قمة (البشير – سلفاكير) وتحديات المرحلة «1-2»
لا أحد ينكر أن دولة الجنوب قد عضدت اليد التي امتدت إليها فور نيلها حق تقرير مصيرها وانفصالها عن الدولة الأم، وإن جهات كثيرة قد ساهمت ولعبت دوراً سالبا في تشويه صورة هذه العلاقة.. منها ماهو خارجي.. ومنها ماهو محسوب على الدولتين سواء أكانت بعض القيادات المتنفذة في دولة الجنوب أو بعض الشخصيات التي ملَّت حديث الجنوبيين عن وضعهم بالسودان والذي فضلوا الانفصال عليه من الوحدة؛ لذلك أصبحوا هم الآخرون يفرحون بهذا الانفصال، ولكن ماهو معلوم بالضرورة أن نهج حكومة السودان كان داعماً للدولة الوليدة، ومساندا لها بدءاً بمشاركة الرئيس البشير حفل تنصيب الفريق سلفاكير ميارديت بجوبا، واعتراف السودان بهذه الدولة الوليدة كأول دولة تعترف بالدولة التي خرجت من رحمها.. بل وإعلان الرئيس البشير في كلمته بتلك المناسبة بأن السودان سيضع كل إمكانياته وخبرته تحت تصرف الدولة الوليدة لتدريب كوادر الخدمة المدنية، وتقوية العلاقات السياسية والاقتصادية، وبناء جسور الثقة التي فقدت لسنوات طويلة بين الدولتين، وقد ترجم ذلك لواقع عندما أصدر قراراته المتكررة باستمرار ضخ بترول الجنوب عبر مواعين دولة السودان، وكان الذي بدأ بإيقاف ضخ النفط في أول تصرف لا يعتبر موضوعياً هي حكومة دولة الجنوب، ولم يُخفِ رئيس دولة الجنوب مشاعره وربما نيّة حكومته من علاقة كان تربط حركته التي يرأسها بقيادات قواعد عسكرية أصبحت جزء من دولة السودان بعد الانفصال عندما أكد في كلمته بمناسبة تنصيبه رئيساً للدولة الوليدة وبحضور الرئيس البشير بأنه لن ينسي إخوة له في جنوب كردفان والنيل الأزرق؛ مما اعتبرته الأوساط السياسية نيّة مبيتة لدعم ما عُرف بعد ذلك بـ«قطاع الشمال» مخالفا كل المبادئ التي تحكم علاقة حسن الجوار، واحترام سيادة الدولة فضلا عن العلاقات الدولية، وجاءت بعد ذلك سلسلة الاعتداءات على هجليج، وتعطيل أحد موارد اقتصاد السودان بعد أن وقف عائد ضخ بترول دولة الجنوب ،وتلتها اعتداءات ما عُرفت بالجبهة الثورية على أبو كرشولا واللّه كريم، وأم روابة بدعم ومؤازرة من دولة الجنوب وقطاع الشمال، كانت نظرة الحكومة السودانية أكثر بعدا عندما قررت إن تؤسس علاقات جيدة وحسن جوار آمن وتعاون اقتصادي وسياسي مع دولة الجنوب يعتبر سقفاً لحدود تلك العلاقة، وبادرت بقبول مقترحات ثامبو امبيكي بشأن تحديد منطقة الصفر لتحديد المناطق منزوعة السلاح، والسماح للجان التحقق من الذهاب إلى الميدان للتأكد من أن ساحة السودان خالية من أي عناصر تهدف لزعزعة الأمن في دولة الجنوب، وأعلنت التزامها الكامل بالمصفوفة، وذهب الرئيس البشير أبعد من ذلك عندما أعلن عن تمديد فترة ضخ بترول الجنوب عبر السودان رغم عدم التزام دولة الجنوب بما يليها..
نواصل..
[/JUSTIFY] عبد الملك النعيم أحمد – قبل المغيب
صحيفة الوطن