مواصلات السودان زمان..الترماي أبو تعريفة.. بصات قاي «راس الفيل»
فى السابق كان السفر بالجمال وهى كانت سفينة الصحراء والسفر بها يستغرق الشهور، ومن وسائل النقل ايضًا الحمير والحصين التى يُلحق بها ويُجر على ظهرها الكارو الذى لا يزال وسيلة نقل قى المناطق الطرفية مع اضافة محسنات مثل مسجل لسماع الأغاني، ومن دولة مصر الشقيقة اتى الينا الحنطور قى الأربعينيات ومن الوسائل ايضًا الآن الركشة او التوكتوك.
الترماي
دخل الترماي الى السودان ابان فترة الاستعمار وهو اشبه بالقطار، وفى بداياته كان يعمل بالفحم الحجرى ويُطلق عليه اسم السمح «بكسر السين» بعدها اصبح يعمل بالكهرباء وله اعمدة كهرباء على امتداد خط سيره وقد غطى الترماي العاصمة المثلثة فنجد ان ام درمان بها «2» ترماى والخرطوم بها «3» ترماى وبحرى بها ترماى واحد، يسع الترماي بداخله اكثر من 70 شخصًا ويبدأ ترماي ام درمان رحلته من المحطى الوسطى امدرمان وله محطات حتى يصل المحطة الوسطى الخرطوم، ويمر بكبري ام درمان القديم وذلك بحسب افادة علي حسن واحمد بابو وهم من سكان ام درمان القدامى، ومحطات ترماي ام درمان الداخلية هى حى مكى وود ارو وود البنا وسوق الشجرة ومشرع ابوروف، وفئة تذكرة الترماى تعريفة وواحد قرش ولا توجد زيادة فى تذاكره، وتستغرق الرحلة بالترماى من ام درمان الى الخرطوم 45 دقيقة وهو بطيء فى حركته وله ميزة انه صديق للبيئة ولا يُحدث تلوثًا بيئيًا بعدم اخراج الدخان وبعض الأشخاص لهم حوادث مؤلمة مع الترماى، فقد ادى الى بتر ايدى بعض الذين يحاولون الطلوع والنزول منه كوسيلة للعب واللهو وهو متحرك.
ويضيف احمد بابو ان هناك رسوم اشتراك شهرية مخفضة للترماي، وهى 10 قروش بالاشتراك بالبطاقة التى يتم تجديدها شهرياً ومن اشهر سائقى الترماى فى خط ام درمان ابوروف هما العمدة والاسكندراني، ويضيف على حسن ان ترماى بحرى يبدأ رحلته من مشرع شمبات الى المحطة الوسطى بحرى وقد توقف الترماى فى فترة الستينيات، ويستطرد بابو انه فى فترة الستينيات ظهرت شركة مواصلات مديرية الخرطوم، وتمتاز بصاتها باللون الأخضر واسمها «قاي» ورسم عليها رأس الفيل، وتعمل فى الخطوط الرئيسية، وقيمة التذكرة واحد قرش الى قرش ونصف. بعدها ظهرت البصات «الفيت» ذات اللون الأزرق، وهى اسرع واجود منه وظهرت فى بداية السبعينيات، ويضيف حسن علي: بعدها جاءت بصات ابو رجيلة مارسيدس، ايضًا بصات السفنجة وكندا التى عملت فى الخطوط الداخلية، وبصات سفنجة ذات لون اصفر تعمل فى خط بحرى والحلفايا وشمبات، ونجد البصات الهناغرى ذات اللونين الازرق والاصفر، والتى تعمل فى خط الديوم الشرقية، والهنغارى بص كبير يكون الإسبير فيه بالخلف، ويضيف علي انه فى منطقة الديوم الغربية توجد البصات ذات اللون الاحمر الغامق، وكل خط مواصلات له الوان مختلفة، وفئة التذكرة قرش وتعريفة، وفى فترة التسعينيات ظهرت الدفارات ثم البرنسات التي هي عبارة عن بوكسى معمول له صندوق مشمع ومن بعده الحافلات والأمجاد وغيرها من وسائل النقل الحديثة الآن.
