البطانية الغبارية كتمت أنفاس الخرطوم
خرجت دون كمامة، لأدس أنفي في الغبار، وأستكنه بعض ما يجري، متوكلا على الله، ومستعينا بشيء من مناديل الورق، عسى أن يكون فيها بعض الرفق بجيوبي الأنفية الهائجة المائجة.
بطانية غبارية !
شوارع الخرطوم، بدت في منتصف الظهيرة غائمة. ولأن بطانية الغبار كانت تملأ السماء، لم يعرف أحد إن كان ثمة سحب تعلو تلك البطانية !
أجواء لا تسر، رغم أنها أسهمت في حجب الشمس، وأهل العاصمة لديهم ثأرات مع الشمس الحارقة، التي تسيطر على أجواء العاصمة طوال العام، عدا لحظات سعيدة .. يقضيها الناس في بعض أيام الخريف .. الذي قلب لنا ظهر المجن في الموسم الحالي !
شارع (الهواء) أقصى جنوبي الخرطوم، وشارع الإنقاذ في جانبه المتجه صوب الخوجلاب والجيلي، ومناطق قندهار وبعض الأمبدات، بل والصحافات .. نماذج محدودة من مناطق واسعة شملتها الهجمة الغبارية، وتركت آثارها في حركة الناس، وفي مزاجهم، وفي صحتهم، وطلبت من مرافقي ان يتوقف أمام إحدى الصيدليات، ليصور امرأة شابة تسعل بشدة، ومعها مرافقة لها، وهما تدلفان إلى صيدلية .. للاستعانة بما يساعد على حماية الجهاز التنفسي من الجيش الغباري !
لا لوم للولاية
لن نلوم الولاية طبعا، فهي ليست معنية بتعديل الطقس وتغيير مسارات الأهوية والأتربة، فضلا عن أنها فشلت بجدارة فيما هو منوط بها من أعمال تقع في صميم اختصاصها، حيث بدت كل جهودها اللاحقة للأمطار والسيول، والتي قامت في معظمها على عطاءات الأخيار والجهد الذاتي للناس، بدت وكأنها محاولة لتجميل وجه العاصمة الحكومي، بعد أن ملأته البثور ولم يعد فيه ملامح تدل على حسن أو رونق !
يا ارصاد .. مرحبا
لكن لا أعرف إن كان (الإرصاد) قد نبه الناس قبل وقت كاف بالهجمة الغبارية، لكن الواضح أن الجميع فوجئوا بالكتاحة، وكانوا غير محتاطين، ما يعني أن علمهم بالتغيرات المناخية كان غائبا، وكم كان سيكون رائعا لو أن النشرات الجوية الرتيبة .. تتحول إلى خبر رئيسي في النشرات الإخبارية بكل الإذاعات وقنوات التلفزة السودانية، حين يتعلق الأمر بتطورات مناخية مؤثرة، مثلما يحدث في كل الدنيا المتحضرة .
صحيفة أخبار اليوم
[/JUSTIFY]