حيدر النور : دارفور هل من مخرج وشيك لكوارثها وأزماتها ؟.
الحروب القبلية كانت حروب تقليدية ، وبوسائل تقليدية كالعصي والحجارة والسفاريك والسكاكين والسيوف والخناجر والكرابيج والحراب ، واليوم بالاسلحة الثقيلة والمدافع والرشاشات ، والسيارات ذات الدفع الرباعي وتستخدم آلة الدولة أحيانا .
لابد من مخرج فكلما طالت أمد ألأزمة في دارفور خصوصا والسودان عموما ، فرخ الزمن مئاسي وأزمات جديدة زادت من تعقيد الازمة ، تعقيدا علي تعقيدها .
اذا ما فذلكنا تاريخ دارفور سريعا ، فانها كغيرها من بقاع الدنيا ظلت منذ البداية تدخل في ازمات وكوارث وحروب طاحنة ، داخلية بين مكوناتها الاثنية والقبلية المتعددة ، وعداوات وغزوات خارجية ، وكانت دارفور تتوحد كلها صفا واحد ضد العدوان الخارجي ، وكانت تحكم حتي حدود مصر ( أسوان ) وعبارة ( أسو آن ) تعني بلغة الفور ، وامتدت حتي وام درمان واغلب ارض السودان ، وما استباح ارضها الاستعمار الانجليزي الا في 22 مايو من العام 1916 ، وكذلك الحكم التركي المصري الا بعد أكثر من خمسين عاما من من سيطرها وبسط نفوذها علي السودان . وعدم ضم دارفور للحكم التركي المصري يعود للمقاومة والمعركة الشرسة التي دارت رحاها في بارا بين جيوش دارفور بقيادة السلطان محمد الفضل ، وجيوش الغزو بقيادة محمد بك الدفتردار الذي سيطر بشق النفس علي الابيض الذي كان خاضعا لسلطة دارفور ، وبقيت صامدة حتي ضمها تاجر الرقيق الزبير باشا رحمة منصور الي الحكم التركي المصري عام 1874 وذلك بفضل السلاح الناري لجيش الزبير باشا ( البازنقر ) .
وكان جل قادة الثورة المهدية من دارفور ، بل كان العقل المدبر ومتولي كبر فرية المهدية من ابناء دارفور ( الخليفة عبدالله التعايشي ) ، وقد ظل دارفور منذ استقلال السودان وجلاء المستعمر الانجليزي من السودان يعيش ازمات ومشاكل فشلت الانظمة التي تعاقبت علي سدة الحكم في السودان في حلها بل فاقمتها ولا سيما الحكومة الحالية .
بل المؤسف ان اتخذت تلك الحكومات قرارات رعناء فاقمت من مشاكلها بشدة .
وقد اندلع في مطلع الالفية الحالية حرب وصراع مرير بين الحكومة من جهة ، وحركة / جيش تحرير السودان التي نتزعمها ، وحركة العدل والمساواة التي لم تكن لها يومئذ وجود الا بضع سيارات تعد بأصابع اليد الواحدة ، مع الاعلام الهائل والذراع السياسي التي استترت خلفها ( المرتمر السعبي ) ، و ماسمي ب( مؤتمر ألأغلبية المهمشة ) .
ووجدت أزمة دارفور إهتماما خارجيا كبيرا وتدويلا كثيفا ، كان سببا في افشال حلول الازمة ، وقد التأمت عدد من المنابر التفاوضية لحل الازمة ووقف الحرب في كل من تشاد ، وفي اديس أبابا ، وفي أبوجا ،وليبيا ، واخيرا في الدوحة وفي اروشا بتنزانيا ، والازمة ما زالت تراوح مكانها ، بل تفاقمت للاسوأ اليوم ، وتولدت عنها مشاكل أخري غير خافية علي احد ، كالصراعات القبلية التي انفجرت وتفاقمت منذ مطلع العام الحالي ، وحصدت الآلآف من الارواح وهي أخطر من الحرب ذات الدوافع السياسية بين الحكومة والجماعات المسلحة ، ومهما تبجحت الحكومة ، وغير الحكومة بانها ستضع حدا للحروب القبلية ، والصراعات في دارفور دون حل سياسي شامل ومرضي لعموم شعبها ، عبر حركة / جيش تحرير السودان الحائزة علي رضا وقبول ارادة وثقة أغلبية هؤلاء المسحوقين فانها ستفشل دون شك ، وتكون واهمة .. واهمة .. واهمة .