اللوري
من اقدم وسائل السفر فى السودان بعجلاته القوية يقطع الفيافى والمسافات الطويلة يجوب كل مدن السودان، واللورى له ماركات منها البدفورد والتيمس والهوتس والروز، وثمن شراء اللورى فى فترة الستينيات «500» جنيه وكان مبلغًا عاليًا جدًا في ذلك الوقت، وتستغرق الرحلة باللورى يومًا الى يومين واقصاها اسبوع فى السفر للأقاليم البعيدة، وذلك حسب افادة العم التاج محمد خير، ويجب ان يكون سائق اللورى ذا خبرة طويلة فى مجاله ويؤتى باللوري فى شكل هيكل ويعمل له صندوق، ومن اشهر صانعي صناديق اللورى رجب مرسال بالخرطوم، وللحاجة سكينة ذكريات مع السفر باللورى الى الولاية الشمالية، قالت ان اشهر لورى فى خط الشمالية هو «لورى ابودوسة» ويستغرق السفر باللورى يومين فى الطريق الى الشمالية ولا بد لكل سائق لورى فى طريق الولاية الشمالية ان يمر بقهوة ام الحسن، وهي من اهم المعالم فى الصحراء ويجتمع فى قهوة ام الحسن كل عابري الطريق والمسافرين ليتناولوا عندها احدى الوجبات، وتضيف الحاجة سكينة ان السفر باللورى تحفه بعض المخاطر اذا كان السائق غير ملم بمعالم الطريق، ويمكن ان يتوه فى الصحراء، ويحمل المسافر معه الزوادة التى تتكون من قراصة البلح بالسمن، ويكون الماء فى القربة، واذا احس السائق ان الماء اوشك على النفاد يقوم بادخال خرطوش البنزين فيه حتى تتغير رائحته مما يجعل اى شخص يحس بالظمأ يشرب القليل من الماء لتغير رائحته وطعمه، وتستطرد الحاجة سكينة، وفى داخل اللورى يتم ربط ايدى الناس مع بعضها خوفًا من الوقوع من اعلى اللورى لانه احيانًا يوحل فى المناطق الرملية المنخفضة، ونجد ان الاغنية السودانية لا تخلو من ذكر اللورى فيها واشهر الاغانى الاغنية التراثية الكردفانية »اللورى حلا بى دلانى فى الوادى» للفنان عبد القادر سالم، واغنية فضل المولى زنقار «دو دوبى اللورى دو دوبى» وبعد اللورى سافر الناس بالبكاسي التى كانت تصل فى نفس اليوم ثم بصات المجروس «ود نميرى» التى تعمل فى خط الولاية الشمالية وتصل الى منطقة الرئيس السابق جعفر نميرى بالشمالية.
القطار
تعد هيئة سكة حديد السودان من اطول الشبكات الحديدية فى افريقيا وبدأ انشاء الخطوط فى عام 1898م مع بداية حملة الاحتلال الانجليزى المصرى، وقد اكتمل معظمها قبل العام «1903م»، وتمثل مدينة عطبرة عاصمة السكة حديد السودان، والسفر بالقطار ممتع وجميل والتقينا بسائق القطار امير محجوب وداعة الله الذى وضح لنا ان السكة حديد فى السابق كانت منضبطة وتضبط عليها الساعة فى الاهتمام بالمواعيد ولكنها الآن تدهورت كثيرًا خصوصًا قطارات الركاب التى لم يبقَ منها إلا قطار الخرطوم حلفا، ويضيف امير ان قيمة التذكرة للقطار كانت باسعار رمزية وكخدمة للمواطن، وتعتبر محطة عطبرة من افضل محطات القطارات، وعن قطار نيالا سابقًا يحكى امير ويقول انه من افضل وسائل النقل فى السابق لأنه مريح وآمن اما الآن فقد توقف نسبة للنزاعات المسلحة بإقليم دارفور… ويحكى لنا العم ابراهيم حسين انه فى السابق كانت تذكرة القطار «80» قرشًا من الخرطوم لوادي حلفا وتصل فى يومين وهو مريح وبه درجات مثل الفنادق.
ونجد فى خارطة الأغنية السودانية حيزًا مقدرًا للأغانى التى احتوت فى مضمونها على ذكر القطار منها «من بف نفسك يا القطار» التي يأتى فى مطلعها من بف نفسك يا القطاروزيم صدرك قلبى طار وينو الحبيب انت شلتو جيبو يا القطار والاغنية لفضل المولى زنقار.. ايضًا اغنية العطبرواى «قطاره حلا» واغنية «القطار المر» لعثمان الشفيع واغنية قطار الشوق للبلابل واغنية «عطبرة» لعقد الجلاد واغنيات البنات ايضا «حبيبنا يوم سفروا ما وعدنا قام قطرو»
الطائرات
لقد احدثت الطائرات نقلة نوعية فى مجال النقل والسفر واصبحت طفرة فى السفر، وقد قال الشيخ فرح ود تكتوك «اخر الزمان السفر بالبيوت والكلام بالخيوط» والسفر بالبيوت يعنى به السفر بالطائرات، والسودان واحد من اوائل الدول الافريقية فى مجال الطيران، وقد تم انشاء الخطوط الجوية السودانية فى عام «1925م» والهيئة العامة للطيران المدنى التى تم انشاؤها فى عام 1936م والتى من اهم اهدافها تطوير خدمات الطيران وقد التقينا الاستاذ عبد الحافظ عبد الرحيم الناطق الرسمى باسم سلطة الطيران المدنى ومدير ادارة الاعلام بها ليحدثنا عن تاريخ بعض الطائرات وقال لقد استقبل مطار الخرطوم الطائرة كومت وهى طائرة بريطانية من اوائل طائرات الركاب المنتظمة فى يوم 21 ابريل عام 1952م وكان وقتها حرس الأمن يمتطون الجمال لاستقبالها بمطار الخرطوم الذى كان يبعد 7 كم من قلب المدينة، وقد حفظت سجلات مطار الخرطوم الدولى وصل اول طائرة دولية فى عام 1962م كانت اولى الطائرات ايضًا لشركة لوفتهانز الالمانية، واضاف الأستاذ عبد الحافظ ان الطيران فى السودان وصل لـ«77» عامًا منذ تأسيس مصلحة أوسلطة تشرف على الطيران المدنى، وقد حكى لنا المواطن علي حسن ان تذاكر الطيران فى فترة السبعينات كانت رخيصة والخدمات مميزة وهناك انضباط فى المواعيد.
