تحقيقات وتقارير

الحكومة والقوى السياسية .. لزوم ما لا يلزم

[JUSTIFY]سارع حزب المؤتمر الوطني الحاكم الى إشراك الأحزاب السياسية في اتخاذ قرار رفع الدعم عن الوقود عقب مرور النصف الأول من موازنة العام الحالي بتسجيل عجز في الموازنة، وهي تحركات تأتي قبيل أيام من تطبيق العملية لاضفاء مظلة سياسية على القرار.
وتدعم الحكومة الوقود بـ4 مليارات جنيه سنويا لكنها تعتزم تقليص الدعم الى الصفر وأنفاق الأموال على الرعاية الاجتماعية ، وتأتي هذه العملية بالتزامن مع اجراءات تعتزم وزارة الرعاية الاجتماعية اتخاذها باعداد قاعدة بيانات للفقراء في السودان.

الا ان خبراء اقتصاديين يقولون ان الحكومة تريد تمرير قرار رفع الدعم وهي غير «مشجعة ومستعدة » للمضي قدما في الدعم الاجتماعي، ويقول الخبير الاقتصادي وأستاذ التنمية بجامعة الخرطوم عثمان البدري « الحكومة لاتعطي الأولوية للبند الاجتماعي ويقع في اسفل اولوياتها «.

لكن المؤتمر الوطني قال ان السلطة التنفيذية اعدت مصفوفة كاملة في عملية رفع الدعم عن الوقود وتترافق معه اجراءات تقشفية قاسية تطال الحكومة الى جانب التركيز على الدعم الاجتماعي للفقراء .

وعلى غرار عملية رفع الدعم في منتصف العام الماضي مضت الحكومة في اتخاذ خطوات فعلية في تطبيق ذات الاجراءات في النصف الثاني من العام الحالي، لكن الحزب الحاكم الذي دائما ماكان يميل الى طبخ قراراته بعيدا عن خصومه درج هذه المرة على اشراك احزاب المعارضة في مشاورات مكثفة لابلاغها بمبررات رفع الدعم عن الوقود وسط دعوات بعدم تطبيق القرار .

وكان وزير المالية علي محمود عبد الرسول ومحافظ البنك المركزي محمد خير الزبير قد اجريا لقاءات مكثفة مع الاحزاب المشاركة في الحكومة واحزاب المعارضة، وكانت ابرز تلك اللقاءات اجتماع وزير المالية مع زعيم حزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي الى جانب اجتماع كان قد عقده مع زعيم حزب الامة القومي الصادق المهدي بينما فشل اجتماع وزير المالية بسكرتير الحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب بعد ان رأى حزبه بان مبررات الاجتماع قد انتفت بعد ان اتخذ الحزب الحاكم قرارا مسبقا برفع الدعم عن الوقود وتطبيقه خلال ايام.
ولم يكن الحزب الشيوعي بمعزل عن دعوات الاحزاب السياسية بعدم اللجوء الى التدابير الاقتصادية، وطالب المؤتمر الوطني باشراك الاحزاب في القضايا بشكل كلي وجذري للوصول الى خارطة طريق متفق عليها لتفادي الاجراءات الاقتصادية، ودعاه للكف عن اللجوء الى الاحزاب في «وقت الشدة فقط».

لكن امين الامانة الاقتصادية بالمؤتمر الوطني حسن أحمد طه رأى ان عملية رفع الدعم اقتضتها ملحات اقتصادية قصوى وتوقع معافاة الاقتصاد حال تطبيقها مقرونة باجراءات تقشفية تطال الحكومة.

وقال طه في مقابلة مع «قناة الشروق» ان رفع الدعم ستقابله اجراءات تقشفية حكومية قاسية، لكنه قال ان الاجراءات التي تتعلق بتخفيض الدستوريين تحتاج الى فترات طويلة وتعديلات دستورية، وقال انه يؤيد قرار رفع الدعم بشدة وان الخطوات المتخذة في هذ الشأن كافية لكبح التضخم.

وقال طه ردا على مطالب بايقاف النزاعات المسلحة في ولايات دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق « ان الحكومة بادرت الى طرح عملية السلام في كافة المنابر وماتزال تتمسك بهذا النهج «.

ويتوقع خبراء اقتصاديون ان تفضي خطوات رفع الدعم عن الوقود الى ارتفاع اسعار السلع مقرونة بصعود نسب التضخم ، ونصحوا الحكومة باللجوء الى فرض ضرائب على ارباح الاعمال وتحسين البنية التحتية للمواصلات والنقل لتقليل الاعتماد على السيارات الخاصة من قبل المواطنين والاثرياء.

وقلل الخبير الاقتصادي واستاذ التنمية بجامعة الخرطوم عثمان البدري من نتائج البرنامج الثلاثي المعلن من قبل وزارة المالية، وقال ان من اهم اهداف البرنامج هو الدفاع عن العملة الوطنية والوصول بها الى 3 جنيهات مقابل الدولار الاميركي ولكن هذا لم يتحقق، واضاف « يجب تحسين البنية التحتية للمواصلات والنقل لتقليل الاعتماد على السيارات من قبل المواطنين وبالتالي تخفيض شراء الوقود المدعوم». وقال البدري ان الحكومة اتخذت اسهل الخيارات برفع الدعم عن الوقود على الرغم من وجود خيارات اخرى مثل التوسع في التحصيل الضريبي المباشر من ارباح الاعمال، لكنه حذر من الضرائب غير المباشرة على السلع لانها تؤدي الى زيادة الاسعار والتضخم.
وطالب البدري الحكومة باللجوء الى «اخذ حقنة الملاريا بدءاً بنفسها » والشروع في ترتيبات فورية بالتخلص من السيارات الحكومية وعدم صرف الوقود للمسؤولين عدا الاجهزة الامنية في الشرطة والجيش والامن ، ورأى ان انشاء اكثر من 40 وزارة في الحكومة بكامل هياكلها تسبب ثقلا كبيرا على الموازنة .

صحيفة الصحافة
محمد سعيد[/JUSTIFY]