وما لم توقف الحرب السياسي ، ما لم يستقر الاقليم ، ما لم يتجه الجميع الي أعمالهم ويضمنو أقواتهم بايديهم كما كانو من قبل ، ويعودو الي وظائفهم ومهنهم ، وحرفهم ويكونو منتجين كما كانو ، لا عطالي ومتسولين ومتلقين للاغاثات .
وكنت قد شرعت وباشرت كتابة سلسلة مقالات تحت عنوان ( دارفور مصير شعب في مهب الريح …… وبلد في كف عفريت {1 … 13 }) وعندما وصلت الحلقة الي السابعة توقفت عن الكاتبة ، وتوجست خيفة من إكمالها حتي الحلقة الثالثة عشرة ، لانها ستؤزم الاوضاع ، ستسبب في صب المزيد من الزيت علي نار الفتنة المشتعلة أصلا ، ولانني لم اكن مجرد كاتب صحفي او محلل سياسي أو منظر للاحداث في دارفور خصوصا والسودان عموما ، بل قائد من قاداتها وصانع لبعض احداثها ، ومنخرط فيها ، ونتزعم الاغلبية المسحوقة التي تعيش في ( السجون ) معسكرات دارفور ، وفقا لاستطلاعات رأي الامم المتحدة وجهات عديدة ذات مصداقية عالية أكدت أن أكثر من 80% من هؤلاء المسحوقين يدينون لنا نحن في حركة / جيش تحرير السودان التي نتزعمها بالولاء ، ويثقون فينا وفي طرحنا ، وينتظرون منا حل مشاكلهم وانتشالهم مما هم فيها عن كثب ، وتلك الاستطلاعات أجريت عقب مهزلة أبوجا مباشرة في النصف الثاني من العام 2006 .
توقفت عن الكتابة وقطعتها في الحلقة السابعة من السلسلة المذكورة اعلاه منذ أكثر من 11 شهر، لا لان هناك رقابة قبلية أو بعدية من احد علي شخصي ، الا رقابة من شخصي علي شخصي وهو رقابة الضمير ، رقابة المسئولية الوطنية ، رقابة عدم اخراج ما مر بنا من مئاسي ، رقابة عدم اخراج ما مر بنا من فظائع وأهوال ، من غرائب وعجائب .. من فتن يذر الحليم فيها حيران ! . ان اخراج ما مر بنا من غدر وطعن من الخلف ، وما رأيته من انتهازية صارخة من نفعية .. من تكسب رخيص باسم ازمة دارفور وقضية شعبها المسكين .. من متاجرة بمعاناة شعبنا .. من اناس بين المناضلين لاتحركهم الا مصالحهم المجردة جدا .. من طعن من الخلف لسواد شعبنا ولنا كممثلين لهم ، سيذهل الاخرين وسنتنسبب في تعقيد الاوضاع وضرب أية حلول بجدارة .
وهكذا توقفت عن كتابة الجزء الثاني من مقالي هل ( قتل الدكتور قرنق لانه كان سر وحدة السودان ؟ )
توقفت عن الكتابة وتوجست خيفة عن اكمال السلسلة لانني كنت منخرطا في الاحداث وقائدا لها وصانعا لاحداثها ، كنت شاهدا كيف تاجر المتاجرون بقضية شعبنا ، وكيف وقعنا نحن وعلي راس هؤلاء النحن شخص عبدالواحد وشخصي الضعيف ضحية الارزقية ، و من ورائنا شعبنا وقعت ضحية انتهازيين.. ضحية سماسرة وتجار حرب .. ضحية جماعات مصالح التي تخاصمت وتصالحت مع النظام وفقا لمصالححها ، وسبب تعقيد الازمة وفشل حلولها باستمرار نتيجة جماعات المصالح ، والمتاجرين الرخيصين ، واتجهت الحكومة نفسها الي التهرب من الازمة بتكييف رغبات أشخاص انتهازيين وتجار حرب علي حساب المسحوقين من شعبنا ، ومحاولة القفز فوق ارادتهم المحسومة في تاييدنا المطلق ، وفقا للوقائع علي الارض وحقائق جغرافية وتاريخ دارفور التي توارثتها الاجيال جيلا بعد جيل .
ولاننا حريصون كل الحرص علي ان لايتشرذم السودان ، وعلي ان لا نتسبب نحن في حركة / جيش تحرير السودان في تقسيم السودان ، ونفرط في وحدة ما تبقي من السودان ، والوحدة كانت ولا زالت وسيظل خط أحمر عندنا ، مع علمي وقناعتي الراسخة ان تعامل الحكومة وقادة الحركات المسلحة مع الازمة ، ومع شعبنا ومعنا نحن كقادة للاغلبية المسحوقة ستنتهي أزمة دارفور وغير دارفور بآلية تؤدي حتما الي الانقسام والتشتيت كماحدث في الجنوب وتأكيدا السير بهذا المنوال ليس من مصلحة اي سوداني .
