول الشؤون القانونية بالحركة قال لـ«الصحافة» ان الحديث عن أن أطراف ابوجا تخلو عنها غير صحيح، فالمؤتمر الوطنى وحركة تحرير السودان ملتزمون بها، وحتى المبادرة القطرية محل اجماع وكما أن مخرجات ملتقى أهل السودان هى تأسست من ابوجا التى تمثل ثمار تفاوض الحركات التى لم توقع السلام، فالقضايا الأساسية والملفات الرئيسية للوصول لحل الأزمة كلها مضمنة في أبوجا، فأبوجا تدافع عن نفسها، وقال الحركة ملتزمة بسقوف منبر أهل السودان «الاقليم الواحد، منصب نائب الرئيس»، مشيراً الى ان زيارات مناوي لدول الجوار لم تأت من خارج دائرة مؤسسة الرئاسة، وانما من داخلها للتشاور والاستماع لهذه الدول لتأثيرها على الوضع في دارفور، وقال ان مناوي يقوم بما يجب عمله في مرحلة دقيقة جداً، لضرورة ان يتفق ابناء دارفور اولاً بعد أن بدأنا أكثر ايماناً بضرورة الحل الداخلي، واضاف ان هناك محورين لزيارات، محور عام لدفع المسيرة السلمية لمشاكل الدولة السودانية، ومحور تعزيز العلاقات بين التنظيمات لمصلحة الشعوب، وقال لسنا حريصين ولا مدافعين عن سلام دارفور، ونعتقد أننا أوقفنا الحرب ولم نوقف النضال، وقال لم نفشل في حل مشكلة دارفور ولكننا فشلنا في التواصل مع الفاعلين في الأزمة، وأضاف نحن ملتزمون بسقوف التفاوض المشترك لكننا حريصون اكثر على بناء الدولة السودانية ووقف الاقتتال، لذا يجب ان نتشاور مع دول الجوار في المحيط الاقليمي والعالمي.
رحلات خارجية عبر دول الجوار بدأها السيد كبير مساعدي الرئيس منى أركو مناوي، بعد تحركات داخلية على أرض دارفور التى اعتكف بها منذ مايو الماضي، فهل تفلح جهوده داخلياً وخارجياً في ايجاد دور جديد له في حل الأزمة الدارفورية، أم انه يسعي من خلالها لبث الحياة الى شرايين أبوجا المحتضرة؟!.
خالد البلوله إزيرق :الصحافة
[/ALIGN]