[JUSTIFY]
لن تجد حكومة الحركة الشعبية في جوبا سبيلاً للوصول إلى التوفيق بين استفادتها من أراضي السودان لعبور نفطها إلى التصدير والاستمرار في إيواء ودعم وتمويل المتمردين على الحكومة السودانية والمواطن السوداني ومرافقه العامة في دارفور وكردفان والنيل الأزرق ونهب ممتلكاته الخاصة. فلا يمكن أن يعبر النفط واللوجست للمتمردين في اتجاه واحد إلى السودان، فإما النفط وإما لوجست المتمردين. ولا يمكن أن يكون أحدهما استمراره دائماً ومحتوماً مثل تدفق مياه النيل الأبيض. نعم لا بد من جريان مياه النيل الأبيض من (الجنوب) إلى السودان، لكن في حالتي الحرب والسلم لكن لا يمكن أن تقبل حكومة محترمة أن تمرر نفط دولة عبر أراضيها مقابل رسوم هي أقل من تكلفة ما تجر عليها من عدوان من خلال دعم المتمردين عليها. والعملية حسابية، بمعنى أن تكلفة الدفاع عن الأرض والعِرض وحفظ الأمن في جنوب كردفان وشمالها والنيل الأزرق مبالغها المالية أكبر من رسوم عبور النفط الجنوبي. ورب قائل يقول إذا استمر السودان في إغلاق أنبوب النفط الجنوبي فكيف سيتحمّل فاتورة صد العدوان الذي سيستمر انطلاقه وتمويله من الجنوب؟! الجواب ببساطة هو أن دولة الجنوب بدون عوائد نفطها تؤول إلى المحو من خارطة العالم، وأن العناصر الأجنبية المقاتلة القادمة من السودان إليها ستصبح وبالاً عليها وستدخل معها في (حرب وجود). وتخيل الآن الحالة الصومالية هل يمكن أن تدعم الصومال مليشيات متمردة على دول الجوار وهي بهذا المستوى الاقتصادي؟! اللهم إلا إذا عاد إقليم أوقادين إليها واستخرج من أرضه النفط. لذلك لا بد من حسم التمرد الذي تنطلق أنشطته وآلياته من دولة جنوب السودان حتى يتوفر لمواطنيها الجوعى والمرضى والفقراء والمحرومين من التعليم ما تمنحه حكومة جوبا لمليشيات عقار والحلو وعرمان وحركات دارفور المسلحة. فأولي القربى والمواطنة أولى بالمعروف.إن حلقة الجمعة الماضية من برنامج مؤتمر إذاعي بإذاعة أم درمان عكس صورة جدية حكومة جوبا التي عبّر عنها وزير خارجيتها برنابا بنجامين في تحسين العلاقات بين الخرطوم وجوبا والحفاظ على هذا التحسين. وبالطبع فإن وجود هذا التحسين في العلاقات يبقى متوقفاً على سلوك الحركة الشعبية تجاه السودان فلا بد من تغيير السلوك الذي وقف وراء إشعال نار الفتن في أبيي، واحتلال هجليج والاعتداء على المواطنين في أم روابة وأب كرشولا. لكن وزير الخارجية السوداني علي كرتي، فقد كان أمره عجباً في حلقة مؤتمر إذاعي، فقد سكب على آذان المستمعين من الكلمات العاطفية ما جعلنا ندهش من تفاؤله الذي يمكن أن يثير سخرية أمثال باقان أموم ودينق ألور وإدوارد لينو وهم يمثلون الصف الأول لأعداء السودان في الحركة الشعبية.
فقد قال كرتي: (لا بد من التحرك الشعبي والربط بين فئات المجتمع المختلفة بجانب تحرك برلمانيي البلدين وكافة الاتحادات ومنظمات المجتمع المدني وهذا التحرك من شأنه أن يمنع أي انحدار للعلاقات بين البلدين نحو التوتر).. انتهى.
والمعلوم أن الأجواء الدبلوماسية اللطيفة حالياً بين الخرطوم وجوبا جاءت هكذا لحاجة الحركة الشعبية الماسّة لعوائد النفط.. ومنذ أبريل الماضي وحتى الآن بلغت مبيعات نفط الجنوب مليار دولار، فهذه الملايين من الدولارات هي التي من شأنها أن تمنع انحدار علاقات جوبا والخرطوم في عهد الحركة الشعبية هناك من الانحدار نحو التوتر، وليس التحرك الشعبي والبرلماني والمدني والاجتماعي على الأقل في هذه المرحلة التي ما زال فيها عود الانفصال أخضرَ. ومعلومة هي دواعي الانفصال لدى الجنوبيين الذين صوتوا له بنسبة ثمانية وتسعين بالمائة وأكثر.
صحيفة الإنتباهة
خالد حسن كسلا
[/JUSTIFY]