و ( سنفرتق ) كل السودان بعد صوملتها التي لاحت ارهاصاتها بقوة بل تصومل بعض اجزاء السودان فعلا .
لم اكمل الجزء الثاني المكمل للمقال ( هل قتل الدكتور قرنق لانه كان سر وحدة السودان ؟؟ ) لخوف الفتنة ..خوف الترويج للانقسام والتفكك .
ان الدكتور قرنق نفسه وهو من كان وحدويا حتي النخاع ، وكان يتحدث دوما عن وحدة السودان في لقاءات ومحاضرات عدة القاها علي مسامعنا ، وحارب دعاة الانفصال بداخل حركته سنين عددا ، وكان يحارب من أجل سودان جديد علي أسس معروفة للجميع ، وكان يخاطب كتيبة من كتائب الجيش الشعبي في فيديو ارسله لي احد المناضلين من حركتنا علي موقعي في الفيس بك ، خاطب الدكتور قرنق وتناول ازمات ومشاكل السودان وشرح ..وشرح ثم شرح المخاطر وقال بعجب ( كدا البلد بفرتق !!! ) . وانا ايضا تاكدت انني اذا كتبت عن حق تقرير المصير باعتبارها حق وليست هبة او منة او هدية من احد كما يتردد علي السنة قادة المؤتمر الوطني بين الفينة والاخري ، وأوردت أسباب انفصال دارفور عن الوطن الام وغيردارفور الكثيرة ساتسبب في صب المزيد من الزيت في نار ازمة السودان المشتعلة وربما كان الانقسام خيار الكثيرين ، فلجات الي الهروب عن الموضوع وتجنبتها حتي حين .
لابد من مخرج سريع للازمة
ان اوضاع دارفور المذرية والمؤسفة ، وحال شعبنا الذي يعيش اليوم دون حيوانات وبهائم العالم في الحقوق ، شعبها الذي يعيش الويلات .
و موقف السالبين والهاربين أو المتهربين من واقع دارفور المؤسف بدعاوي سياسية ، ومبررات ومعايير أخري غير خافية مهما بدت منطقية لهم ، فانها لم تكن دعاوي ومبررات اخلاقية أو انسانية ، ان وجودنا هكذا مهما بررناها سياسيا فانه يفتقر الي الاخلاق ويناقض معايير حقوق الانسان .
ووجودنا مكتوفي الايدي كقادة لشعب دارفور ومتفرجين لا يجدي . وتاكيدا استمرارنا هكذا ، استمرار ضد الشعب.. تلاعب بمصيرهم .. استمرار ضد القيم …ضدالمثل …ضد اعرافنا وتقاليدنا وقيم شعبنا المتسامح … وضد الحرية التي ننشدها ، فقد قضي الحرب علي الاخضر واليابس ، وظل شعبنا ولعقد كامل من الزمان ويزيد يعيش علي الاغاثات ، شعب جل ابناءهم فاقد تربوي .. شعب ضربها الفقر والجوع والامراض وسوء التغذية ، والذل والهوان والفاقة والحرمان وآقاق حلول أزمتها مسدودة .
خطر الحروب القبلية التي تفجرت وسبل ايقافها .
الادهي والامر من ذلك في دارفور خصوصا والسودان عموما هي الصراعات القبلية التي انفجرت علي اشدها اليوم ، وراح ضحيتها مئات ألآلآف بين قتيل وجريح ، ونازح ولاجئ ومشرد .
وقد ارسل لي ناشطين من حركة / جيش تحرير السودان التي نتزعمها ، ومن تنظيمنا الشبابي السري تنظيم النشطاء الشباب التي اقودها علي بريدي الالكتروني صورا مروعة لقتلي في احداث الضعين ( الحرب الدامي التي دارت رحاها بين قبيلتي المعاليا والرزيقات ) ، حيث كانو موجودون في ساعة الاشتباكات بعين مكان الاشتباكات في الضعين .. ارسلو لي صورا بشعة لقتلي اصيبو في رؤسهم بقسوة ، ولا ادري هل كانت الاصابات الغائرة لشدة القتل ؟!! . ام الاصابات الغائرة وتهشيم بعض رؤوس الموتي تمثيلا بالجثث ؟!! .
