تحقيقات وتقارير

الفتيات..الخروج عن البيت مغاضبات


[JUSTIFY]بين الفينة والأخرى تسجل مراكز الشرطة بعض الحالات لتغيُب فتيات عن منازلهن لأسباب مختلفة دون علم أسرهن… ورغم أنها لم تخرج عن كونها مجرد حالات محدودة وليست ظاهرة في مجتمع متماسك… ويتمتع بخصوصية عاداته وتقاليده… ولكن يبقى الوعي أساس التعامل معها ستراً وتوجيهاً وربما أكثر من ذلك شعوراً بالتقصير ومحاسبة النفس. ومن جهة فإنها تدق ناقوس الخطر في كل بيت يفتقد للترابط والحوار المتزن والمراقبة الواعية.
حرج اجتماعي
بعض المتابعين يشيرون إلى أن الباب يفتح على مصراعيه أمام فرص التعارف التى تتجاوز (الخطوط الحمراء) أحياناً… مع تعدد قنوات التواصل الاجتماعي (واتساب) (انستجرام) (الفيسبوك)… حيث تتحول من عالم (افتراضي) إلى (واقعي) يضع الفتاة وأسرتها داخل (نفق مظلم)… بدءاً من الحرج الاجتماعي الذي يجعلهم محط التساؤلات ومروراً بـ (الابتزاز) الذي يمارسه الشاب على الفتاة وأهلها من خلال مجموعة صور وتسجيلات، وانتهاءً برفض الأسرة لعودة الفتاة الهاربة إلى أحضانها… وذلك نظراً لحساسية الموقف.
قصص واقعية
طالبة جامعية ترى أن الحرج التي تتعرض له الأسرة يقابله وصمة توصم بها الفتاة طول العمر وإن كان سبب إختفائها مقنعاً… وذكرت الطالبة أن إحدى زميلاتها كانت قد اختفت لثمانية أيام وبعد عودتها أفصحت لأهلها عن سر خروجها وهو أنها قد أدانت أحدهم المال الذي أودعته والدتها لديها بغرض تسديد الرسوم الجامعية لأختها الصغرى… زميلتها (س.م) تشاركها الحديث مشيرة لأن (الضرب لا يفيد) وفيما ترمز إليه أشارت إلى أن إحداهن خرجت من المنزل لأن والدها كان يضربها صباح مساء حتى تقبل بالزواج من ابن عمها.
تنشئة خاطئة
وعن الأسباب التي تؤدي لهروب الفتيات تشير الباحثة النفسية معزة الفاضل في حديثها إلى أن بعض هذه الأسباب يرتبط بالأسرة والبعض الآخر مرتبط بالفتاة نفسها، مبينة أن الأسرة قد تكون عاملاً محفزاً لحالات الهروب بضعف اهتمام الأسرة بالفتيات، أو تعريضهن لضغوط أسرية متعددة؛ نتيجة لجهل الوالدين بأساليب التربية الصحيحة، كالتذبذب في المعاملة مثل القسوة الزائدة أو التدليل واضطراب الجو الأسري وانعدام التواصل بين أفراد الأسرة بشكل عام وبين الأسرة والفتاة بشكل خاص، وكثرة المشاكل الأسرية؛ مما يعزز هذا السلوك الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام والإنترنت التي غيّرت كثيراً من القيم الاجتماعية والدينية لدى الفتيات؛ مما يضعف من دور الأسرة وقدرتها على حماية أبنائها وبناتها. الفاضل تضيف أن من الأسباب المرتبطة بهروب الفتاة؛ ضعف الوازع الديني مضيفة أن الحرمان العاطفي سبب رئيس لشعور الفتيات بالإحباط والعزلة؛ مما يدفعها إلى الهروب، حيث تمثّل الأم المصدر الأساسي لذلك الإشباع، إلا أنه لوحظ في الآونة الأخيرة انشغالها عن توفير الحب والحنان لابنتها؛ مما اضطرها إلى البحث عنه خارج أسرتها… ويتفق محمد عبدالرحمن اختصاصي علم النفس مع ما ذكرته الفاضل من أسباب لهروب الفتيات… مؤكداً على أنها من القضايا الحساسة التي تواجهها بعض الأسر. وأضاف أن هناك أسباباً أخرى خارج نطاق الأسرة قد تتسبب في هروب الفتيات، ويجب أن ننتبه لها، وهي التغرير بها من الذئاب البشرية. حيث قد يضلل أحدهم الفتاة ويشجعها على الهروب؛ ممنياً اياها بوعود كثيرة، وأحلام زاهية، ومستقبل جميل، وهو في حقيقة الأمر يَكذب ويَستغلها وقد تُصدقهُ الفتاة وتهرب معه، مشيرا إلى أن الشريحة العظمي من الفتيات اللاتي قد يكن عرضة لمثل ذلك هن الفتيات في مرحلة المراهقة.
حلول مناسبة
وبيّن الباحث في علم الجريمة حمد الأمين أن معظم الدراسات في علم الجريمة خاصة عندما تتعرض لبعض جرائم الاغتصاب والابتزاز أو الهرب وكل جريمة لها علاقة بـ (البنات) لا يمكن بأية حال الجزم بصحة الإحصائيات فيها ودقتها… حيث يأتي تحفظ بعض الأسر من التقدم بشكوى أو بلاغ عن إحداهن بحجة العار أو الفضيحة. الأمين يشدد على ضرورة توعية الأسر بأهمية الترابط الأسري، وفتح قنوات الحوار وإرشاد أبنائهم ونصحهم لإتباع سلوك الطرق السليمة، وخلق الرقابة الذاتية، والمصارحة والشفافية في كل ما يخص حياتهن ويتعلق بها، إلى جانب أهمية الوازع الديني لدى الفتاة إضافة إلى ن الإحتواء المعنوي والمادي للفتاة وتفهم حاجاتها يقلل من حدوث مثل تلك الحالات
وعي مجتمعي
تأتي حالة تغيب الفتيات كمشكلة قائمة من المستجدات التي ظهرت في الآونة الأخيرة وفق ما يعلن عنه بين الحين والآخر… وعبر وسائل الاعلام… عبر (كوكتيل) ننشد وعياً مجتمعياً قبل أن تتحول إلى (ظاهرة) يصعب التعامل معها مستقبلاً.

الخرطوم: فاطمة خوجلي: صحيفة السوداني[/JUSTIFY]