وسائل النقل النهري
استخدم الناس المراكب الشراعية والمعدية التى كان لها مشرع وقد تنقل بها سكان جزيرة توتي فترة من الزمن الى ان قام كبري توتى الذى ذلل عليهم الكثير من الصعاب وسافر الناس ايضًا بالسفن والبواخر التى كانت مريحة فى ذلك الوقت.
ذكريات جميلة الا ان هناك بعض المعلومات المغلوطة ,, منها مدة حيث ان السفر باللوري للشمالية وللدبة فقط احيانا ياخذ اكثر من سبعة يوم خاصة ايام الخريف وكان ذلك ايام البروكوار والبوكس الاصفر وهو لوري صغير وليس البكس الحالي والفارقو وبعدها جاء اللوري التعبان المشهور والذي خسر التجار خسارة شديد وكان يسمى باسط .. واشهر السائقون كانوا زنقار وعلي حرشي .. وهاشم بشير الجزولي وشوقي لبيب .. واخرون عليهم رحمة الله جميعا ..
اشير الى نوع اخر من اللواري بالهوتس والصحيح الهوستن وهذا جاء للمنطقة الشمالية قريبا جدا وكان غير محبذ لانه غير مصمم للسير في الرمال .ولذا ايتعمله تجار وسط السودان والجزير خاصة
واهم المحطات القبولاب القديمة ومن ثم ام الحسن .. القبولاب مكان للمقيل وام الحسن صلاة المغرب للواري المسافرة ام النازلة او العائدة فام الحسن للعشاء والمبيت والقبولاب الفطور والمقيل للسفريات المواصلة لدنقلا ام التي تنتهي رحلتها في الدبة اوالغابة او قنتي او ابودوم قشابي كانت تواصل .
اهم قصص اللواري كانت ما يحكى عن ابو ضلوع ووادي الملح فابو ضلوع مع انه طوله لايتعدى الكيلو او اقل فهو كان عقبة احيانا تجلس اللواري اكثر من يومين خاصة ايام الهواء والخريف حيث يندفن المجرى ,,واذا ما وحل لوري واحد اصطفت العربات خلفه فترة طويلة ويتعاون المساعدون في اخراج اللواري واحدا بعد الاخر ..
اما وادي الملح فكان مشهورا بالحرامية حيث ان اللوري لايكاد يسير بسرعة اكثر من 2 كيلو وبميلانات تكاد تلامس جنبته الارض وينتهز الحرامية هذا ويستلقون خلسة ويقطعون حبل العفش ويتساقط شنطة تلو شنطة .. وكان اللوري ياتي الوادي مساءا او حوالي الساعة العاشرة ومابعدها ,,
وهنا اود ان احكي لكم قصة : كل المسافرين يكونون حريصين ان عفشهم تحت في ارضية اللوري وكان هناك احد الحجاج اتى للتوا من الحج ومواصلا سفره لقريته وظل يوصي في المساعدية يا جماعة خلوا بالكم من الشنطة دي … الشنطة دي العليها الركة .تاني يكرر يا جامعة الشنطة العليها الركة .. وكان حرامية الطريق يتجولون وسط اللواري ويعرفون اي اللواري محمل بالشنط الثمينة ويرسلون بعضهم في اللواري التي تغادر سريعا وينزلون هناك وينبهون الباقين باوصاف اللوري.. فهم يعرفون اللواري من صوتها سبحان الله كلهم يقولون لك دا لوري فلان ودي تعشيقة فلان .. المهم تسلق الحرامية اللوري وكانت الشنطة العليها الركة الوحيدة التي ضاعت ,, وهذه مصائب الاعلام عن الاشياء الثمينة .
من اغنيات اللوري : اغنية عبد الكريم كابلي ياللوري تشيل منو بلا بنات نوري ياللوري تشيل منو بلا غزل نوري .. واعتقد انها مقطع من اغنية القمر بوبا
وفي العهد الحديث اشتهر السائق صابر جرا الذي توفي في الطريق اثر سقوطه حيث كان خارج الكابينة ويتولى القيادة غيره وحين رأى ان هناك خطرا على الركاب حاول ان ينزل الا ان يد القدر شاءت ان ينزلق ويتوفى ..
وهذ الاغنية كانت سببا في شهرة هذا السائق وشهرة قرية جرا .. حيث ان السائق صادف وسافرت معه احدى الجميلات وتغنى لها الشاعر .. ووصف الرحلة وطلب من صابر ان يتعامل برقة مع اللوري
والحديث طويل