[JUSTIFY]
انتشر في السنوات الماضية وسيطر علي الساحة الاقتصادية التعدين الأهلي أو ما يُعرف بالتعدين العشوائي عن الذهب بالبلاد، وقد صاحبته الكثير من السلبيات التي تعدَّت الإيجابيات فقد سيطرت الإشاعات عن الذهب حتى انتصرت على الكثيرين فأجبرتهم على ترك عملهم في المصالح الحكومية أو الخاصة وتوجهوا إلى مناطق تعدين الذهب أملاً في الثراء السريع والمال الوفير فقد سمعنا أن أطباء ومهندسين ورجال أعمال وموظفين وطلابًا وغيرهم من الذين داعب الحلم الأصفر طموحاتهم. والذهاب إلى مناطق التعدين عن الذهب يحتاج للكثير من الإعداد مثل الأجهزة والآليات والعمال والغذاء وغيره لذلك يجب على من يفكر في خوض التجربة عليه بالإعداد الجيد، البعض حقق حلمه وحصل على المعدن الأصفر ورجع إلى بيته سالمًا غانمًا والبعض عاد بخفي حنين والبعض غير محظوظ بالمرة فقد حياته وهو يبحث عن الثراء من باطن الأرض استمعنا لبعض إفادات وشهادات من خاضوا هذه التجربة المثيرة..
بعتُ كل ما أملك وعدتُ بخفي حنين
«ح أ» منقب سابق عن الذهب يقول طالما سمعت الأساطير والقصص الكثيرة عن أناس أصبحوا من أصحاب المليارات عن عملهم في التنقيب عن الذهب والكميات المهولة التي عثروا عليها ولكن لم ترق لي الفكرة في بادئ الأمر وفي كل مرة أسمع عن قصة جديدة وحكاية عن هذا الذهب حتى رأيت بأم عيني أحد أقاربي يمن الله عليه بمال كبير بسبب هذا التعدين، بعدها فكرت في خوض التجربة وتوكلت على الله واستشرت أقاربي أصحاب التجارب وصوروا لي أنني سوف أكون من أصحاب المليارات فقمت ببيع قطعة أرض وكل مدخراتي كي أشتري معدات التعدين من أجهزة وآليات وتأجير عمال وذهبت إلى مناطق التعدين ومر الشهر والشهران والشهور ولم أعثر على ربع ماصرفت على هذا العمل ومن بعدها قررت ألا أخوض التجربة مرة أخرى.
شارف على دخول السجن
يحكي قصة مع التعدين عن الذهب فيقول: داعبت أحلام الثراء خيالي ففكرت في البحث عن المعدن الأصفر فقمت باستئجار معدات مثل أجهزة كاشف الذهب وسيارة وعمال وغيرها وتوجهت إلى ولاية نهر النيل وكانت مدة عقد الإيجار لا تتجاوز مدتها الشهر فقد مر على بحثنا ثلاثة أشهر ولم تفلح جهودنا في العثور على الذهب وقد اتخذ صاحب المعدات إجراءات قانونية في مواجهتي وقررت أن أعود للخرطوم وأستعد لتسليم نفسي أو الوصول لتسوية مع صاحب المعدات وعند وصولي مدينة بحري في وقت متأخر من الليل استقبلت أسعد مكالمة تلفونية في حياتي لا أنساها ما حييت حيث كان على الطرف الآخر من الهاتف كبير العمال يخبرني بعثورهم على كميات ضخمة من الذهب وقال: لي«الدنيا جاتك بوجهها الحلو» فعدت أدراجي إلى هناك وتقاسمنا الرزق بيننا بالتساوي فقد نال أبسط عامل ما لا يقل عن المليار جنيه وحلت كل مشكلاتي فكانت هذه قصتي مع التعدين.
كل فئات المجتمع كانت هناك
عثمان الأمين «منقب عن الذهب» يقول: في مناطق التعدين كانت كل فئات المجتمع السووداني حاضرة يراودها تحقيق العائد المادي ولاحظت أن من ضمن الفئات أطباء ومهندسين وطلابًا من جميع المراحل بعضهم يحضر في فترة العطلة والبعض ترك مقاعد الدراسة من أجل الثراء، فهم حضروا يحدوهم الأمل في مستقبل أفضل من خلال البحث عن الذهب، ويرجع ذلك لما يُروى عن أن الذهب من أسرع الطرق للمال ولكن يُصدمون عندما يجدون أن هذه المهنة من أشقى وأصعب المهن على الإطلاق حيث تحتاج للصبر والقوة والأجهزة الجيدة والخبرة لذلك يصابون بخيبة الأمل سريعًا ولكن هذا لا ينفي أن الذهب موجود وأن هناك من أصبح من أصحاب الملايين وذلك بالصبر والدراية بالمهمة.
نموذج ناجح
عبد العزيز محمود شاب لا يتجاوز عمره الثامنة عشرة من المنقبين عن الذهب نجح في ذلك حيث قال: لم أتوقع أن أحصل علي كميات كبيرة من الذهب، فعندما ذهبت إلى مكان التعدين كنت مجرد عامل حفر آخذ أبسط الحصص من المبالغ أو الذهب ففكرت في خوض التجربة لصالحي وقد استوعبت الفكرة جيدًا والعمل زودني بالخبرة والدراية الكاملة فقمت باستدعاء أقربائي وقمنا باستئجار جهاز للكشف عن الذهب ووفقنا بعون الله في ذلك وقد أصبحت من أصحاب الملايين واشتريت كمية من الأراضي السكنية.
مغترب يعود من أجل الذهب..
منصور علي «موظف في دولة خليجية» يقول: سمعت الكثير عن الذهب وأن البلاد مليئة بالذهب والناس حققت فيها الكثير من النجاحات فما كان مني إلا أن تقدمت باستقالتي من وظيفتي السابقة بدولة نفطية وكان وضعي أفضل من الآن، وحضرت للسودان وتوجهت إلى مكان تعدين الذهب ولم أجد شيئًا يُذكر، الآن أفكر جادًا في العودة إلى الاغتراب ومهنتي القديمة نسبة للصعوبات التي ترافق التعدين عن الذهب فكلها شقاء وعناء وهي أرزاق وُزِّعت للبعض وعلينا أن نرضى بقسمة الله علينا.
رأي خبراء الاقتصاد
الدكتور محمد سعد يقول: إن الذهب من الموارد الاقتصادية المهمة لكل دولة وقد ساهم بصورة كبيرة في مد خزينة الدولة بالعملة الصعبة حيث صدَّر السودان في الشهور الماضية طنًا من الذهب الصافي، وعلى صعيد التعدين الأهلي يعمل هناك حوالى مليوني شخص متوزعين على مناطق التعدين المختلفة، في ولاية نهر النيل والشرق والغرب ولكن نعود ونحذر من الاعتماد على الذهب مثل ما حدث لميزانية الدولة عندما خرج النفط منها أصابت الاقتصاد بربكة أثرت على كل القطاعات لذلك يجب على الناس الاهتمام بالزراعة والصناعة والمهن الحرفية التي ترفع من الاقتصاد بالدولة وعدم الاعتماد على موارد مثل الذهب والنفط التي لا تدوم.صحيفة الإنتباهة
نهى حسن رحمة الله
[/JUSTIFY]