منوعات
الملك عبدالله زعامة وقامة
يوسف سيد أحمد
بقلم/ الصادق جاد المولى محمد عبد الله
تكتسي أرض العطر والمطر بأنفاس الورد العسيري ببياض الثلج وسحر الأمطار المتدفقة على هذه المدينة الحالمة، لتتحول إلى ما يشبه عروساً ارتدت جلبابها الأبيض لتزدان في ليلة زفافها فتتألق جمالاً ونقاوةً وبهاءً.. وقد أسفرت عن ثغرها الدري فأشرقت بنور بسمتها على وجوه ضاحكة مستبشرة، هكذا هي أبها البهية التي تلتحف أرضها ببياض الثلج وتتدفق جبالها بأنهار جارية، وأمام روعة المناظر الخلابة، وسحر البياض المفعم بلفحات سحب الصيف الباردة تستقبل أم السياحة النقية الأفواج للباحثين عن جمال الطبعية وعبق الحياة لتعلن لهم أن صيف ملتقى أبها لهذا العام على أرض«أبها البهية» هو العطر والمطر والبرَد.
مدينة أبها هي مدينة سعودية وهي المقر الإداري لمنطقة عسير.. تعتبر مدينة أبها بسبب موقعها الجغرافي والوفرة النسبية التي تتمتع بها من الغطاء النباتي وكمية الأمطار السنوية التي تهطل عليها.. بالإضافة إلى اعتدال المناخ واحدة من أهم المصائف في الملمكة العربية السعودية وبسبب ارتفاعها الكبير عن سطح البحر فإنها تسمى أيضاً (عروس الجبل).
ومصطفى محمد سند هو الشاعر الذي يرسم الحرف من وهج القمر وتلألئ النجوم وحيداً نراه اليوم في محراب الشعر يستلهم ويستوحي ما وقر في روحه من أرواح الأجداد، وحيداً يمشى في صراط الكلم الوضاء بكل كبرياء وأخيلة وبكل ما في الأرض من بساطة، يقف في بهو الأشعار مشرق الجبين، صادق اليقين ناصع الطهارة.
مصطفى سند شاعرنا الذي نلجأ إلى منابعه كلما وهنت قوانا من مقارعة أنواء العصر.. مدهش مذهل حتى في مقاومة المرض، فالتحية لك يا متنبئ عصرك يا شامخاً تحية تليق بك.
للقادمين عيون الريح فاستتري
فإن عرفك يغنيني عن النظر
لقد جئت أحمل يا«أبها» دمي ورقاً
وأحمل النيل ذا الجنات والثمر
نعم قالها لها وهي تفاخر بسحرها الأخاذ وبغرور المعهود وتقول«إلا أنا بهى» فلقد عرفته عاشقاً لها حد الثمالة مثل مطر السماء الثر والأقمار.. فما كان بوسع أبها مقاومة هذا الشاعر العاشق، فاحتضنته بدفئ وحميمية فبادلته الحب حباً يفوق حبه لها أكثر، فكانت أسطورةً للعشق.. همس لها بترنيمة ساحرة
يا عين قري، ويا أشواق انحسري
محبوبتي ملء حضني ملتقى بصري
وكان لهذين العاشقين ما أراده فثمرة هذا العشق هم أناس شكلوا قيثارة مصطفى سند وشكل دواخلهم، فرحلة الحب جادت في مواسمها كل الرياح الجنوبيات بالمطر.. يا نادلة الزمان الصعب أعينني واسكبي على رأسي جرة ماء بارد كي أعرف أني أقدر على تحمل أشواك الصبر فيرتد يقيني بأن أمر الجرح مهما «غور» ستمنحنا الدنيا جلداً لنكون بقدر ثوب المشيئة في ضمير ذاكرة الكون، إن الأجساد تذهب لمزرعة الأرض وتعيد الطبيعة دورتها من جديد.. إذن أنت بيننا في بطن الثرى جسداً وفي الثريا وهجاً
كنت سيدي تقول:
لك في الحروف صهيلها وعويلها، وبيان رونقها.
وأطلس ليلها النائي وساحلها القديم
لك في القصيدة روحها ونهار جلوتها
وأنفاس الغناء
إني حملتك في يباس العمر والأيام
أخيلة على سيف المطر
هكذا كتبت لنا سيدي في وضوح الخيط الأبيض وعند انكسار الشفق حين كان العمر صقراً في الفضاء الأزرق هذا بنانك سيدي قد أشعر منذ زمن وفاح عطراً
الشمس تغمض أجفانها حزناً وتأتلف الرماح على أوجاعنا الأولى والجرح لا يبرأ.
