رأي ومقالات

الطيب مصطفى : قطاع الشمال بين وزارة الخارجية واللغة الجديدة!

[JUSTIFY]بالرغم من الموقف السلبي للحكومة السُّودانيَّة من الانقلاب العسكري الذي أجهض ربيع مصر العربي فإنّي أشعر بارتياح شديد للمواقف الأخيرة لوزارة خارجية السُّودان ممثلة في وزيرها علي كرتي خاصَّة فيما يتعلَّق بتصريحاته حول رفض الحكومة السُّودانية التفاوض مع قطاع الشمال وإصرارها على قصره على أهل المصلحة في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.
علي كرتي أفاض في ذلك مشيراً إلى أنَّ لقاء الوسيط الإفريقي ثابو أمبيكي بالرئيس البشير مؤخراً تطرَّق للأمر حيث أكَّد الرئيس لأمبيكي أنَّ الحكومة ستتفاوض مع أهل المنطقتين وليس قطاع الشمال بنصّ اتفاقيَّة السلام الشامل.

ما جعل الحكومة تملأ يدَها هذه المرَّة وتواجه أمبيكي بهذه الرسالة الصريحة الواضحة أنَّ زيارة الوسيط الإفريقي جاءت بعد التحوُّل الكبير في المشهد السياسي الجنوبي جرّاء إقصاء أولاد قرنق الذين يوفِّرون الحماية والدعم والمساندة لقطاع الشمال والجبهة الثوريَّة التي تخوض الحرب في جنوب كردفان وتسعى للتمدُّد في كل السُّودان وإقامة مشروعها الإستراتيجي (السُّودان الجديد) بل إنَّ زيارة أمبيكي تمَّت بعد زيارة سلفا كير للسُّودان والتي أعقبت التغييرات الكبرى أو قل الانقلاب الكبير الذي مكَّنه من مفاصل الجنوب لأول مرة منذ أن انفصلت دولتُه عن السُّودان.

كل ما نرجوه الآن وقد اتَّخذت الحكومة موقفاً قوياً يعبِّر عن كرامة السُّودان وشعبه العزيز أن تعلم أنَّ الخريف قد انتهى أو كاد وأنَّه لا خيار لقطاع الشمال والجبهة الثوريَّة غير أن يسعيا لتغيير الواقع الحالي عبر مواصلة العمليَّات العسكريَّة مثل تلك التي سبقت خريف هذا العام في أب كرشولا والسميح وأم روابة سيَّما وأنَّ الجبهة الثوريَّة لم تُخفِ في يومٍ من الأيام أنَّ وجهتها هي الخرطوم وذلك يعني أنَّ على القوات المسلَّحة أن تستعد وتحشد قواتها وتعمد إلى الهجوم بدلاً من الاكتفاء بالدفاع وأن تضع هدف تحرير بقيَّة الأراضي المحتلة بما في ذلك كاودا أولويَّة قصوى مستغلة التحول الكبير في المشهد السياسي والعسكري المواتي في دولة الجنوب.

التطور الآخر الذي يستحق الإشادة في مواقف وزارة الخارجية يتمثل في تصريحات كرتي حول تعيين أمريكا مبعوثاً جديداً للسودان فقد أبلغ كرتي وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أنه (إذا تعارضت مهمة المبعوث الجديد دونالد بوث مع مساعي وسيط الاتحاد الإفريقي (أمبيكي) فلن نعمل معه وأنَّ السُّودان سينظر في مهمة المبعوث إذا كان مهتماً بتحسين العلاقات مع السُّودان وإن كانت لديه خارطة واضحة للمساعدة في حلحلة الخلافات فحينئذٍ سنرحِّب به وإذا انصرف إلى قضايا أخرى فسننصرف عنه ولن يجد تعاوناً مع السُّودان).
لغة جديدة ربما لم نرَها في تعامل السُّودان مع أمريكا منذ سنوات طويلة فقد كان الذل والانكسار والانبطاح يُخيِّم على شأننا كله بدءاً بوفود التفاوض وانتهاءً بالوجوه الهاشَّة الباشَّة في استقبال المبعوثين الأمريكيين والأوربيين حتى وهم يرفضون زيارة رئيس الجمهوريَّة المتهم عندهم بارتكاب جرائم حرب مع التذكير بأنَّ من يستقبلون أولئك المبعوثين الأمريكان من المسؤولين السُّودانيين في مطار الخرطوم وهم يكادون يطأون الثريا فرحاً وسعادة باستقبال أولئك المبعوثين هم موظفون تابعون للرئيس البشير الذي يتأفَّف المبعوثون ويتعالَون عن لقائه في دولته!!