والصراعات القبلية وان كانت قديمة قدم تاريخ دارفور وقدم القبائل علي أرض دارفور ، الا أنها كانت حروب تقليدية وبوسائل تقليدية كالعصي والحجارة والسفاريك والسكاكين والسيوف والخناجر والكرابيج والحراب ، ودائما ما يجلس الاعيان وعلية القوم ( الاجاويد ) ومفردها ( أجوود ) لفض ما شجر بين القبيلتين، او القبائل بينها بطريقة يرضي فيها الطرفين بصيغة ( اللا غالب واللامغلوب ) .
الا ان حروب اليوم بين القبائل في دارفور حروب فرختها أزمة دارفور التي طال واستطال .. حروب فرختها حالة دارفورالسياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية ، ويستخدم فيها اسلحة خفيفة وثقيلة ، وعربات ذات الدفع الرباعي ، وترسانة الدولة العسكرية نفسها أحيانا .
وقد دارت حروب قبلية طاحنة منذ مطلع هذا العام بين عدة قبائل
حرب بين قبيلتي البني هلبة والقمر بجنوب دارفور .
حرب بين قبيلتي البني حسين والرزيقات ، في حربٍ هي الاعنف حول جبل عامر ( جبل الدهب ) بشمال دارفور، وداخل مدينة السريف بني حسين ، وكان سبب الحرب اقتصادية نزاع في من له ملكية هذا الجبل ( جبل الدهب ) ومن له حق التعدين فيها ؟ .
أيضا نشب حرب بين قبيلة الرزيقات ومليشيات موالية للحكومة داخل مدينة نيالا.
وحرب بين قبيلة المسيرية وقبيلة السلامات .
وحرب بين قبيلة القمر وقبيلة البني هلبة .
والحرب التي دارت رحاها قبل اسبوعين بين قبيلة المعاليا وقبيلة الرزيقات في شرق دارفور ، في نزاع حول ملكية حاكورة ، وانصباء السلطة في ولاية شرق دارفور .
وهي حروب دوافعها اما اقتصادية ، او سياسية ، او صراع علي الاراضي والحواكير ثم تتفاقم وتتازم ليطال لعنتها كل فرد في القبيلتين المتناحرتين أو القبائل المتناحرة ، وهي تأكيدا نتيجة للحالة السياسية التي تعيشها دارفور منذ أكثر من عقد من الزمان ، ومهما اجتهد المجتهدون علي حلها ، فان حلولها ستظل وقتية النتائج ولاتدوم ، ما لم تكن هناك مخرج للأزمة السياسية في دارفور خصوصا والسودان عموما .
ستظل نتائج اجتماعات الصلح شكلية ، وسيبقي التارات ما لم يكن هنا نظرة كلية وكاملة شاملة لاسباب الصراعات ، ما لم تكن هناك استراتيجيات عميقة لحل المشاكل الآنية والمستقبلية ، ووضع حلول استباقية ، لاي نزاع وصراع محتمل .
وقد أكدت تقارير النشطاء والحقوقيين ومكاتب الشئون الانسانية بحركة / جيش تحرير السودان التي نتزعمها ، وكذلك قادة تنظيمنا الشبابي تنظيم النشطاء الشباب التي أقودها ، كما تؤكدها إحصاءات البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقى لحفظ السلام فى دارفور (يوناميد) ، إلى أن القتال القبلى هو المصدر الرئيسى للعنف فى الإقليم هذا العام ، وأدى إلى فرار مئات الآلاف من منازلهم وموت ألآلآف من الناس .
وأكدتها كل التقارير علي ارض دارفور جنوبا وشمالا وشرقا وغربا ووسطا ، أن الصراعات القبلية الخطيرة التي دارت وعلي أشدها منذ بداية هذا العام ، وفصلٌ جديد من فصول تطور النزاع السياسي والتأزم الذي يعيشها اقليم دافور ، وهي تاكيدا الاخطر من ناحية عدد الضحايا والنازحين ، ومن ناحية صعوبة حلها ، وانفجارها بشكل مفاجئ ودون توقعات ، كما أن الحروب القبلية حروب ثأرية لا يسلم منها حتي ( غير المحاربين ) النساء والاطفال والعجزة والمسنين ، لان بواعثها ساعة اندلاع المهركة مجرد الانتقام والثأر للقبيلة ، والانتقام من اي فرد من أفراد القبيلة الخصم .
ورغم كثرة المصطادين في المياه العكرة في خضم الفوضي والعبث والحروب القبلية ، والنهب والسلب فإننا في حركة / جيش تحرير السودان التي نقودها ، وفي تنظيم النشطاء الشباب متفائلون جدا وماضون لوضع حد أبدي للمأساة السياسية والانسانية والامنية والاقتصادية والاجتماعية ووقف كافة اشكال الاقتتال بدارفور .