نبتة شعر«أرومية» الروائح كنت سيدي وأخذتها الريح منا
لا نقدر على سيف اليقين إلا باليقين
ترحل أنت من بعد هدوء الراجفة التي تهز وطنك من أقصاه إلى أدناه
قبض الإله وديعته الشفافة الساحرة من كثيب الجسد الكثيف وبقي ميراثك الحضاري يرفرف في الأعالي درر النفس ظلت بيننا تحلق الروح من حولنا ويسعدنا أن بستانك النضير حديقة مفتوحة نتجول بين أبنائك«الدواوين الشعرية»
لنستسقي من زادك الذي لا ينضب.
إني أزواول عن أسى جمع أشتاته وتكور في القلب وفي مقلتي، وتكلس حجارة تحتاج ماء لتبتل المحاجر رصاص التقتيل برعده الماطر يتصيد أبناء موطني.. وترحل
أنت خفيف كأسراب الطيور تجول من فوقنا وتنظرنا بأعين الغرابة كيف يفعل الحقد الأسود في وطن لم يبق في جسده موضعاً لطعنة سيف أو رمية رمح.
من أية الفصول أنت يا ملك الشعر خرجت؟
أمن زمان الشعر«يربد» خرجت علينا ومثلك من الشعراء يخطفون اللغة العربية من ركود دهر تولى وتقليد أفل، كأنهر الأحلام فضية الأمواج ترسم وعداً، الربيع الذي نقرأ يلملم أشتاته والخريف برحيلك إلى يباس.
نعم بيننا دواوينك أو فراديسك صوراً من كيف تضرب الفرشاة في مرايا الأنفس وتنحت في الوجدان ما الحزن وما بكاء البنان يخطب ودك وقد رحلت يا فارس الصهيل!
أهو ديوان«البحر القديم»
أم ديوان«ملامح من الوجه القديم»
أهو ديوان«عودة البطريق البحري»
أم ديوان«أورق من زمن المحنة»
أهو ديوان «نقوش على ذاكرة الخوف»
أم ديوان«بيتنا في البحر»؟.
ربما ديوان «عودة البطريق البحري»
أي القصائد ابنتك المدللة سيدي؟
ما سألتك لأنك تبذر وتترك الحصاد لنا وللآخرين لينعموا مثل رفيقك «محي الدين فارس»، في فضاء الشعر تسامرتما، وفي الرحيل وفي وعد اللقاء الجميل هناك في أنجم الأسحار كنتما سوياً، أنت أيضاً من مواليد الثلاثينات من القرن الماضي في زمان النهضة وجند«شباب المؤتمر» كان موعد ميلاك عند قمم الربى تعرف نضارك الأنوار وثريات الأمكنة الفسيحة وأسواق عكاظ الجديدة.
تفترش المقاعد الوثيرة جمهرة تستمع إليك، فرح تأجج رغم أخلاط الهوية رسمت خيارك ناصعاً وباسقاً.. حلو الثمر تحت وهج الإعلام وصولجان الخلافة القديم ناهض أنت بثوب جديد قلت شعرك سيدي وأنت ترنو بالضراعات لزمان ترغب للسلطان فيه أن يمد يد الرفق وبالرعية أرحم.
ليت موعدك تأخر قليلاً حتى نلتقط أنفسانا ونتمرن على الصبر، فقد ماتت الأشجار المبدعة واقفة ونحن نتفرج!! جاء الحزن الأول ثم تبعه الثاني ثم الثالث.. ورغبت أنت راحلاً تسبق خطاك المنية عدواً، فقد طفح الكيل. راجلاً في زمان صعب صاعداً إلى الغيبة الكبرى، ونهبط نحن وأحزاننا كما قلت سيدي في ورق أشعارك.
بيني وبينك تستطيل حوائط
ليل وينهض ألف باب
وبيني وبينك تستبين كهولتي
وتذوب أقنعة الشباب
ألف سلام عليك يا ذبيحة الغفران من ذنب كنت تحاول جهدك أن تنجينا منه
وأنت تنفخ في وجداننا روح السماح لك المال الطيب أمنية بإذن مولاك، ولك الله موطني.
الصادق جاد المولى محمد عبدالله
صحفي سوداني مقيم بالمملكة العربية السعودية أبها.
يوسف سيد أحمد خليفة: صحيفة الوطن
[/JUSTIFY]