خبر ليس بعيداً عن وزارة الخارجية رأيتُ أن أقحمه هنا نظراً لأهميته القصوى هذه الأيام فقد نشرت (الرأي العام) وليس (الإنتباهة) خبراً يقول إن الحكومة المصريَّة صادقت على فتح مكتب للحركة الشعبية قطاع الشمال في القاهرة برئاسة نصر الدين كوشيب!!.
بالرغم من الموقف السلبي للحكومة السُّودانية من الانقلاب العسكري الصهيوني في مصر فإنَّ السلطات الانقلابية تتَّخذ مواقف معادية للسُّودان تماماً كما تفعل مع حكومة حركة حماس الفلسطينيَّة في غزة!!.
ياسبحان الله صدِّقوني إن قلتُ إن الحكومة الانقلابيَّة تشنُّ الحرب على نفسها وتتخبَّط تخبُّط العميان ولا أشعر بأن تصرفاتها الغريبة التي أستطيع أن أحصي منها الكثير ناتجة عن غباء أو قلة خبرة وإنما لأنَّ الله يسوقها نحو حتفها بظلفها وإلا فبالله عليكم كيف تنسى حكومة السيسي أنَّ السُّودان يستطيع أن يؤذي مصر إن هو انحاز إلى دول حوض النيل التي تطالب بإعادة النظر في اتفاقية مياه النيل أو قل إن هو انحاز إلى إثيوبيا في مشروع سد النهضة أو لو طالب بإخضاع قضيَّة حلايب للتحكيم الدولي؟!.
إنني على المستوى الشخصي أدعو على الدوام إلى تقديم الثابت على المتحرِّك والإستراتيجي على التكتيكي لكن حكومة السيسي المسمَّاة زوراً وبهتاناً بحكومة الببلاوي أو عدلي منصور تتصرف كما لو كانت دائمة بالرغم من أنَّ الإعلان الدستوري غير الشرعي يقول إنها حكومة مؤقتة لإنجاز مهام محدَّدة وأعجب أن تفكر بهذا الأسلوب الساذج رغم أنها تعاني من عزلة تُطبق على أنفاسها وبالرغم من أن أولوياتها الداخلية وهي تواجه عاصفة من الثورة الداخلية تحتِّم عليها أن تتحسَّس مواقع أقدامها قبل الإقدام على خطوات تجرُّ عليها مزيداً من العزلة وتجرُّ على مصر وبالاً وخيبة خاصة فيما يتعلق بالنيل شريان الحياة الذي بدونه تصبح شيئاً آخر غير مصر التاريخ والجغرافيا والحضارة الضاربة في أعماق التاريخ.[/JUSTIFY]

الطيب مصطفى
صحيفة الإنتباهة

‫2 تعليقات

  1. خليك في اللاسلكي بتاعك ده شنو الفهمك في السياسة؟؟انها سخرية القدر التي تجعل من مثل هذا الجهول يحدد مصير شعبنا في استمرار الحروب التي يعيش من فتاتها..انه حقا زمن الرويبضاء

  2. بارك الله فيك ايها الاستاذ. مصطفى الطيب. تظل احد الرجال المحترمين القلائل فى هذا الزمان الذين يقولون الحق ولا يخافون فى الله لومة لائم. ولا يضرك من شانك او اساء اليك فالى الله مرجعك ومرجعهم وانشاءالله يكون كله خصما من حسناتهم الى ميزان حسناتك. وفقك الله