رأي ومقالات

قضية أبيي .. ووعد بلفور الشهير


[JUSTIFY]أكدت القوي السياسية السودانية رفضها التام لما أعلنته دولة الجنوب لإجراء استفتاء من طرف واحد خول أبيي، وهو رفض أسس علي اتفاقية أديس أبابا 20/6/2010م الخاصة بترتيبات الوضع الإداري لمنطقة أبيي ولذي التزمت به تماماً الحكومة السودانية ولم تلتزم حكومة الجنوب وذلك علي الرغم من أن القرار جاء مدعوماً بقرار مجلس الأمن رقم 1990 ليمكن القول إن استفتاء يتم في مثل هذه الظروف يصبح غير ملزم وغير قانوني نسبة لإغفاله المتعمد لقبائل المسيرية الذين هم جزء أصيل من سكان هذه المنطقة.

لقد كان يفترض أن يقوم الاستفتاء في أبيي بعد تنفيذ اتفاقية 20/6/2010م لما سيؤدي من تهيئة المناخ اللازم للوصول الي حل نهائي ترتضيه كافة الأطراف المعنية من السكان الحقيقيين، وعلي رأسهم بالطبع أبناء المسيرية وشيوخ دينكا نوك.

ولا شك أن حكومة الجنوب تعلم تماماً أن شهر أكتوبر تحديداً يكون فيه المسيرية خارج منطقة أبيي في رحلة الخريف المعروفة بحثاً عن المرعي طوال فترة الخريف ليعودوا من جديد الي ديارهم في منطقة أبيي والتي توارثوها جيلاً بعد جيل، في تعايش سلمي حقيقي مع قبائل دينكا نوك الذين امتزجوا معهم بالمصاهرة والتعايش لعقود من الزمن للدرجة التي صعب معها أن تفرق بينهما.

إن علي الحكومة والقوي السياسية أن يستفيدوا من أخطاء الماضي ولا نريد هنا أن نتحسر أو نمضغ الأحزان ولكننا بالقطع لن نفرط ولن نقبل من أي أحد أن يفرط في حقوق قبائل المسيرية، لأن هذا يعني بالدرجة الأولي إشعال حرب أهلية هناك لا تستطيع أية قوة السيطرة عليها.. كما أن أي تنازل من قبل السلطة في هذا الجانب سينطبق عليه مقولة وعد بلفور الشهيرة “من لا يملك لمن لا يستحق” فالحكومة هنا بالطبع لا تملك التنازل للجنوبيين من حق مواطنيها وهم المسيرية بتاريخهم البطولي المعروف.. كما أن دينكا نوك لا يستحقون أن يمتلكوا وحدهم منطقة أبيي.

لقد حاولت لجنة أمبيكي أن تلتف علي اتفاقية أديس أبابا 20/6/2010م الخاصة بترتيبات الوضع الإداري وتهيئة المناخ قبل الدخول في عملية الاستفتاء، وهو أمر مرفوض من كل أهل السودان، وذلك علي أساس أن إجراء الاستفتاء في شهر أكتوبر معناه تسليم أبيي لدينكا نوك دون أي وجه حق، وهو أمر دونه خرط القتاد إذ لا يمكن لأية قوة في الأرض في الأرض أن تسمح بإجراء مثل هذا الاستفتاء في وقت تذهب فيه قبائل المسيرية خارج المنطقة طلباً للمرعي.

ولعل هذا يذكرنا المحاولات التي تعرضت لها المملكة المغربية في قضية الصحراء المعروفة.. حين طالبت بعض القوي الدولية مدعومة بمنظمة البلساريو والجزائر إجراء استفتاء لتحديد تبعيتها واشترط في هذا الاستفتاء أن يكون مفتوحاً للمغاربة دون تحديد لهوية المواطنة التي يفترض أن تحصر العملية في المملكة المغربية وحدها، الأمر الذي دفع بها وعاهلها الملك محمد السادس ومنق بله والده الملك الحسن الثاني لرفض ومقاومة هذا الاستفتاء.

وأذكر في زيارتنا الأخيرة لمملكة المغربية ولقاءنا ببعض القيادات الصحراوية أن وجدتهم علي علم ومعرفة تامة بما حدث في بلادنا من حماس لتقرير مصير كانت كل قرائن الأحوال تؤكد أن يقود الي انفصال تام، دون أن تكون هنالك أية مقدمات مثلما حدث في هونق كرنق حيث تم ترتيب الأمر فيها بمرحلة انتقالية استمرت لعقود من الزمن قبل أن تمنح الاستقلال من الصين، والأمثلة كثيرة في هذا الجانب.

صحيفة الخرطوم
د. الباقر احمد عبد الله
[/JUSTIFY]