سنتجه فورا لوضع حد للماساة بطريقتنا ، ليقيننا انه كلما طالت أمد ألأزمة فرخ الزمن مئاسي وأزمات جديدة .
ونرفض المعالجات الآنية والوقتية التي لا تجدي ، دون النظر الي جذور المشكلة واسبابها ومسبباتها وابعادها .
وقد كنت معتصما منذ زمن باحثا ومنكبا في كيفية ايجاد مخرج مرض لجماهير شعبنا التي تنتظر منا الخلاص من ويلاتها عن كثب ، وسنفصح عن المخرج بعد جولة اقليمية ودولية لتنسيق الموقف ، لهذه الازمة الشائكة والكارثة المؤسفة .
ان اقليم دارفور قد انزلق الي شفير حرب سحيقة وتقاتل قبلي وسلب ونهب وفوضي خلاقة وقتل انسانه من اجل ( موبايل ) واللا شيئ دون بارقة أمل .
اقتتل الجميع حكومة وحركات مسلحة من جهة والمليشيات المسلحة من جهة واليوم الحروب القبلية .
ولا مناص من حلول الازمة من جذورها الا حل الازمة من جذورها.
والعالم اليوم يحس من داخل اعماق نفسه بانه يجتهد في فراغ ، ولا جدوي من جهوده ، ويتجه لنقص وتخفيض عدد القوات المتواجدة علي الارض في دارفور .
وطبيعيا أن يتراجع إهتمام العالم بمأساة ومعاناة شعبنا طالما وقفنا نحن مكتوفي اليد علي ايجاد وصناعة المخرج ، وضربنا بكل جهودها عرض الحائط ، واليوم يتجه لتخفيض عدد قوات ( اليونميد ) ، وحتما ستنسحب المنظمات الاغاثية اذا استمر الوضع هكذا قليلا .
ان واجب المسئولية يحتم علينا ان نقوم بعمل ضخم ، وجهد جبار تجاه وطننا وشعبنا حتي نتجنب أعظم كارثة في بلادنا ، وحرام علينا ان نتغاضي ونسكت عن ما يحدث للملايين المشردين من ديارهم ، وبقاءهم هكذا .
وهناك اسئلة تحتاج الي اجابات شجاعة شافية ، ومواقف شجاعة وحاسمة منا جميعا وهي :
لماذا بقاء شعبنا هكذا ولعقد من الزمان اليوم والازمة ما زالت تراوح مكانها ؟ .
لماذا يموت شعبنا قتلا فيما بينهم .. وجوعا .. ومرضا .. واهمالا ولا نحرك ساكنا . ؟
لماذا يقبع الملايين منهم في ( السجون ) معسكرات النزوح واللجوء ولعقد من الزمان ، وآفاق الحلول مسدودة حتي لحظة كتابة هذه السطور ومتسولون لطعامهم ولهم ارض بمساحة فرنسا ؟ .
لماذا فقدو أبسط الكرامة الانسانية ، ويعيشون علي الفتات ، ولهم ارضهم المنتج ؟ .
لماذا يعيشون أقل من الحيوانات؟ .
نقطع بان الذين توافقو وتكاتفو وترابطو من ابناء الامم والشعوب ومن يغيثون شعبنا من فتات موائدهم … وشكرا لهم علي صنيعهم ، ورفعو اوطانهم عالية ، وعاشو ويعيشون فيها بعزة وكرامة وسؤدد وحرية ومساواة ، ماهم الا مجرد بشر أمثالنا ، أمم أمثالنا . وليسوعمالقة او اناس خارقون ، او ملائكة مقربون .
أناس كشعب دارفور وكالشعب السوداني .. من المعلمين .. والاطفال والنساء والرجال والاطباء والمحامون .. و .. قالو خيرا .. وعملو .
واي حديث من دون ترجمة عملية منا نحن السودانيين جميعنا ، تكون مجرد كلمات علي ورق .
وكلما طالت أمد ألأزمة في دارفور خصوصا والسودان عموما فرخ الزمن مئاسي وأزمات جديدة زادت من تعقيد الازمة ، تعقيدا علي تعقيدها كما كررنا .
وسنعلن عن موقف حاسم وصارم بعد التنسيق مع الجهات الداخلية والخارجية وبعد جولة اقليمية ودلية مهمة مزمعة منا قريبا كما اسلفنا .
حيدر محمد أحمد النور